كتب/خطاب معوض خطاب
الشيخ محمد صديق المنشاوي شقيق الشيخ محمود صديق المنشاوي يعد واحدا من عظماء وزعماء دولة قراءة القرآن الكريم، وحينما أصف القراء المصريين بأنهم بمثابة دولة فهذا ليس تحيزا مني لهم، ولكنها الحقيقة التي شهد لهم بها العالم كله.
فالقراء المصريون هم الأشهر والأكثر شعبية على مستوى العالم، ولقد من الله على مصر بوجود هؤلاء القراء العظام فيها دون غيرها من البلدان، فمثلا من ذا الذي يضارع الشيخ محمد رفعت؟ ومن ذا الذي يشابه الشيخ عبد الباسط عبد الصمد؟ ومن ذا الذي ينازع الشيخ محمود خليل الحصري؟ ومن ذا الذي يوازي الشيخ محمد صديق المنشاوي؟
فالشيخ محمد صديق المنشاوي الملقب بسفير السماء، وصاحب الصوت الخاشع الباكي، نشأ في أسرة قرآنية، فقد كان جده السيد المنشاوي من حفظة القرآن الكريم، ويمتلك مكتبة قرآنية ضخمة، ووالده الشيخ صديق المنشاوي كان واحدا من أكبر علامات التلاوة والإنشاد في الصعيد، ورفض كل الإغراءات التي عرضت عليه لكي يترك الصعيد ويذهب إلي القاهرة حيث الشهرة والثروة، وأما عمه الشيخ أحمد السيد المنشاوي فقد عرض عليه أن يكون مقرئ الملك فاروق، وأن يتولى قراءة القرآن في القصر الملكي، ولكنه اشترط تعطيل كل مقاهي مصر عن العمل وقت إذاعة تلاوته، وبالطبع كان هذا الشرط صعبا بل من المستحيل أن ينفذ.
ففي هذا البيت القرآني ولد الشيخ محمد صديق المنشاوي، وتحديدا في يوم 20 يناير 1920، وهو حفظ القرآن في الحادية عشرة من عمره علي يد الشيخ محمد النمكي، ودرس علوم التلاوة وفنون التجويد والقراءات علي يد الشيخين محمد أبو العلا ومحمد سعودي، وقبل أن يتم الخامسة عشرة من عمره كان قد تمكن من كل فنون التلاوة والتجويد، وانطلق بعدها يحيي المناسبات الدينية والعزاء في كل مديريات الصعيد، لتنفجر شهرته بأسرع من البرق، وذلك لطريقته الجديدة في التلاوة والتي تجمع بين حلاوة الأداء وخشوع الصوت والشجن الذي يصل بهذا الصوت مباشرة إلي قلوب سامعيه.
وطل صوت الشيخ المنشاوي لأول مرة وبشكل رسمي عبر أثير الإذاعة المصرية بعد اجتيازه الإختبار أمام اللجنة المشكلة لذلك من كل من الشيخ محمود شلتوت ود.محمد عبد الله دراز والشيخ عبد الفتاح القاضي مدير معهد القراءات بالأزهر والشيخ علي الصباغ شيخ المقارئ المصرية والشاعر محمود حسن إسماعيل مدير البرامج الثقافية بالإذاعة والأستاذ محمد حسن الشجاعي مستشار الموسيقي والغناء بالإذاعة ومحمد محمود شعبان مراقب التنفيذ بالإذاعة.
ومن الملكات المبدعة لدي الشيخ المنشاوي قدرته الفائقة علي تجسيد المعاني في الآيات التي يقرأها وتوصيلها لقلب المستمعين بصورة تفوق الخيال، وبسبب تفرده وتميزه في القراءة فقد انهالت عليه الدعوات كثيرا من السعودية وسوريا والكويت وليبيا والعراق وفلسطين وباكستان وإندونوسيا وغيرها.
ومن العجيب أن يتم تكريم الشيخ المنشاوي في العديد من البلدان الإسلامية في حياته، وألا يتم تكريمه في مصر إلا عام 1992، أي بعد وفاته بثلاث وعشرين سنة، حيث توفي في يوم 20 يونيو سنة 1969.
زر الذهاب إلى الأعلى