أحمد محمد أبورحاب
مليكة هاشمي
يتم تحليل أدب الأطفال من الوجهة الإسلامية على أساس ما يحمله العمل الأدبى الموجه إلى الطفل من رموز وقيم وأحداث ومبادئ تحث عليها الشريعة الإسلامية ليس من الضروري أن تكون القصة من التاريخ الإسلامى أو عنوانها وأحداثها دينية حتى تعتبر قصة إسلامية ولكن المهم أن تحمل القيم والاخلاق والمعاني الإنسانية النبيلة والمبادئ الرفيعة لتصبح قصة إسلامية
وأدب الأطفال الإسلامى هو أدب أطفال، ولكن بمنظور إسلامي، أى بمنظور إسلامي شامل موجه لأطفال المسلمين ويحمل رسالة الإسلام العالمية إلى أطفال العالم أجمع وينقى مافى أدب الأطفال من كل مايتعارض مع مبادئ الإسلام وتعاليمه وأهدافه، كما يزيل الخرافات والأساطير التى تقوم على القوة الخارقة – التى لا وجود لها – من ثنايا هذا الأدب، كما يقوم هذا الأدب بتوضيح ما أحله الله، ليعرفه الأطفال، والتأكيد على ماحرمه الله
عزوجل، ليعرف الأطفال جوانب وأضرار المحرمات، ليتجنبوها، كما يقدم هذا الأدب تصوير عاما لحياة المسلم الحقة، وأخلاقه الجمة، وصفاته وعاداته وتقاليده الإسلامية الرائعة. أى أن كلمة إسلامى التى تلى أدب الأطفال هى صفة تحدد بدقة شكل ومضمون وطريقة تقديم هذا الأدب لأبناء المسلمين على وجه الخصوص.
(فأدب الأطفال الإسلامى هو تقديم أدب لأطفال المسلمين خصوصآ وأطفال العالم بصفة عامة، بصورة إسلامية، تجسد حياة المسلمين وشعائرهم وعاداتهم وأوامر ربهم ونواهيه، وبطولات رجال المسلمين الأوائل وسيرة المصطفى عليه الصلاة والسلام، وكل القيم والأخلاق الإنسانية العامة التى تحبذ الفضيلة، وتقضى على الرذيلة، وبذلك فأدب الأطفال الإسلامى بجسد الصورة الحقيقية للإسلام والمسلمين، فهو نوع من الأدب الإسلامى، ولكنه أدب إسلامى متخصص وموجه إلى فئة معينة من فئات المسلمين خاصة، والإنسانية عامة وهم الأطفال)
ويتوجه التحليل الإسلامى للأدب إلى الإجابة عن عدة تساؤلات :
-هل لغة العمل هى لغة القرآن…. اللغة العربية السليمة، ولاتوجد ألفاظ دخيلة.
-هل تتضمن القصة فيما وأخلاق وفضائل يحث عليها الإسلام
-هل يحتوى مضمونها على تعاليم تناقض مافى الإسلام من قيم وفضائل
-هل تحث القصة على سلوكيات جيدة، كالشجاعة والإقدام، وعلى صفات حميدة، كالأمانة والانتماء والالتزام
-هل تستمد القصة من التاريخ الإسلامى، أو الإنسانى العام
-هل يتضمن الأدب الموجه إلى الطفل سيرة شخصية أسهمت فى تعزيز الإسلام على وجه الأرض، أو يوما من أيام الإسلام الخالدة
-هل يتحدث الأدب عن شعب من الشعوب بصورة لا تشوه شكل الإسلام أو المسلمين، وعن تاريخهم وعاداتهم
-هل يناقض مضمون أدب الطفل المحرمات والحدود الإسلامية، أم يتعارض مع ماأحله الله للناس كافة
-هل يؤكد مضمون الأدب الموجه إلى الطفل السمات الروحية فى نفس الطفل، أم يتعارض مع ذلك بتأكيد القيم المادية
-هل تبدد القصة وقت المسلم بالخرفات، أو الخروج عن طاعة الله، أو شاكل ذلك أم تدعوه إلى الابتكار وخدمة البشرية
-هل تدعو القصة إلى التفكير فى ملكوت الله، وفى مخلوقاته، وإلى تأمل الكون الواسع، وكيف خلقه الله
-حقوق المسلم وواجباته فى ظل المبادئ الإسلامية.
