في تمام الواحدة بعد منتصف الليل، كان ماهر قد انتهى من قراءة ذلك الكتاب الملعون الذي عثر عليه بالصدفة وسط مقتنيات جده الذى رحل عن العالم منذ سنوات طوال، كان كتابا غريب ومثير للفضول لما يحويه من أسرار وفنون السحر وتسخير الجان واستحضار الأرواح، حمل ماهر الكتاب الذي كان عمره يمتد لمئات الأعوام وقرر أن يقرأه بالكامل حتى أنه اختلى بكتابه منذ الرابعة عصرا وانتهى منه للتو …
وضع بجواره مذكراته وخط فيها بيده أهم ما ورد بالكتاب من تعاويذ وشروط طرق استحضار الجان والشياطين من العالم الآخر حتى يتسنى له تنفيذها متى شاء، لكن فضوله دفعه إلى تجربة إحدى الطرق، لكن الشروط صعبة ..
كانت أهم شروط استحضارهم أن يحضر كأسا من الحبر السلطاني , كأسا من الخمر وأن يحكم إغلاق الغرفة ويجلس على غير طهارة فى الغرفة المظلمة ثم يبدأ فى قراءة التعويذة لاستحضار ذلك الملك العتي الذي حصل على طريقة استحضاره من الكتاب اللعين ..
قرر أن يغلق الكتاب ويخفيه مع مفكرته حتى ينعم بقسط من الراحة ويكمل الشروط فى اليوم التالى ليرى إذا كان سينجح أم لا ..
احضر ماهر في اليوم التالي كل ما طلب لاستحضار ( طرطاميش ) وهو واحد من أعتى ملوك الجن، أغلق الغرفة وأظلمها وبدأ فى تلاوة تعاويذه بعدما تجرع كأس الخمر ودقق النظر في فنجان الحبر السلطاني الموضوع أمامه ..
ظل على حاله لمدة ساعة كاملة لكن طرطاميش لم يحضر، غلبه النعاس وفي اليوم التالي أعاد الكرة لكن دون جدوى ليقضى أسبوعا كاملا يراجع الطريقة وينفذ الشروط لكن الجني لم يحضر ..
في يوم الجمعة الأخير من هذا الأسبوع الذي بائت خلاله كل محاولاته بالفشل, استعد ماهر لأن ينفذ الشروط كاملة هذه المرة، أحكم إغلاق الغرفة وبدأ يتلو التعويذة .
فجأة اهتزت الغرفة وشعر ماهر بحرارة الغرفة ترتفع والنافذة تفتح بقوة وكأن أحدهم دفعها بقدمه، اتجهت عينه نحو النافذة ليجد مخلوقا عجيبا لم يتحمل النظر اليه فسقط مغشيا عليه …
غاص ماهر في غيبوبته التي انتفض منها على يد أحدهم تداعب خده محاولة إفاقته ..
فتح ماهر عينيه ليتفاجأ بوجه ذلك المخلوق العجيب أمام عينيه فتعالت صرخاته، التي لم تبرح أن تخرج ليكتم هذا المخلوق فمه ويحدثه بعنف ..
– أوعى تصرخ هتفضحنا وهنتحرق قوم ( فز ) هنا وكلمني ..
ارتعدت فرائس ماهر فهم واقفا وتراجع للخلف مرتعدا ..
– إنت مين ؟!!..
نظر إليه الضيف بحنق ..
– أنا طرطاميش اللي بقالك أسبوع بتحضرني غلط ..
تعجب ماهر فتساءل مسرعا .
– ولما أنا بحضرك غلط إيه اللي جابك ..؟؟
اشتد غيظ طرطاميش …
– ما أنت مفرهدني معاك بقالك أسبوع عمال تقرأ التعويذة غلط وكل ما تبدأ فيها اركب الحلنبوحه واستعد للظهور ليك وأول ما أقرب من باب اوضتك تغلط في التعويذة وأرجع تاني، وشاغلني وملطمني وراك بقالك أسبوع وأنا راجل كبير مش حمل فرهدة
قلت أجيلك أشوفك عاوز إيه عشان ترحم أمي ..
