حياة الفنانين
د.محمد لبيب “الثقافة هي المعرفة الحقيقية التي تغذي العقل بعصير الأدب و الفنون و العلم”
أجرت الحوار/د. لطيفة القاضي
إخراج / ريما السعد
●الأدب هو ضمير والكاتب هو بوصلة هذا الضمير
●الأدب الروائي و القصصي يعبر عن واقع
●الحب عند الرجل هو نصف الرجولة
●في أعمالي دائما أخاطب المشاعر
●الكاتب المبدع يترجم الواقع الثقافي للمجتمع
يمتلك خبرة ثقافية أدبية و فكرية عالية . ،اقترنت مسيرته بالعديد من النجاحات و التتويجات على المستوى العلمي والأدبي ،فانصبت رواياته على محاكاة، و بوح للمشاعر، و الحب الحقيقي الذي منتهاه العشق .
أ.د. محمد لبيب هو أستاذ علم المناعة كلية العلوم جامعة طنطا ، و المشرف العام على مركز بحوث تنمية إقليم الدلتا التابع لأكاديمية البحث العلمي و التكنولوجيا.ضيف سحر الحياة
العالم المعروف البروفسور محمد لبيب ،من أين جئت إلى الرواية و أنت عالم في علم المناعة ،كيف بدأت معك رحلتك في كتابة الروايات ،و الخواطر ، ومن الذي شجعك و ساندك لإخراج ما بك من فنون أدبية؟
بدأت منذ الصغر دون أن أدري حيث كان مدرس اللغة العربية دائما ما يثنى على موضوعاتي التعبيرية و ذات يوم حضر مفتش اللغة العربية و طلب من التلاميذ أن يرتجلوا شفاهيا قصة تروي أحداث رحلة و قد رشحني أستاذي للارتجال و الإلقاء و قد نلت الكثير من الإعجاب والتقدير وقتها, تبعتها مجرد خواطر عن حرب أكتوبر حيث كان أخواتي في الحرب و قد أبدى الجميع من العائلة و المدرسين التشجيع و الدعم المستمر لكتاباتى مما أثر بشكل ملحوظ علي أسلوبي الأدبي حتي المرحلة الثانوية والجامعية خاصة بعد التخرج من خلال نشر الخواطر الشعرية والنثرية في مجلة الحائط التي كنت أديرها بنفسي والتي نالت إستحسان الجميع. وعندما سافرت للدراسة إلي اليابان لمدة 5 سنوات وأمريكا لمدة 10 سنوات تأثرت جدا بمشاعر الغربة والحنين فكانت الكتابة هي ملجأي. ومن حسن حظي أنى جمعت تلك الخواطر وما زلت أحتفظ بها حتي الآن. ونتيجة لدراستي العلمية وحبي للأدب فقد عشقت التعبير عن الظواهر العلمية بأسلوب أدبي والعكس وقد ظهر ذلك في أول عمل أدبي لي وهو رواية “وقت للبيع” والتي تم نشرها فى 2014.
هل الإبداع الروائي في نظرك هو تعبير عن واقع نحن نعيش فيه، أم هو خيال و حلم جميل يتمنى الكاتب ان يعيشه، أم هل هو استحضار ماضي جميل بعيد عن خيبة الأزمنة الجديدة في حياة الإنسان ؟
بالفعل هو تعبير عن الواقع فالأدب الروائي والقصصي يعبر عن الواقع سواء بطريقة مباشرة صادمة أو غير مباشرة. والكاتب المبدع عليه أن يحرص دائما من خلال أعماله أن يترجم الواقع الثقافي للمجتمع ويبرز بصمتة الزمنية من الموروثات الثقافية والعادات والتقاليد بأسلوب أدبي راقي فالأدب هو ضمير والكاتب هو بوصلة هذا الضمير .
الأستاذ الدكتور محمد لبيب ، و ما الكتابة إلا هي تعبير عن تناقضات عديدة ،و متباينه داخل النفس البشرية ،و هي أيضا ترجمة ثقافة اجتماعية لمجتمع ما ،هل هذا التعريف يطابق موهبتك للإبداع الروائي؟
بالفعل فالأدب الروائي والقصصي يعبر عن تناقضات المشاعر التي تعاني منها النفس البشرية مثل الحزن والسعادة الغني و الفقر والخير والشر. والكاتب يعبر عن هذه المشاعر بطريقة تجعل القارئ يعيش تلك المشاعر ولكن بأسلوب إبداعي غير واقعي حتي وإن انعكست على العمل السمة الشخصية للكاتب فهو في النهاية إنسان مبدع.
