كتب/خطاب معوض خطاب
مأساة الأستاذ شادي أبو يوسف المحتجز حاليا بغرفة العزل بمستشفى العجمي بمحافظة الإسكندرية تعد واحدة من مآسي فيروس كورونا المستجد “Covid_19” المحزنة والتي تبين لنا أننا حاليا في حرب فعلية مع هذا الفيروس الذي لا يرحم.
فلم يتخيل شادي أبو يوسف الحاصل على الماجستير في مجال تدريس اللغة الإنجليزية لغير الناطقين بها من جامعة ليستر بالمملكة المتحدة يوما أن يحدث له ما حدث، فما حدث له يفوق أي تخيل أو تصور، ولا يحتمله إلا من رزقه الله تعالى نعمة الصبر والتحمل.
فقد فوجئ شادي أبو يوسف بمرض أحد أشقاء زوجته وارتفاع في درجة حرارته وتم تشخيص حالته بأنها نزلة شعبية حادة، وبعده بأسبوع أصيبت والدة زوجته وابنها الآخر أيضا بالمرض وارتفعت درجة حرارتهما، وتم تشخيص حالتهما هما أيضا على أنها نزلة شعبية حادة.
ولأن شادي أبو يوسف رجل يتصف بالشهامة والطيبة فقد سمح لزوجته السيدة فاطمة الحطاب وهي حامل في شهورها الأخيرة برعاية والدتها وشقيقيها، والقيام على خدمتهم أثتاء مرضهم الذي طال واشتد عليهم.
ولأنها حامل ومناعتها شبه منعدمة، فقد أصيبت فاطمة الحطاب التي لم تبلغ سن الأربعين بالمرض، وارتفعت درجة حرارتها وأصيبت بضيق في التنفس، وشخص الأطباء حالتها على أنها نزلة شعبية حادة، وظلت تعالج على هذا الأساس لمدة أسبوعين، وعندما ساءت حالتها بادر زوجها بعمل أشعة على صدرها فوجدوا التهابات شديدة على الرئتين، وبعدها ذهب بها إلى مستشفى الصدر، حيث أجروا لها التحاليل ووقتها عرفوا أنها قد أصيبت بفيروس كورونا المستجد “Covid_19″، وعلموا أن والدتها وشقيقيها أيضا مصابين بنفس الفيروس وأنهم نقلوا العدوى إليها بينما كانت ترعاهم.
وتم عزل والدتها وشقيقيها، بينما نقلت هي إلى مستشفى العزل بالإسكندرية، حيث وضعت على جهاز التنفس الصناعي نظرا لحرج حالتها، فهي حامل وتوشك على وضع جنينها، ولأن زوحها شادي أبو يوسف مرافقا لها طوال رحلتها مع المرض من بدايتها، فقد أصيب هو أيضا بالعدوى، حيث هاجمه الفيروس بضراوة وظهرت عليه أعراض المرض، وتم حجزه بنفس المستشفى المحجوزة بها زوجته.
ولأن المصائب لا تأتي فرادى، فقد وضعت فاطمة الحطاب بنتا وهي في العزل، وبعدما وضعت الأم تدهورت حالة الصحية، وهكذا تم عزل الأب والأم والوليدة في نفس المستشفى كل في غرفته، ولأن قدر الله نافذ فقد توفيت الزوجة التي أصيبت بالفيروس وهي حامل، ثم ولدت وهي في العزل، ثم شاء الله أن تموت البنت الوليدة، قبل أن تلقى أمها وجه ربها وهي نفساء، بينما شاء القدر أن يتلقى الأب المكلوم الصدمة تلو الأخرى.
وبعد وفاة زوجته الزوج على صفحته الشخصية على الفيسبوك مناجيا ربه: “اللهم إني حرمت السير في جنازتها، وحرمت زيارتها في مرضها، وحرمت صلاة الجنازة عليها، اللهم سخر لها عبادا من لدنك يصلون عليها صلاة الغائب حتى تضج السماوات بدعائهم”.
وقبل وفاة زوجته كتب شادي أبو يوسف: “سنين الحمد لله من النجاح والسفر في جميع أنحاء العالم، وسنين من الدراسة والشهادات والتدريب والعمل تحت أعرق جامعة في العالم. وددت لو ذهب ذلك جميعا، ورد الله علي أهل بيتي سالمين”.
وما زال شادي أبو يوسف محتجزا حاليا بالمستشفى يعالج من الفيروس الذي فرق بينه وبين زوجته ووليدته، ومن داخل غرفته في مستشفى العزل وبينما يجتر أحزانه، حيث يعيش وحيدا يصارع الفيروس القاتل، فهو لم يودع ابنته ولم يمش في جنازة زوجته، ورغم ذلك كتب يوصينا ويترجانا: “ما تنزلوش من بيوتكم إلا للضرورة القصوى، عشان اللي بتحبوهم”، كما كتب يوصي من يحبونه ويحبون زوجته بألا ينشروا صورتها، فقط يدعون لها إن كانوا يحبونها.
شبح التنمر يهدد مصابي الكورونا