ماهر وقد شعر بحجم بالمصيبة التي فعلها :
– طب ياعم خلاص أنت متعصب ليه، أوعدك يا عمو مش هعمل كده تاني ..
– مش هتعمل كده تاني، آه منا عارف أنت ناوي تعمل إيه ناوي تعمل تعويذة تانية، خلي بالك التعويذة اللي بعد دي تعويذة شمهورش وده لما عرف اللي أنت عملته فيا كان ناوي يجيلك هو، ودا خلقه ديق ولو عتر فيك يفلقك أنا قولتلك أهو ..
ماهر وقد هدأ قليلا :
وهي التعاويذ اللي في الكتاب دي غلط ؟؟.
– شكلك عاوز ترغي، ناولني طفاية السجاير اللي عندك دي وكوباية مية ؟.
أسرع ماهر وأحضر كوبا من الماء مع طفاية السجائر ..
امسك الجني بكأس الماء وتجرعه وأشعل سيجارته وتمدد في كرسيه ثم نظر إلى ماهر ..
– تحضير الجن ده له أصول يا ابني مش كل واحد قراله تعويذة هيحضر عفريت ..
ماهر مقاطعا ..
– لقد قرأت رواية رعب كان الكاتب يحذر القراء من قراءة التعاويذ وأنه غير مسئول لو حد ركبه جن ..
– أهي العالم دي اللي هزقتنا وضيعت سمعتنا وسط الخلق يا عم ماهر وخلو عيل توتو زيك كده يتجرأ ويحضرني ..
– من غير تريقة ياعم أنت الكلام ده صح ولا غلط ..
– غلط طبعا يا ابني، أنت كنت بتحضرني ليه ؟..
– ليك عندي 7 طلبات ومشوفش خلقتك تاني ..
صمت ماهر يفكر في أول طلب لينطلق مسرعا ..
– عايز مليون جنيه ..
اعتدل طرطاميش في جلسته بعدما سمع الرقم واشتد سعاله من أثر السيجارة ثم نظر إلي ماهر ..
– هو أنت البعيد معندكش نظر شايفني جايلك راكب لاند كروزر؟!!، دا أنا جايلك راكب الحلنبوحة يا ابني، يا ابني أنا سالف أجرة السكة وشاري سجاير فرط وكليوباترا كمان ..
ماهر بعد أن يغشاه الحزن ، أمال ياعم أنت عفريت لزمتك إيه، يعني أنا حضرتك بالغلط وكمان تجيني راكب البتاعة اللي بتقول عليها دي وشاري سجاير فرط، شكلك كده عفريت نص كم ولا ليك لازمه
– يا لااااااا متعكش في الكلام ياض لاشقك , دا أنا ملك ياض، بس شفلك طلب تاني غير موضوع الفلوس ده عشان العالم كلها بتكح تراب ..
صمت ماهر قليلا ثم أجابه ..
– يبقى مديحة بقى ..
– مين مديحة دي ؟!..
– دي حب عمري بس مش بتحبني، عاوزك تخليها تحبني ..
ابتسم العفريت ..
– ايوة كده هو ده الكلام المظبوط مديحة هتحبك وهتبقي زي الخاتم في صباعك انا مسميني هناك طرطاميش الحساس من كتر ما أنا رومانسي اديني بس فرصة كام يوم أراقبها وأعرف لك نقط ضعفها عشان أقولك على الداخله الصح يا صاحبي ..
هكت أنا بقى عشان متاخرش، معادنا الجمعة الجاية في نفس الميعاد بس أبقى جهزلنا علبة بوكس وضبط القاعدة ..
عنيا يا أبو العفاريت ..
لملم طرطاميش ملابسه واعتلي النافذة ثم لاح لماهر بيده ..
– ليلتك زي الفل ..
قالها وانطلق ..
يتبع…
زر الذهاب إلى الأعلى