ما هو دور الثقافة اليوم في تصوركم؟
الثقافة هي غذاء الشعوب المتحضرة وهي الحبل السري الذي يربط الروح بالقلب والعقل . فالثقافة هي المعرفة الحقيقية التي تغذي العقل بعصير الأدب والفنون والعلم حتي يستطيع فهم وإدراك حقيقة الإنسان وسبب وجوده علي الارض وتميزه عن باقي المخلوقات . والإبداع هو الطريق المهد للثقافة ليستطيع عامة الناس المشي عليه بسهولة وتشوق واستمتاع.
في روايتك “العشق الحلال” لقد استخدمت تشبيهات تخدم المواقف في الرواية فانعكس على الرواية فزادتها لمعانا ،فهي مجموعه من القصص القصيرة التي تعبر عن مكنون الحب الذي يجده الإنسان أما صدفه ،أو مع القدر، هل توجد واحدة من هذه القصص تعبر عنك انت ،او أثناء كتابتها قلت هذه قصتي للأسف؟
على عكس الرواية والتي تعتمد أحداثها على شخصية محورية واحدة فإن المجموعات القصصية يميزها أن كل قصة تعبر عن موضوع واحد يخدم الفكرة العامة وراء المجموعة وهذا ما حرصت عليه في مجموعة العشق الحلال في استخدام تشبيهات وأحداث ومواقف بعينها لنشر ثقافة العشق الحلال من خلال حب الحبيب والحرص على مشاعره ولو كان على حساب مشاعر المحب. ولكن بالطبع تحتاج هذه الثقافة إلى تمرين من الحبيب والمحب على التعبير عن المشاعر وعن احترام مشاعر الآخر. فأنا أؤمن أن المشاعر تحتاج إلى تمرين مستمر . أما ككاتب فأحياناً أرى نفسي في بعض الأحداث ولكن كقارئ بالتأكيد تمنيت أن أكون البطل في بعض القصص التي تشبهني .
كيف ترى الرواية المصرية اليوم، هل نحن في زمن الروايات؟
الرواية المصرية اليوم في مرحلة مخاض فما زال الكثير مطلوبا من الكتاب الكبار والشبان للعمل علي جعل الروايات جاذبة لجميع الاعمار بعيدا عن مواقع التواصل الاجتماعي التي للأسف اصبحت مهيمنة علي العقول. وأرى أن العصر الذي نعيشه يمثل فرصة رائعة للكتاب والقراء للعودة إلي زمن الروايات التي تشكل الوجدان والمشاعر بعيداً عن حالة جفاف المشاعر التي أصيبت بها بسبب أمراض التكنولوجيا .
البروفسور الكبير المعروف الدكتور محمد لبيب، كيف تجد الوقت لكي تكتب الروايات و أنت عالم و مخترع و لك العديد من براءات الاختراع و العديد من الأبحاث العلمية التي تخدم البشرية بشكل إيجابي و فعال؟
إدارة الوقت هي سر البقاء مبدعا . أنا أكتب كل يوم كلما واتتني الفرصة ودائما ما أجد الفرصة خاصة قبل النوم وعند الاستيقاظ من النوم وفي رحم الليل والسكون تكون أقصي أوقاتي في الكتابة حيث أعتبر هذا الوقت من اليوم ملكي أنا وليس الاخرين . وعندما أكتب في الادب أكتب وكأني باحث وعندما أكتب في العلم أكتب وكأني أديب .
أحيانا ينحاز الكاتب إلى الواقع ،فما هي اللحظة التي تشعر بها بأنك على وشك الانفجار الداخلي، و التمرد على الواقع ،فتطلق العنان إلى خيالك الروائي، و تعيد العالم من جديد؟
كلما عانى الزمن من تناقضات صارخة خاصة المتعلقة بوجدان ومشاعر وحقوق النفس البشرية كلما شعرت أني على وشك الانفجار وساعتها أهرع إلى قلمي لأجعله ينفجر بكلماتي . والعكس تماما قد أشعر في لحظة صدق وحنان أراها أمامي أني ينبوع من الإنسانية فأهرع إلى قلمي ليعبر عن تلك اللحظات الرومانسية أو الإنسانية على وجه العموم. فالقلم في يد الكاتب أحيانا يكون بركاناً وأحياناً أخرى يكون نهراً عذب فرات.
