كتبت / غادة عبدالله
العالم مليء بالفرص، لكن أغلب الناس يأتون ليغرفوا من ينابيع الحياة حاملين مصفاة في حين كان بوسعهم أن يأتوا بسيارة ذات خزان ضخم، ويأتي البعض بملعقة صغيرة بدلاً من مغرفة أو جاروف مثلًا، إنهم يتوقعون القليل، ولذلك يحصلون على القليل” كما يقول (بن سويتلاند)، ولأن العالم كما يقدّم الرحيق للنحل بكل سرور، يقدم ثروات واسعة ووفيرة من الجمال والفرح والفرص لأولئك الذين توقعوا الخير والجمال والفرح بهذه الوفرة، بينما يترك المجال للباحثين عن المشاكل والتعاسة والشقاء ليبحثوا عن مطلبهم وما توقعوه أو انتظروه.
شديدي التحيز إزاء ما نؤمن به
نكون متفائلين بصورة مُفرطة حيال الأشياء التي نريد حدوثها، ما يدفعنا إلى بناء توقعات خاطئة نابعة في أغلب الأحيان من تجاربنا السابقة، فإننا عندما نتلقى معلومات جديدة فإننا نظن أنها لا تختلف شيئًا عما مررنا به في السابق، ولذا نصبح شديدي التحيز إزاء ما نؤمن به، ما يقودنا في نهاية المطاف إلى توقعات خاطئة تصيبنا باليأس والإحباط، لأننا في أغلب الأحيان لا نضع في حسباننا بعض العوامل المؤثرة الأخرى مثل تقدمنا في السن، أو أننا نعيش الآن في ظروف مختلفة عن تلك التي عشنا فيها من قبل.
سيئون في جمع البيانات
قد تكون هذه المهمة شديدة السهولة بالنسبة لأجهزة الكمبيوتر، وأنظمة الحواسيب الإلكترونية التي تتمكن من جمع المعلومات والبيانات وتحليلها بسهولة شديدة، ومن ثم تقدمها لنا على طبق من فضة، ولكننا لا نستطيع القيام بهذا الشيء بمفردنا.
انظر على سبيل المثال إلى أسلوب البشر في توقع أحوال الطقس، وفقًا لتقرير نشرته مجلة (سلايت) فإنه لتحديد ما إذا كانت بلدتك مُعرضة لتساقط الثلوج، فإن خبراء الأرصاد يضطرون إلى أن يضعوا في اعتبارهم درجة الحرارة على الأرض، درجة الحرارة في الغلاف الجوي، ونسبة سائل الثلج أي ما يعني مقدار السائل عندما يقترح بالهواء، وكيف ستندمج الثلوج ذات الضغط العالي أو المنخفض مع قوى الغلاف الجوي، خلاصة القول هي مسألة شديدة التعقيد وتحتاج إلى بذل مجهود خارق، ويبدو في بعض الأحيان أنه يفوق قدرة البشرة ويصعب عليهم فهمه.
بإمكانك تطبيق مسألة توقع أحوال الطقس تلك على مسائل شتى في حياتنا، من أجل التوصل إلى توقعات جيدة، وكي نتمكن من التنبؤ بالمستقبل بصورة صحيحة، فإننا سنكون مُضطرين إلى القيام بعملية تحليل وجمع البيانات سوف تكون مُعقدة وشديدة التركيب، وهو ما لا نفعله في كثير من الأحيان.
غير أننا في أغلب الأحيان لا نهتم بالبيانات والمعلومات الحقيقية الموثوق فيها، عوضًا عن ذلك، فإننا نعتمد على معتقداتنا وأفكارنا غير الحقيقية من أجل اتخاذ قرارات تكون في أحيان كثيرة خاطئة.
عوامل رئيسية
أحيانًا نجد صعوبة في معرفة أي من القوى تلعب الدور الأقوى والأكثر أهمية في الموقف الواحد، على سبيل المثال، في عام 1911، تنبأ توماس أديسون أن المنازل في المستقبل سوف تكون مليئة بالأثاث المعدني، وهو ما استحسنه كثيرون وقتذاك، خاصة وأن المعادن مادة متينة وغير مكلفة ويسهل العثور عليها، ولكنه أغفل أن البشر لا يميلون إلى هذا النوع من الأثاث لأن مظهره لن يكون جذابًا، علاوة على أن الأثاث المعدني لن يكون مُريحًا، وربما مؤلم جسديًا.
وبالتالي، يجدر القول إن توقعاتنا تخوننا في بعض الأحيان، لأننا نغفل عن بعض العوامل الرئيسية والتي ربما لها تأثير كبير على ما يجري حولنا، ما يعني أن التنبؤ بتوقعات قابلة للتحقيق يحتم حاجتك إلى المزيد من القوة الذهنية، ويتطلب ذلك وجود الكثير من الجلوكوز في أدمغتنا.
كيف نُحسن التوقعات؟
يستبعد العلماء والباحثون أن تتحسن قدرة الأفراد على التوقع، ويقولون إن إدراكنا للتحيزات ومعرفتنا بالحقائق لن تساعدنا فجأة على نتيجتها جانبًا، ما يقودنا إلى توقعات يمكن تحققها مع مرور الوقت، فيما يُشار إلى إمكانية الاعتماد على التكنولوجيا لمساعدتنا على التعرف على إخفاقاتنا في الماضي، وبالتالي تعطينا لمحة أفضل عما يحمله لنا المستقبل.
فيما يقترح آخرون احتضان عدم اليقين، وهي مسألة يقوم بها المتنبئون في أغلب الأحيان بشكل سيئ، ويستخدمونها باعتبارها أمرا واحدا من بين العديد من النقاط التي يمكن الاعتماد عليها لرؤية المستقبل بصورة أفضل.