كتب/خطاب معوض خطاب
الأستاذة “صفاء عبد المنعم”: “قديما كانت المناهج بسيطة، وكان المعلم صاحب ضمير، وولي الأمر يساعد المعلم في التربية، وكان الطالب يعلم أن التعليم هو الملاذ الوحيد له”.
الدكتورة “إيلارية عاطف”: “كانت للمدرسة مكانتها، وللمعلم مركزه المرموق، وكان يهابه الطالب، ويحترمه ولي الأمر”.
الأستاذ “محمد زغلول”: “لابد من عودة هيبة المدرسة والمعلم، ويجب أن يلتزم الطالب، وأن يساند ولي الأمر المدرسة ويدعمها”.
الأستاذة “لمياء محمود”: “مدارسنا تنقصها الإمكانيات، والمدرس وولي الأمر شريكان في مسئولية تكوين شخصية الطالب”.
أصبحت مشكلة التعليم حاليا هي الشغل الشاغل لجميع الأسر المصرية، فالجميع يتحدثون عن حال مدارسنا حاليا ويقارنون بينها وبين حالها قديما.
فأولياء الأمور يتهمون المدرسين بأنهم لم يعودوا مثل المدرسين قديما، والمدرسون بدورهم يتهمون أولياء الأمور بأنهم السبب فيما يحدث لأنهم لم يعلموا أبناءهم فضل وقيمة ومكانة المدرس.
وحتى نقترب من هذه المشكلة التي نعاني منها جميعا كان لمجلة “سحر الحياة” هذا اللقاء مع أربعة من المدرسين، التقيناهم بصفتهم كانوا من طلاب الأمس، وكذلك لأنهم أصبحوا من مدرسي اليوم، وسألناهم ثلاثة أسئلة، وهي:
1_بصفتكم كنتم طلابا بالأمس ومعلمين اليوم، ما هو وجه الشبه والاختلاف بين طالب الأمس وطالب اليوم؟ وكذلك بين معلم اليوم ومعلم الأمس؟
2_مدارسنا بالأمس أخرجت لنا العديد من العظماء في مختلف المجالات، فماذا ينقصها اليوم لتفعل ذلك؟
3_ما هو في رأيكم دور المعلم والطالب وولي الأمر لكي ترتقي العملية التعليمية؟
في البداية التقينا الأستاذة “صفاء عبد المنعم” القاصة والروائية وعضو اتحاد كتاب مصر، والباحثة في التراث الشعبي، ومديرة مدرسة أبو الفرج الإبتدائية، والتي قالت:
إنه منذ الستينيات وإلي الآن في سنة 2019 مر ما يقرب من ستين عاما اختلفت الحياة اختلافا كبيرا، فالتعليم في الماضي كان يركز علي التلميذ، وذلك لأنه كان محور العملية التعليمية، وكانت المناهج من البساطة بحيث يستطيع أن يدركها الطالب المتوسط، وتعطى فرصة للطالب المتفوق أن يكون أمامه فرصة كبيرة، وكان المعلم صاحب ضمير، ولم تتفش فكرة الدروس الخصوصية، أو المجموعات، أو انتشار السنتر الذى أصبح بديلا عن المدرسة حاليا.
وكان ولي الأمر يساعد المعلم في عملية التربية، وهو عكس ما يحدث حاليا، فقد كان ولي الأمر يقول للمعلم أمام ابنه: “اكسر وأنا اجبس”، ولذلك فقد كان العلم بالنسبة للطالب هو الملاذ الوحيد، وهو المخرج للاختراق الطبقي، فكان يجتهد لكى يصبح طبيبا أو مهندسا لكى يرتقي ويصبح له قيمة وقامة في المجتمع.
ولكن الآن اختلفت المسألة تماما وخصوصا بعد الانفتاح الاقتصادي الذي أعطى فرصة لبعض التجار بعمل هذا الاختراق، وتم تكوين طبقة جديدة في المجتمع تسمي “النيو ريتش”، لا يهمهم العلم بقدر ما تهمهم المادة والثراء.
ومع سفر بعض أصحاب المهن الحرة “الصنايعية” إلى الدول العربية بعد حرب “أكتوبر 73” وتكونهم لثروة فقد هبط سوق العلم، وأصبحوا هم من يملكون المال، فأصبحت نظرة المجتمع للعلم في تغير، ومع الوقت سمحت الدولة بانتشار المدارس الخاصة، فضربت بذلك فكرة التعليم الحكومي.
وقديما كان يجلس في الفصل الواحد ابن الضابط والمهندس والموظف والعامل، ولكن بظهور هذه الطبقة المختلفة ثقافيا انتشرت أفكار جديدة ومتعددة، فهناك المدارس الدولية واللغات والخاصة العادية والحكومية، لذا أصبح هناك تعددية في الأفكار واختلاف في المستويات، وظهرت النظرة الدونية والنظرة المتعالية، وأصبح هناك جيوب ثقافية متعددة داخل نسيج المجتمع الواحد.
ومع ازدياد الأسعار وارتفاع مستوى المعيشة وزيادة الاستهلاك، وانعدام أمل المعلم في الإعارة الخارجية إلى إحدى الدول العربية، لم يعد أمامه أي أمل في زيادة الدخل إلا الدروس الخصوصية، وساعد في ذلك تكدس الأطفال داخل الفصول.
وفي بعض المدارس حاليا الفصل الواحد يوجد به ما لا يقل عن 90 تلميذا وأكثر، وربما يصل إلى 120، فكيف يستطيع التلميذ أن يكون متفوقا دراسيا؟! وهذا بالإضافة إلى إهمال الأسرة تربية الأبناء، كما أن الدولة قد ساهمت أيضا في ذلك بشكل كبير.
ثم التقينا الدكتورة “إيلارية عاطف” رئيس قسم الدراسات الإجتماعية بمدارس النيل، والمدرب المعتمد بالأكاديمية المهنية للمعلمين بوزارة التربية والتعليم، ومقدمة البرامج التعليمية بالتليفزيون المصري، والتي قالت:
إن طالب الأمس كان يتسم بالأخلاق الحميدة، وكانت العلاقة بينه وبين المعلم قائمة على الاحترام المتبادل.
وفي الحقيقة لا يوجد وجه شبه بين طالب اليوم وطالب الأمس، فقد كانت للمدرسة مكانتها، وكان للمعلم مركزه المرموق، وكان يهابه الطالب ويحترمه ولي الامر، ليس لخوفه بل للمكانة التي كان يتمتع بها المعلم في نظرهم، فالمعلم كان رمز القدوة الحسنة والسيرة الطيبة والمثل العليا.
والان يوجد بيننا الكثير من زملائنا المعلمين يحملون تلك الصفات، ويغرسون في نفوس أبنائنا القيم الحميدة، ولكن للأسف الشديد فقد أصبح ولي الأمر يتدخل في العملية التربوية والتعليمية، والمؤثرات الخارجيةبالفعل تعرقل طريق المعلم، فما يزرعه المعلم في سنوات تهدمة أغنية هابطة لمطرب أو ممثل فاشل.
وأخيرا فإن المعلم يعمل ضمن منظومة إذا انصلحت انصلح حال المجتمع كله.