كتب/خطاب معوض خطاب
د. محمود حافظ إبراهيم دنيا واحد من العظماء المهمشين في مصر، فهو وبحق يعد ظاهرة متفردة في مسيرة مصر العلمية واللغوية والثقافية، فقد جمع بين كونه أول مصري في التاريخ يتخصص في علم الحشرات، وكونه رئيسا للمجمع العلمي المصري، وكونه رئيسا لمجمع اللغة العربية بالقاهرة الذي يطلق عليه “مجمع الخالدين”، ومع ذلك ربما لا يعرفه أو يسمع به إلا قليلون في مصر.
وهو من مواليد يناير سنة 1912، ووالده حافظ إبراهيم دنيا كان أحد مشاهير ثورة 1919، فقد أنفق كل ثروته في الجهاد ضد الاحتلال البريطاني، وفي خضم أحداث ثورة الشعب المصري قاد ثورة أهالي فارسكور بدمياط على الاحتلال، كما أعلن انفصال فارسكور عن مصر المحتلة في ذلك الوقت، وأعلن نفسه ملكا على مملكة فارسكور المستقلة، واستمرت هذه المملكة تتمتع باستقلالها عن سلطة الاحتلال البريطاني طوال ما يقرب من 100 يوم، حتى احتلها الإنجليز مرة أخرى.
وفي هذه البيئة المفعمة بالوطنية المفرطة نشأ د. محمود حافظ إبراهيم دنيا، والذي ألحقه والده بالكتاب ليحفظ القرآن الكريم كاملا، وواصل دراسته حتى التحق بكلية الطب، والتي ترك الدراسة فيها بعد 3 شهور والتحق بكلية العلوم، والتي نبغ فيها وعين فيها مدرسا بعد تخرجه فيها سنة 1935، وأوفد في بعثة علمية إلى جامعة لندن والمتحف البريطاني.
وقد تدرج في المناصب بكلية العلوم حتى أصبح وكيلا للكلية، ثم أصبح وكيلا للمجلس الأعلى للبحث العلمي، فوكيلا لوزارة البحث العلمي، ود. محمود حافظ إبراهيم دنيا هو مؤسس علم الحشرات في مصر، وله العديد من المؤلفات العلمية والكتب المترجمة، كما أنه ألقى العديد من المحاضرات في الجامعات الأمريكية والأوروبية والأفريقية والآسيوية.
وقد التحق بمجمع اللغة العربية بالقاهرة كعضو في سنة 1956، وبعدها بسنوات تم انتخابه نائبا ثم رئيسا للمجمع، فكان هو أول خريج لكلية العلوم يرأس مجمع اللغة العربية، كما تم اختياره عضوا ثم نائبا ثم رئيسا للمجمع العلمي بالقاهرة، فتفرد بالجمع بين المنصبين، كما أنه كان أيضا أمينا عاما لجمعية الهداية الإسلامية، والتي كان يرأسها فضيلة الشيخ محمد الخضر حسين شيخ الأزهر الشريف السابق.
وقد تم تكريمه وتقديره من الدولة المصرية ومن دول عديدة على ما بذله من جهد لخدمة العلم واللغة العربية، حيث حصل على جائزة الدولة التقديرية في العلوم سنة 1977، كما منحته هيئة بحوث وزارة الزراعة الأمريكية شهادة تقدير، وكذلك منحه مركز البحوث البحرية الأمريكية شهادة تقدير أخرى، كما حصل على وسام الإستحقاق من الكبقة الأولى سنة 1977، ووسام الدولة للعلوم والفنون من الطبقة الأولى سنة 1981.
ود. محمود حافظ إبراهيم دنيا لقب بلقب رجل القرن، لأنه عاش قرابة 100 عام، وقد احتفظ بذاكرة قوية وعقل واع لما يدور حوله وهو في هذه السن، ولكن بعد اختراق المجمع العلمي بالقاهرة في الأحداث التي جرت يوم 17 ديسمبر سنة 2011، أصيب بانتكاسة صحية وتوفي بعدها بستة أيام، وتحديدا في يوم 22 ديسمبر 2011، وقبل أن يتم 100 عام بأيام قليلة.
زر الذهاب إلى الأعلى