كل تلك الأسئلة مقومات للتحليل الإسلامى لأدب الطفل الذى برز فى السنوات الأخيرة من التسعينات من هذا القرن، وأصبح ظاهرة فى الأدب الإسلامى بصفة خاصة، وفى الأدب العربى بصفة عامة، وساد العالم الإسلامى كله، وذلك رغم أن الدراسات الميدانية أثبتت أن من الكتب التى يميل إليها الأطفال جاءت القصص الخيالية فى المرتبة الأولى بنسبة 30٪ بينما جاءت القصص الدينية فى المرتبة الرابعة بعد التاريخ والعلمى بنسبة 14٪ وفى المكتبات جاءت الكتب الدينية بنسبة 5٪ من المواد المقروءة بعد العلوم والتكنولوجيا والتاريخ والهوايات
ونحب أن نؤكد أن هذا الاتجاه فى التحليل ظاهرة صحية لأن مضمون مايقدم لطفل اليوم فى العالم كله ينبع من الفلسفات التى ينبثق عنها المجتمع صاحب أدب الطفل، ولابد من أختيار ما يناسب الطفل من الأدب العالمى الموجه إلى الطفل وما يتوافق مع آمال المجتمع وتطلعاته، ونحن فى مجتمع إسلامى، فلابد أن تحكمه الإسلامية بلا شطط، ولاجنوح، لأن سمة الإسلام هو الوسطية.الطفل صفحة بيضاء، له خيال واسع يرفرف به بعيدا خاصة في ظل التطور التكنولوجي، و تفتح الطفل بعمر مبكر على وسائل الاعلام والاتصال، ففي ظل التطورات القائمة اصبح على الكتاب ان يواكبوا هذا الانفتاح، لكن رغم ذلك تبقى القيم الأخلاقية و الاسلامية مقوما أساسيا و عنصرا هاما في أدب الطفل، من خلال ترسيخ السلوكات الحميدة و الصفات النبيلة والممارسات و التعاملات الاخلاقية عن طريق قصص الأطفال التي يطغى عليها الخيال الجامح لإرضاء فضول الطفل، و رغم هذا فإن ذلك يتطلب ان يكون في القصة جانبا اخلاقيا يصقل موهبة الطفل و ينمي تفكيره وينيره، فالجانب الاسلامي يبقى و يظل ركيزة جوهرية يتم اعتمادها في ادب الطفل مهما كان موضوع القصة و طبيعتها.
ان اضفاء القيمة الاخلاقية على ادب الطفل يعد خطوة مهمة نحو تعديل سلوكه وضبط تصرفاته و اخلقة افكاره من خلال تعزيز الشعور الديني الوجداني عن طريق تنمية الحس الجمالي والخيالي لديه، ففي ظل انشغال الوالدين وكثافة البرنامج الدراسي ، وقلة اوقات الفراغ لدى الطفل فانه اصبح هناك تراجع ملحوظ في ارتياد المدارس القرانية بوتيرة منتظمة رغم تعاظم اهميتها في وقت تطغى عليه الافات الاجتماعية، وهو ما يجعل الكتاب امام تحدي اكبر، ويفرض عليهم ضرورة الاجتهاد والبحث لجذب اهتمام الطفل وحثه على المطالعة من خلال ابتكار توليفة متناسقة منسجمة تشبع فضوله وتوسع خياله وادراكه وتنمي في الوقت ذاته ثقافته الدينية والاسلامية بأسلوب سيق وممتع لا يشعر من خلاله انه ينتهج التلقين والالقاء، بل يحس انه يحلق بخياله و يكتسب تلقائيا موردا ثقافيا ودينيا ، فجيل اليوم صار من الصعب ارضاؤه بالطرق التقليدية القديمة ، فرغم ان الطفل يدرس التربية الاسلامية منذ الصغر الى غاية المرحلة الثانوية ليتوسع فيها كعلوم شرعية الا اننا نجد انه لم يستلهم الكثير من الجانب الاسلامي المعتمد في المناهج التربوية، كون الطفل بتفكيره المنطقي السطحي يعتبره مجرد مادة تستوجب التحصيل العلمي الجيد عن طريق الحفظ والتكرار الآلي للمعلومة دون ان تترسخ بذهنه، لذا فإن هذه البرمجة الفكرية لدى الطفل تجعله لا يجسد ما اكتسبه من علوم اسلامية على ارض الواقع ولا يتحلى بالاخلاق الدينية التي يدعو إليها الدرس ، وهنا يصبح على الكتاب المختصين في ادب الطفل مسؤولية كبيرة تمكنهم من ترسيخ القيم الاسلامية التي جاء بها ديننا في ذهنية الطفل لتتحول الى سلوك فعلي ، وذلك عن طريق الاخذ بعين الاعتبار التغيرات و التحولات الطارئة والراهنة التي تكون شخصية الطفل و تبلور ذهنيته من خلال احتواء خياله و فضوله و الحس الجمالي لديه بأسلوب جديد بعيدا عن التلقين، فقد تجده يميز بين السلوكات المشينة والحميدة لكنه لا يطبق ما درسه باعتباره درسا نظريا اجبر على تلقيه، فتتسع الفجوة بين ما يعيشه و يتعلمه و بين خياله الواسع الذي اصبح على الكاتب ان يعمل على استقطابه
زر الذهاب إلى الأعلى