بقلم : محمود درويش
الضغط المضاد، أسلوب يورجن كلوب، والضغط العالى أسلوب بيب جوارديولا. وكلاهما مدرب قدير، وكلاهما يصنف تحت عنوان الأفضل. وكلاهما يتصدر قائمة التكتيك الأول فى عام 2019 بمجال كرة القدم. والفارق بين الأسلوبين أن يورجن كلوب يمزج بين الضغط العالى، وبين الضغط المضاد بحيث يلعب فريقه فى مساحة تتراوح بين 20 و30 مترا، فلا يجد خصمه مساحات للتوغل والتحرك بين صفوفه وبين خطوطه. بينما يمزج جوارديولا بين الضغط العالى وبين الاستحواذ، فكلما امتلك فريقه الكرة فإنه يحرم خصمه منها ومن الهجوم. كما أنه يضغط بلاعبيه فى المقدمة لإفساد هجمات المنافس.
** هذا أسلوب أشهر المدربين فى عالم كرة القدم الآن. لكن تكتيك عام 2019 شهد سرعة فائقة فى الهجوم وفى استخلاص الكرة. وفى إحصائية عن استخلاص ليفربول للكرة فى مباراته أمام ليستر سيتى جاء أن الريدز كان يستردها فى 4 ثوانٍ وكان معدله السابق 6 ثوانٍ. والضغط بصفة عامة يكون مدروسا، فالمسافة لابد أن تسمح للفريق الذى يمارس الضغط بممارسته فعليا، فتكون أمتارا قليلة بين الضاغط وبين المضغوط عليه ولا يسمى ضغطا هذا الذى يبدأه لاعب من مسافات طويلة تتعدى الأمتار العشرة. وفى الوقت نفسه يجب أن يتمركز الفريق الذى يمارس الضغط فى مواقع تحرم المنافس من اختيارات التمرير لزملائه.
** نجوم هذا الأسلوب من المدربين هم يورجن كلوب وبيب جوارديولا وأنطونيو كونتى، وموريزوى سارى وجيان بييرو وبراندان رودجرز. وانضم إلى هؤلاء المدرب البرازيلى تيتى. الذى أدرك أن الكرة الأوروبية تطورت عن كرة أمريكا الجنوبية بمسافات. ولذلك بعد أن نجح مع فريق كورينثانز أخذ يدرس التطور الذى طرأ على كرة القدم فى العالم وفى أوروبا تحديدا، فالقارة البيضاء بكل ما تملكه من إمكانات ونظم إدارية ومعلومات وعلوم تغذية واستشفاء أصبحت مركز التطور فى كرة القدم. ولذلك قد يظن البعض أن المباراة النهائية بين الجزائر والسنغال فى كأس الأمم الإفريقية كانت بين مدربين وطنيين محليين فقط، بينما الواقع أنهما أبناء مدرسة باريس والأندية الأوروبية التى لعبا بها وهو ما أثر على أفكار المدربين لاسيما جمال بلماضى.
** تيتى هو قائد عملية إصلاح تكتيك منتخب البرازيل الذى خرج من مونديال 2014 بهزيمة تاريخية على ملعبه من ألمانيا ( 1/7 ) فى كأس العالم. وكان منتخب البرازيل ظل يتجاهل لسنوات الضغط العالى ولم يمارسه بحرفية مع مدربين مثل سكولارى ودونجا. وفى الوقت نفسه «خلص» تيتى منتخب السامبا من فريق النجم الأول والواحد إلى فريق جماعى يلعب به عدة نجوم وأصحاب مهارات. فتوج بكأس كوبا أمريكا فيما فاز فريق فلامنجو بالدورى البرازيلى وكأس الليبراتادورس. ليكون ممثلا لانطلاق الكرة البرازيلية مرة أخرى فى القارة الجنوبية.
** السرعة فى الهجوم والسرعة فى الدفاع. والسرعة فى استرداد الكرة واستخلاصها، والسرعة فى تضييق المساحات عند فقد الكرة، والسرعة فى فتح الملعب بالجناحين عند امتلاك الكرة والسرعة فى توفير زيادة عددية عند الهجوم، والسرعة فى دعم الدفاع بزيادة عددية مماثلة فى مواقف الدفاع.. تلك كلها من أهم تكتيكات كرة القدم فى عام 2019.. لكن هذا مرتبط بصورة مباشرة بكفاءات مدربين ولاعبين، وقدرات مادية أوروبية لا تملكها أندية أخرى فى كوكب كرة القدم. ولا تملكها أيضا أندية أخرى فى إسبانيا وإنجلترا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا، وهى ممثلة الدوريات الخمسة الأقوى فى العالم. فهناك فى تلك الدول أندية أقل ثروة وثراء وأفقر فنيا بطبيعة الحال.
** فى العالم العربى نحن نترجم كرة القدم الجيدة والصعبة والمعقدة بالروح والحماس كما نترجم سرعة الأداء والجرى والالتحام وجديته بما يسمى بالرجولة.. وهو تقليد عربى أصيل وقديم يجعل الفعل الصعب كلاما. لعدم القدرة على جعل الفعل واقعا بالفعل.. فلا يمكن أن يصف معلق عربى على سبيل المثال أداء ليفربول بأنه حماسى ورجولى وأنه فريق يلعب بروح قتالية. ولكنه يصف أداء الفريق بأنه كرة قدم جديدة وجيدة.. وهذا فارق كبير!
زر الذهاب إلى الأعلى