لقد اقترب هذا الشهر الكريم من نهايته والعاقل من تعلم في مدرسة رمضان العظيمة ومن دروسه الذهبية فالصوم يحرر الصائم
من عبودية النفس والشهوات ويتجه إلى العبودية الحقيقية للخالق التي تظهر بوضوح في ممارسته السلوكية والأخلاقية مع نفسه وأسرته ومجتمعه
ومن أعظم دروس رمضان التي يتعلمها الصائم “المراقبة” لله تعالى في عمله فهو يعلم علم اليقين أن الله ناظر إليه وسامع لقوله ومطلع على ظاهره وباطنه قال تعالى:”وأسروا قولكم أو اجهروا به إن الله عليم بذات الصدور”سورة الملك ١٣
ولاشك أن مراقبة الله في أعمالنا من أسمى منازل الدين فهي التي تعد وتربي النفوس والتي تهيأ لها السعادة في آخرتها واستقامتها في دنياها وهي التي تفسر معنى الإحسان الذي هو أعلى درجات العبودية وهي أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك .
وماأحوجنا إلى استحضار مراقبة الله في كل وقت وليس فقط في شهر رمضان فمن يراقب الله في صيامه يراقبه في عمله فيحسن أداءه ويتقنه ولايغش الناس استحياءا من الله وخوفا وطمعا فيما عند الله
ومن ثمرات مراقبة الصائم لنفسه في رمضان أنها تنعكس على سلوكه في حياته فنراه يخلص مع الله ويوقظ ضميره ويقوي قدراته الروحية فمن صدق وأخلص مع الله في صومه لا يمكن أن يقدم على غش الناس وخداعهم، ولايأكل أموال الناس بالباطل ولايحتال على الله في عدم دفعه للزكاة ولا يغتاب الناس ولا ينطق لسانه بالفحش ولايرتكب المعاصي حتى وإن غفل فسرعان ما يعود لله تائبا لأن من يراقب الله في عمله يخشاه ولايفعل مايغضبه أبدا ويجتهد في الطاعات لحاجته إلى رحمة الله ومغفرته ورضوانه.
وماانتشرت الفواحش وارتكبت المعاصي وكثر المكر والتحايل في المعاملات وعم الغدر والخيانة في علاقات الناس في هذا العصر إلا عندما غابت عن حياة الناس مراقبة الله عز وجل وضعفت في نفوسهم خشية الله
ومن المؤكد أن مدرسة رمضان تعطي الإنسان زخما كبيرا للبناء وتمنحه الفرصة العظيمة للعودة الصادقة والروحية إلى الله وإلى نفسه
فهو مع عدم رؤيته لله يدرك أن الله يراه ويدرك أن الصوم هو التسامي بعبوديتنا لله فوق كل الشهوات حين تمتلىء قلوبنا بالصفاء والطهارة فيكون الصائم عف اللسان ولايؤذي ولايظلم أحدافالصوم هو الذي يجعل الإنسان إنسانا كاملا تتكامل فيها كل الصفات الإنسانية والقيم الأخلاقية في نفسه وذلك من خلال صوم الجسد والجوارح عن كل ماحرمه الله فينعكس ذلك على المسلم بعد رمضان صدقا وإخلاصا في طاعته وإحسانا للمجتمع بشكل إيجابي من خلال القوة المعنوية والروحية العظيمة التي تزيد من صلتنا بالله ومراقبتنا له في كل عمل نقوم به والتي يواجه بها المسلم كل التحديات الصعبة في حياته ومع نفسه ومجتمعه
جعلنا الله وإياكم ممن يخشونه في السر والعلن
بقلم
ميرفت مهران
٢٠/٥/٢٠٢٠
زر الذهاب إلى الأعلى