بقلم : صفاء القاضي
اضحك تضحك الدنيا لك , مقولة سمعناها كثيرا بل عشناها فعندما نضحك فعلا نشعر أن الدنيا تضحك لنا ويتفتح لنا المغلق وتنفرج أسارير الحياة .
لولا الضحك لبدت الحياة كئيبة خالية من الروح وتلك الكآبة لا تأتي إلا بالأمراض .
فالكآبة والحزن يميتان القلب ويقذفان بالعمر إلى بئر مظلم لن تجد منه مخرجا .
الكآبة هي مرآة الحزن يرى فيها نفسه ويتجسد مسيطرا بدموعه وسلبيته وملامحه المؤلمة .
لكن الضحك هو مرآة السعادة تنظر فيه وتجد نفسها في ابتهاج أساريره معلنة المرح والبهجة في المكان .
وقد قرنت السعادة دوما بالحب والمشاعر الدافئة الفياضة التي تجعل القلب نفسه يبتسم .
قال إيليا أبو ماضي :
أحبب فيغدو الكوخ قصرا نيرا
وابغض فيمسي الكون سجنا مظلما
وهو ينصح في تلك القصيدة أن تكون أنت المبادر بالسعادة والجالب لها وأن تخلقها من داخلك ثم تعتنقها وتؤمن بها ويقول أيضا :
كن بلسما إن صار دهرك أرقما
وحلاوة إن صار غيرك علقما
فكيف تكون بلسما لدهر أرقم , وكيف تكون حلاوة وسكرا إذا كان الآخر أمامك مرا وعلقما .
إنه الضحك…الذي يمكنك من تلك القوة إنه الدواء والشفاء ولا أبالغ في هذا فقد انطلقت حديثا علاجات تعرف بجلسات العلاج بالضحك لتعالج أمراضا جسدية ونفسية وعصبية واجتماعية .
فجلسات العلاج بالضحك لاقت رواجا كبيرا بعد أن لمس من جربها ذلك التحسن ودعمت عوامل الشفاء
ولا فرق بين أنواع الأمراض التي يعالجها الضحك فهو هنا طاقة تنبعث من الروح وتشع في الجسد فلا تترك عضوا إلا وتنفرج أساريره من الضحك ويتأثر إيجابيا وينطلق نحو الشفاء .
إن أول ما يفعله الوليد هو البكاء حين يواجه الدنيا لكنه وفي خلال أيام فقط بعد أن تتضح أمامه معالم الحياة قليلا ويشم رائحة أمه وعبقها ويميزه جيدا يتعلم أن يبتسم ويمنحك أساريرا مبتهجة في الصباح الباكر ثم تتحول ابتسامته إلى ضحكات وضحكات عالية وكأن هناك من ينتزع منه الضحكات القوية بنكات وأحداث كوميدية ويمكن أن يكون هذا في نومه أو يقظته وكأن الضحكات الممنوحة له بلا سبب ظاهر لنا هي بمثابة مضاد حيوي أو علاج روحي فنجد الطفل العاجز عن فهم أي شئ في الحياة قد فهم الضحك ومارسه وأطلق القهقهات العالية منحة إلهية للطفل وهذا ينبهنا إلى فوائده الجمة العظيمة .
وإذا تحدثنا عن تلك الفوائد للكبار والصغار نجدها متعددة وعلى الجانب الجسدي والنفسي فلا تتعجب إذا علمت أن ضحكتك الحلوة لها العديد من الفوائد مثل :
أن الضحك يحد من ارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب , يقوي جهاز المناعة , يخفف من حدة الألم عن طريق رفع مادة الاندروفين , يفيد مرضى الربو وإلتهاب الشعب والحساسية , يجعلك تبدو أصغر من عمرك ويحافظ على الشباب , ينمي من قدراتك الإبداعية , يزيد من مرونة أوعية القلب , يحفز عوامل الإيجابية لديك والإقبال على العمل والإنتاج .
بعد أن تقرأ كل تلك الفوائد الهامة والتي لا تحصى ولا تعد انطلق الآن ( اضحك كرر أوعى تفكر ) لأن من يضحك يرى الدنيا حلوة زي السكر
فالدنيا لا تكون جميلة إلا بالضحك .
اطلق موجات الضحك العارمة وأغرق الآخرين فيها فالضحك هو وجه الحياة المرح وهو الدواء الشافي جسدا وروحا فلماذا لا نسعى إليه ونلتمسه حتى ولو كانت الحياة حزينة أو تدعو إلي البكاء .
يقول جبران خليل جبران : لا تستطيع أن تضحك وتكون قاسيا في وقت واحد .وتلك هي أهم فائدة من فوائد الضحك ألا وهي أن الضحك يطرد القسوة ويمنحك اللين والمحبة والعطاء …
وتذكر دائما أنك إن ضحكت تضحك الدنيا معك وإن بكيت بكيت وحدك .
فإن واجهتك الأحزان يوما واقتلعت المصاعب ضحكتك وتوالت عليك الخيانات لا تستسلم وتذكر قول جبران : كأنما الحياة رغم فواجعها بقيت نكتة هائلة لا تستحق منا بعد البكاء إلا الضحك .
فهل يبالغ جبران هنا عندما واجه الفواجع بالضحك ..؟
أعتقد أنه لم يبالغ إنما قد وجد لنا الحل المضمون و المرفأ الآمن لمواجع وانهزامات الحياة .
اضحك يا صديقي فالضحك دواء رخيص في ظل موجة غلاء الدواء والعلاج وجشع الطبيب المداوي …
لا تحزن وابحث عن الضحك في عمق الحزن فربما انتصرت عليه بذلك السلاح .
التمس الأمل في عمق الفقد والحرمان , وقدم الحياة لنفسك ولكل من يستحقها
فالضحك هو شريان الحياة .
حال لغتنا العربية في ظل السياسات الخاطئة للحكومات العربية !