ما بين أول رواية قدمتها ، و آخر رواية كتبتها ،ماذا ترى الفرق بينهما ؟
أول عمل كانت رواية وقت للبيع وأحدث عمل منشور رواية الرصاصة الجينية وما بينهما أشعر اني قد نضجت أدبيا و اكتسبت خبرة كبيرة في تناول المواضيع ولكن ازدادت لدي درجة الشعور الرومانسية والواقعية جنبا إلى جنب حيث أصبحت أكثر تحديدا للواقع الذي أكتب عنه أو الرومانسية العقلانية التي ابحث عنها. وأنا فخور جدا بأن أعمالي تخاطب المشاعر الإنسانية أيا كانت نوع المشاعر. فعلي سبيل المثال فى آخر عمل وهو رواية الرصاصة الجينية عبرت عن المشاعر الإنسانية المرتبطة بواقع محدد وهي الفساد ومعركة الفاسدين مع الصالحين بطريقة بأسلوب أدبي مغموس بخيال علمي يوظف لصالح أحداث وفكرة الرواية.
هل اتعبتك الحياة، و ما هو رأيك في الحب ،وهل للحب سن معين؟
نعم أتعبتني الحياة ومن منا لا تتعبه الحياة فقد خلق الانسان فى كبد ودائما نعاني من مشاعر الوحدة و الغدر و الفراق و الرحيل والظلم والغربة والحنين. وبالطبع تلك المشاعر هي ترمومتر قلم الكاتب وإبداعاته لجعله يعبر بصورة تسعد القارئ. …..
أما عن الحب , فالحب هو أجمل ما في المشاعر الإنسانية فالحب عند الرجل هو نصف الرجولة وعند الفتاة هو كل الأنوثة . والحب لا يعترف بعمر ولا زمان ولا مكان فالحب فوق الأعمار والأزمنة والأمكنة – الحب حالة تعيشها كل القلوب النابضة وبدون الحب تموت القلوب فمن يريد أن يحيا فعليه بالحب ولو كان من طرف واحد فيكفي أن تكون محبا حتى ولو كنت لست حبيبا .
كلمة “شكر، و عتاب ، اشتياق، محبة، كلمة أخيرة”؟
شكراً لكل قرائي لمساندتهم وتشجيعهم وثناءهم على أعمالي فالكاتب بدون قراء ليس له وجود. وشكراً لكل من ساندني من أهلي و زملائي و طلابي و دعموني بقلب صادق.
كلمة عتاب:
أعتب على أهل الإنتاج الفني لأنهم لا يلقوا بالاً بالأعمال الجيدة التي تعبر عن الواقع بأسلوب راقي فمعظم المعروض حاليا على الساحة من الأعمال لا يرقى إلى المستوى الذي يليق بنا فالفنون تشكل وجدان الأجيال خاصة أجيال التكنولوجيا فعلينا تزويدهم بالغذاء الروحي والأعمال التي تعزز المبادئ والقيم والعفة والمشاعر الإنسانية بعيداً عن الإجرام والعنف والجنس والسطحية. أيضا أعتب علب الشباب لانصرافهم عن القراءة و عدم انتقاء الأعمال الجيدة وهم قادة ومستقبل الغد .
كلمة اشتياق:
أشتاق إلى الطفولة بقوة حيث البراءة المطلقة وأتمنى كتابة عمل عن مرحلة الطفولة ببراءتها وجمالها و نقاءها , واشتاق إلى كل لحظة جميلة يكتبها القدر لي في الحاضر والمستقبل .
كلمة محبة:
أتمنى أن تسود مشاعر المحبة والمودة بين الناس حتى وأن وجدت الخلافات فلا يجب أن تطغى على المحبة وأنا في أعمالي دائماً أخاطب المشاعر الإنسانية .
كلمة أخيرة :
أوجه كلمة لوالدي و والدتي فدائماً ما أتذكر دعواتهم لي أن يرزقني الله بالعلم و الأدب وكأن الله استجاب لدعواتهم وهذا من فضل رب علي. كما أوجه كلمة لأولادي يارا وزياد وكريم فبدنوهم يصبح قلبي فارغ بلا حب .
وخالص الشكر للإعلام عامة ولحضرتك خاصة على الاهتمام بالمبدعين وتقديم أعمالهم أمام الجمهور العربي .
“طارق الشناوي “مبارك اهتماماته الفنية ضئيلة لكنه ليس معادياً للفن .والسينما طول عمرها