قد كانت وكانت وعاشت وراحت وجاءت، كانت لها القُدرة على توصيل ما تريده بنظره من عينيها ونحن لها طائعين، كثير من التفاصيل الحياتيه تعلمناها رغماً عنا في وقتها،
أما بعد مُرور عشرات السنين أيقنا أن لولا الكم الهائل من التنبيهات والتفصيلات الصغيرة تلك ما أصبح لنا أفكارٌ راسخة واتجاه واضح في الحياة وبصمة مميزة كلما ذهبنا وأتينا،لم نرى بأعيننا تراكم السنين عليها مع أننا نراها عين اليقين،ولكن الفارق هنا هو الحماسه والنشاط والشبابالذين لم يخفتوا أبداً برغم الكِبَر،والطاقة التي كانت تنشُرها في كل شيئ حولها برغم المرض الذي لم يثنيها عن إتمام النظافة وحُسن التنظيم لكل ما حولها والإنجاز لكل ما يُطال يدها برغم الإرهاق الشديد، كل هذا جعلنا دائماً نشعُر أننا مازلنا صغار وتقوم هي بالتوجيه ولا يجرؤ أحدٌ فينا أن يتخطى تحبيكاتها كما كُنا نُطلق عليها مع أننا أصبحنا أمهات وآباء وكلٌ شؤوننا نُسَيرها ونُديرها قدر المستطاع على أكمل وجه،
ولكن معها وفي وجودها فهى الآمره ونحن لها طائعين .
وفجأة ترحل وبدون أي سابق إنذار ولا أدنى معرفه،وقتها فقط أدركنا أنها كَبُرت، ووهنت،ومرضت ، وماتت، لذلك فكرة الموت والرحيل ووقوعه يصبح شيئ لا يستطيع العقل بل يرفض تصديقه.
من هنا نطلق جرس إنذار لجميع الأبناء …. أجِلوا أمهاتكم ، أنظرو كثيراً في عينيها،وأمعِنوا النظر لكل تفصيلة في وجهها،ولون شعرها، وأصبابع يديها التي وضع الزمن عليها بصماته أنصتوا جيداً إلي صوتها قبل أن تبحثوا لها على أي تسجيل قديم لصوتها على هواتفكم كي تحتفظو به،إستمتعوا بضجيجها، أضحكوها، حاولوا أن تُدخلو السرور إلى قلبها قبل فوات الأوان …… ليس أكثر من بعض كلمات هي التي تُرضيها، الأن وليس غداً وليس بعد ساعة
مَن يدري ماذا سيحدث خلال هذه الساعه! ولا تنتظرو يوماً في السنة حتى تبُثو لها ألطف الكلمات ….. وارد جداً أن تطير وتهاجر في ثوانٍ معدودة، ووقتها لن تملكوا إلا أن تقولو…
كانت جميلة وكل أعمالها لنا كانت جليلة
وكل عام وكل الأمهات بألف خير وصحة
زر الذهاب إلى الأعلى