كتب/سليم النجار
متابعة/لطيفة القاضي
الرواية ؛ هو القاسم المشترك الأكبر بين المرأة والرواية . كلاهما من مواليد القهر والتهميش ؛ تعلما من بعضهما البعض أن الحرية ليست أسطورة ذكورية تسعى إلى إنعاش تقاليد التبعية .
هذه الأساطير والرموز والأسماء التي تكرّس مفاهيم محدّدة اتجاه الروائية كحصرها في قوالب جنسوية . وكأن هذا القالب أراد منه كشف وهج سِرّ مقارعة تحرر المرأة من قوى الظلام ؛ الذي رسمه المفهوم الذكوري ؛ وعلى المرأة التحرر من هذا الظلام الموهوم ؛ واستلهام فكرة كتابة الرواية من هذه القوانين الإبداعية التي تم بثها كوعي ثقافي تنويري . وكانت هذه الثقافة ؛ وما تحمله من رموز ومعاني ؛ ضرورة للكاتبة الروائية ؛ ويصيف إليها ؛ وهي تمر بتجربتها الشخصية ؛ وتجربة مجتمعها معاً . وربما هذه الأسطورة الذكورية ؛ هي اسطورة خصوبة والنماء لثقافة القهر للمرأة ؛ أسطورة الجفاف والموت ؛ ثم الحياة المتجددة ذكورية وغلبة على خصوصيتها . والمرأة الروائية التي انبعثت من ملاحظة الذكورة والعلاقة الوطيدة بين حياة الإنسان وحياة الذكورة ؛ خاصة الموت والبعث من جديد . الموت ؛ لثقافة الذكورية ؛ والبعث لميلاد روائية تحرر من قيود أوهام الحرية الذكورية . صحيح أنه لم يكن سهلاً على الأذن العربية أن تألف الروائية بعد أن تعودت على قرأة الرواية الذكورية . ويستخدم الوعي الذكوري الحرية للمرأة كخلفية للسرد ؛ أو كأشارة الى حديث ؛ أو عن الغضب ؛ أو من أجل السرد بعفوية دون ظوابط او للشجن ؛ او للتذكر ؛ أو للنسيان ؛ او للفرح ؛ أو لكسر الصمت ؛ أو للصمود في الوضع الصعب ؛ أو لطرد الخوف ؛ أما المرأة كخلفية لكل هذه المفردات الاجتماعية فهي التي تسهم في التماهي مع السرد الذكوري ؛ والذوبان به .
كان طبيعياً ان تستخدم المرأة الروائية / الحالمة مخزون الذاكرة الذكورية لكشف هذا التوظيف ؛ والتي هي في الحقيقة وإن كانت نسبية صفات المحاولة والتمرد لحد ما .
وبما أن الرواية بيطبيعتها تساؤلٌ نقدي حول الافتراضات الأسياسية التي نسلم بها تسليًما ونبني أنساقَنا الفكرية دون أن نسلط عليها النقد . لأننا درجنا على الاعتقاد ان مجرد كتابة المرأة الرواية ؛ قد نالت حريتها ؛ وهي صورة مثالية تقدم لنا الوقائع بطريقةٍ محايدةٍ غير نزيهة بالمعنى الأخلاقي . ومن تكرار هذه الطرائق الذكورية تؤدي بنا إلى تكوين فروض عامة ترتبط بعض الظواهر الذكورية كأنها حقيقة مسلمة بها .
لذا الروائية الكاتبة الحالمة ترفض هذا الفرض الذكوري المسبقّ وهي محاولةٌ غير عابثةٌ لأنها تمضي في حقيقة الأمر ضد الطريقة التي يتم بها الفهم . ومن السذاجة أن نفترض ان ما هو حقاً ذكورياً واضحاً وضوحا مرئيا . بل إن تعريف ما نفترض وضوحه الذكوري هو نفسُه شيءٌ يقوم على حشدٍ غير مرئي من الفروض المسبقة ؛ تلك الفروض الحاضرة العتيدة في كل بناء تأويلي يُشَيِّده المؤَوِّل الذي يظن نفسَه ( الذكر ) موضوعيًا وبريئًا من الفروض المسبقة . لقد أماطت الكاتبةالروائية اللئامَ عن هذا الحشد من الفروض المسبقة القائمة في كل تأويل روائي ذكوري . أنه في حقيقة الأمر لا تأتي إلى الرواية الكاتبة كملاحظة سلبية محايدة ؛ بل تولد بتوقعات أو ميول فطرية للدفاع عن ذاتها وآدميتها وعن وعي ودارية . واهم ما يميز الروائية قدرتها على ان تجعل سردها تدافع عنها كخطاب ؛ وليست بالنيابة عنها ؛ ففي الحالة هي صاحبة رسالة ؛ وفي الحالة الثانية تكون تابعة وهي مرفوضة بطبيعة الحال من قبل الكاتبة . وإن كانت الكاتبة / الحالمة تتقن سرد الحكاية ؛ حكاية وجعها الإنساني وبأشكال مختلفة ومتنوعة ؛ سنقرأ رواية إنسانية غير مغرمة او مولعة بالجنسوية .
زر الذهاب إلى الأعلى