أنا الذي اختارني ناب الحرب من بين جوعين الحب والفقر ،وأدْعت الأقدار أن أحلامي عصية حتى على القراءة ،فارتقت روحي بترهات مثقوبة لفرط تدويرها.
عرفت أن جيوب الدرب خاوية ،نزفت يقيني مرارا وفاوضت الصدأ، وقبل الموت بشهقة اكتمل النصاب وزاد على الخراب خراب.
لكن برغم كل ما يقال فمشاركة الألم تجعله عادلا وقابلا للطي في ملفات القدر..الصمت ،العزلة وتمرين الروح على الفقد . ..
فجأة يصير للموت لون واحد وللحزن طعم واحد فجأة يلبس العهر ثوبا شفافا وتتكاثف أبخرة الخوف فوق المرايا فتختفي الوجوه .
يبدو الموت بهياً بلا مواربة..يبدو بكامل أناقته وهو يداهم القصور والأغنياء حتى ولو كان ذلك على سبيل المواساة الخادعة ،يبدو الموت رحيماً وأنت تقضي اختناقا بين فك الصبر ومجانية اليقين .
أنا السوري الذي مت قبل الموت وضحكت على مصائبي حتى سالت دموعي أخبركم أنني مازلت أزرع وأغني بينما أكدس أكياساً من الملح في مدارات الجراح واختلق معجما للحب وفهرسا للأمل وجواز سفر للأبدية…أنا السوري ترجمان الحياة حتى وان كنت أصافح الموت.
الكاتبة الروائيه.جهينة علي العوام
زر الذهاب إلى الأعلى