أشرنا في المقال السابق إلى تأثير فيروس كورونا على طباع المصريين حيث أنه قسمهم كما ذكرنا إلى ثلاثة طوائف :-
الطائفة الأولى (الحكماء) ، الطائفة الثانية (المتناقضون ) ،الطائفة الثالثة ( الجهلاء)
في هذا المقال سنسلط الضوء على كيفية تعامل هذه الطوائف اتجاه الفايروس ، كنت أود أن أكتب كما هو معهود بترتيب الطوائف الأولى ثم الأخيرة ولكني لم استطع حيث استوقفني بعض أفعال الجهلاء التي جعلتني أستشيط غضبا وأغضبت أيضا الشارع المصري .
أولا ( بيع بلازما المتعافين )
أشعر في قرارة نفسي وأنا أكتب عن هذا الموضوع وكأنني داخل الإنترنت المظلم وأبحث عن تجارة الأعضاء .
بعد أبحاث عدة ومجهودات تفوق الوصف من وزارة الصحة إستطاعت بها كبح جماح هذا الوباء اللعين ولو لمعظم المصابين ، اكتشاف مسارا جديدا في خطة العلاج لهذا الفايروس وهو (العلاج ببلازما المتعافين )، الذي أثبت نجاحا مذهلا في علاج بعض الحالات .
استغل أصحاب النفوس الضعيفة من المتعافين حاجة وزارة الصحة ومرضى هذا الوباء بعمل سوق سوداء يباع فيه بلازما الدم ، نعم سوق سوداء يصل فيها سعر كيس البلازما إلي 20000جنية ، لك أن تتخيل عزيزي القارئ مدى سوء الاستغلال .
أي عقل هذا ، كيف سولت نفسك أيها المتعافي هذا التصرف المشين ، هل حدثك عقلك ولو لوهلة من الزمن بأن الشفاء من عند الله ، كيف تستغل كرم الله عليك ومنه بالشفاء بأن تستغل حاجه المرضى لهذه البلازما وتعقد صفقة مع شيطانك وتضع تسعيرة لدماءك بدلا من أن تتبرع بها لوجه الله لشفاء المصابين .
كيف وصل بك جهلك إلى هذا الحد ؟؟؟
صادفني موقف أقشعر له بدني وأنا ذاهب إلى العمل في ميكروباص حيث وجدت شابا يحكي موقفا مع مرضه بالكورونا مع صديقه ، فشد انتباهي الحديث ( كان عندي كورونا ودخلت الحجر الصحي وخفيت بس ياد يامحمد سمعت إنهم بيستعملوا البلازما بتاعت الناس اللي خفت في العلاج ، أه دا أنا واحد صاحبي باع كيس ب15000جنية ، أنا ممكن أبيعها ب10000بس ونكسب أنا وأنت ، أنت تجيب الزبون وتقنعه إن هياخد البلازما بتاعتي وهيخف وهو بعد كدة يبيع ويكسب وتدور العجلة ونعمل أحلى سبوبة ) .
تمنيت وقتها أنني لم أولد ولم أسمع هذا الكلام ، لو أن الفايروس رجلا وسمع هذا الكلام لترك مصر مسرعا .
الأكثر من ذلك والذي زاد من الطين بله ، سمعت من أحد أصدقائي في الريف أن رجلاً ذهب لزيارة أحد أقاربه في القاهرة لفترة ثم رجع إلى الريف ليخبرهم أنهم مقصرين في حقه بالسؤال وأنه كان مريضا بالكورونا وكان محجوزا في الحجر الصحي وأنه تعافى سريعا لقوة مناعته ضد الفيروسات وأنه مستعد لخدمة أبناء قريته من المصابين وأنه ضد جشع المتعافين الذين يبيعون البلازما بمبالغ كبيرة ، وكرما منه ولحسن أخلاقه سيتبرع بالبلازما مقابل مبلغ زهيد من المال 5000جنيه .
لا أستطيع وصف هذا الفعل ولا أجد كلمات تعبر عن هذا الموقف الذي تشيب له الرؤوس إلا أن الشيطان تركه ليدير شؤونه بنفسه فهو ليس بحاجه له ليغويه .
أدي ظهور هذه السوق السوداء إلى تدخل الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية بإخراج بيان بتحريم هذه التجارة .
تكررت مقوله في ذهني
(ومن الجهل ما قتل )
يتبع
كتب \ أحمد شوقي
إقرأ أيضا مصر في زمن الكورونا