الحصار الاقتصادي هو جريمة دولية تصب في إطار جرائم الإبادة الجماعية!
كتب: المحامي بشار الحريري / الجمهورية العربية السورية
قد يستغرب القارئ العنوان بل أنه سيستهجنه أو يتعجب لذلك، و هو يسأل نفسه: كيف يكون الحصار الاقتصادي من دولة أو مجموعة من الدول ضد دولة أخرى أو مجموعة من الدول هم أعضاء في المنظمة الدولية، الأمم المتحدة و لهم نفس الحقوق و متساوون فيها، و تتمتع بالسيادة الوطنية كما ينص على ذلك ميثاق الأمم المتحدة ( الذي هو حبر على ورق) حيث يخضع لمزاجية الدول الكبرى دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي من حيث التطبيق .
و لتوضيح ذلك ورفع الاستغراب و الاستهجان نبين ما يلي :
لقد نص قانون حقوق الإنسان الدولي على العديد من الحقوق نذكر منها :
– الحق في الحياة .
– الحق في الأكل والشرب .
– الحق في العلاج و التداوي.
– الحق في التعليم.
– الحق في العمل .
– الحق في مستوى ملائم من المعيشة :
فقد تناول الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لسنة 1948 في المادة 25 منه حق الإنسان في مستوى ملائم من المعيشة وذلك في الفقرة الأولى بالنص على :
(( لكل شخص الحق في مستوى من المعيشة كاف للمحافظة على الصحة والرفاهية له ولأسرته ويتضمن ذلك التغذية والملبس والمسكن والعناية الطبية وكذلك الخدمات الاجتماعية اللازمة، وله الحق في تأمين معيشته في حالات البطالة والمرض والعجز والترمل والشيخوخة وغير ذلك من فقدان وسائل العيش نتيجة لظروف خارجة عن ارادته )) .
بالنظر إلى ما ذكرناه من بعض الحقوق التي نص عليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ماذا سنجد ؟
و ما علاقتها بالحصار الاقتصادي؟ و كيف يكون الحصار الاقتصادي جريمة دولية تؤدي إلى الإبادة الجماعية؟
نجيب على ذلك بما يلي:
– إن الحصار الاقتصادي يستهدف الشعوب بشكل مباشر و هذا أمر لا لبس فيه .
إذ يستهدفه في قوته اليومي و في صحته و معيشته ….الخ حينما يمنع وصول المواد الغذائية و الصحية من أدوية و وسائل العلاج والاستطباب فهذا يستهدف الحق في الحياة، فحين يتم منع المواد الغذائية و الدواء و وسائل العلاج و الماء … عن الدولة المحاصرة اقتصاديا و هذه المواد هي أساس و مقومات الحياة فهذا سيؤدي إلى الموت حتما للأطفال و النساء و الشباب و الكبار بالسن و الموت هنا لا يستهدف فردا بذاته بل يستهدف أسرا و مجتمعا قائما بذاته و بالتالي الموت سيكون جماعيا لشعب بكامله!
– حق الإنسان في السكن : ألا يتطلب ذلك مواد بناء و ماء و كهرباء و وسائل تدفئة تقيه البرد القارس، و وسائل تبريد كالمرواح و المكيفات تقيه حر الصيف و ما ينتج عن البرد و الحر من أمراض قاتلة تستهدفه في حياته لا تفرق بين صغير و كبير وبين ذكر و أنثى! فضلا عن مواد الطاقة الأخرى كالمازوت و البنزين و التي هي اساسيات للإنسان في معيشته من متعلقات حقه في العمل ….
فحين يستهدفها الحصار الاقتصادي ألا يستهدف الإنسان في حقه في الحياة التي بمنعها سيؤدي بالإنسان إلى الموت ؟
– الحق في التعليم: ألا تحتاج المدارس إلى أبنية و خاصة إذا كانت دمرت في الدول التي تعاني ويلات الحروب و الإرهاب الدولي الذي ترعاه دول كبرى و هي من تمارس الحصار الاقتصادي على الدول الأخرى استنادا إلى قانون القوة ليس إلا. ألا تحتاج المدارس إلى اثاث، ألا تحتاج إلى وسائل تدفئة إلى التلاميذ، ألا تحتاج إلى وسائل تعليم متطورة كالكمبيوترات ….الخ .
فكل ذلك حين يتم منعه عن الشعب بموجب الحصار الاقتصادي السافر الخارق لقواعد قانون الدولي العام والمناهض لقانون حقوق الإنسان و القانون الدولي الإنساني
أليس بجريمة إبادة جماعية يستهدف الشعوب في حقها الطبيعي بالحياة و الذي ستكون نتيجته حتما الموت ؟!.
فالحصار الاقتصادي ليس إلا جريمة إبادة جماعية ترتكبها الدول الكبرى كالولايات المتحدة الأمريكية خارج نطاق الأمم المتحدة و خارج قواعد القانون الدولي إستنادا لقانون القوة العسكرية و الاقتصادية بحق الدول و الشعوب التي تعارض سياساتها المؤيدة للكيان الصهيوني .
و هذا هو حال العراق و سورية و اليمن و ليبيا و الجزائر و السودان …..الخ. و هو مصير الدول و الشعوب التي تعارض سياساتها.