حياة الفنانين
لينه ياسين النويلاتي ” عملي الإعلامي مرآتي .. ومبادئي هي منهج حياتي
" لا تقل يوما لن يمكنني.. لا أستطيع !
لم يكن الأمر صدفة الإعلام طموحها منذ الصغر ،دخلت عالم الصحافة مبكراً قبل انهاء دراستها في كلية الإعلام
عملت كـ معدة ومحاورة ومقدمة في التلفزيون العربي السوري لسنوات طويلة ،وقدمت مئات الساعات التلفزيونية العديدة والمتنوعة على اختلافها ،شاركت لسنوات طوال في إعداد برنامج ” مجلة التلفزيون ” الذي يبث مساء كل خميس واليوم أصبح بحلةٍ جديدة من إعدادها
أما في عالم الصحافة أرشيفها يفوق أيام عمرها عدداً “الإعلامية لينه ياسين النويلاتي ضيفة سحر الحياة
إعداد وحوار / ريما السعد
• سطور من مسيرة إبداعية ترويها لنا الإعلامية لينه ياسين النويلاتي ؟
رحلةُ عمرٍ لا يمكن اختصارها بكلمات .. أنا سليلة عائلة دمشقية عريقة و الديّ درسا الحقوق ، والدي رحمه الله أديب و رسام
و موسيقي و قارئ بسبع لغات متقنة ورياضي محترف ، وكان مديرا عاما للأحوال المدنية في سورية ، و كم كان صديقي و قدوتي الذي ساندني في كل خطوة و حلم .. والدتي أيضا كانت أستاذة
و مديرة مدرسة رسمية و مربية أجيال ، انها قديستي الأم العظيمة ، وهي ملاذي الآمن و المثل الأعلى لي أيضا في كل تفاصيل الحياة ..
أستحضر الزمن الوليد من ذاكرة طفولةٍ تكاد تلوّن مشاكستي للحبر والورق، كتبت كثيراً ما يشبه الوجدانيات – أضحك اليوم عندما أعيد قراءتها على بساطتها – وكنت قد قررت “هذا هو طريقي، وهنا حلمي الأول “..دخلت عالم الصحافة مبكرا قبل انهاء دراستي في كلية الاعلام بجامعة دمشق ، و ترافق ذلك أيضا مع عملي كمعدة ومحاورة ومقدمة في التلفزيون العربي السوري لسنوات طويلة في القناة الأولى الأرضية ،و بعدها و حاليا في قناة السورية – الفضائية ، قمت بإعداد مئات الساعات التلفزيونية العديدة والمتنوعة على اختلافها الصباحية والسهرات و الندوات و البرامج الثقافية والمنوعات الاقتصادية والسياسية و القانونية وغيرها ، وتقديم العديد من البرامج و الندوات و السهرات التلفزيونية ، منها المباشرة و منها المسجلة .. أما عالم الصحافة فحدّثي و لا حرج ..أرشيفي يفوق أيام عمري عددا !
• وكيف دخلتِ عالم الصحافة هل هو طموحك منذ الصغر ، ومن الداعم الأكبر لكِ ؟
** لم يكن الأمر صدفة ، الاعلام كان طموحي منذ كنت طفلة ، رافقني مايكرفون اذاعة المدرسة طويلا و كنت أعدّ لحفلات المدرسة الضخمة و أقدمها على منابر المسارح المدرسية ، وأشارك بإلقاء قصائدي في الأماسي الشعرية ، ومنذ كان عمري ثلاثة عشر عاما بدأت النشر في كبريات الصحف و المجلات الأدبية ما اعتقدته بخجل آنذاك قصائد شعرية .. لكنها كانت تلقى الدعم و الرعاية والتشجيع، وكنت أقرأ كثيرا ، القراءة مُتنفسي في الحياة غزوت مكتبة أبي الضخمة و أنا صغيرة ، و كنت أقرأ مختلف العناوين لكتاب كبار و الكتب المترجمة أيضا لأطور لغتي و فكري مفاهيمي و أوسع أفقي ، ومازلت على هذا الشغف ..و استهواني منذ ذلك الحين عالم الصحافة ، فكتبت المقالات و الزوايا و الافتتاحيات و النقد و القصص القصيرة و الشعر و كانت لي صفحة أخيرة مخصصة في مجلة ” ألوان اللبنانية ” و غيرها من الصحف والمجلات المحلية والعربية كزوايا او افتتاحيات ثابتة ، وأجريت مئات الحوارات مع قامات كبيرة ، و رافق ذلك تطوير هذا الهدف بدراستي في كلية الاعلام بجامعة دمشق و ايضا بممارسة العمل الاعلامي في التلفزيون العربي السوري ، إنه عالم واسع كان يموج داخل حلم كبير سعيت لتحقيقه .. والحمد لله نجحت !
• أول شخصية أجريتِ معها حوارا صحفياً وكم كان عمرك ؟
** قد تستغربين ..لم أكن قد بلغت العشرين ربيعا و كانت الشخصيات كثيرة .. لم أعد أذكر الاولى منها لكنها كانت دون شك شخصية فكرية، في ذلك الوقت كانت حواراتي الصحفية متعددة مع سياسيين و اقتصاديين و رجال أعمال وكتّاب و أدباء و فنانين كبار سوريين و عرب و أجانب
و غيرهم ، قامات كبيرة كان لي شرف الالتقاء بهم ، ومنهم عمالقة الفن السوري و العربي ، هذا في البدايات ..
• من كان يبهرك من الصحفيين والإعلاميين الكبار ، ومن كان مثَلك الأعلى ؟
** لا توجد أسماء بعينها ..غير أني كنت و ما زلت أتابع و أتعلم بشغف من كل حدب و صوب ، وأضيف إلى خبراتي كل ما يلقى اهتمامي ..
أما مثَلي الأعلى في الادب و الصحافة و الحياة عموما هو أبي رحمه الله الذي أتقصد أن يبقى اسمي مقرونا باسمه ” لينه ياسين النويلاتي ” في توقيع كتاباتي أو في برامجي وهو الأديب الكبير الذي لطالما تمنيت أن أنشر كتاباتي مثله في أهم الصحف المحلية والعربية، وكان لي ذلك ..
• أهم سلاح أنت مسلحة به كإعلامية ؟ وماهي الصعوبات التي واجهتك في بداياتك ؟
** سلاحي عشق العمل الاعلامي و عشق الوطن ، الوجدان و الضمير ، الطموح والمنافسة الشريفة ، المصداقية والدقة والمسؤولية و الأمل و السعي و الاجتهاد والتواضع والاحترام و روح التعاون والايثار ، كل ذلك هو المحرك لهذه الطاقة الهائلة في داخلي و التي تعمل بجد ، ويقيني بأنه لا يوجد ما هو مستحيل و لابد أن نتخطى الصعاب ..لاشي يأتي دون مقابل نحن ندفع الكثير من الضرائب في حيواتنا يوميا كي نحافظ على ثباتنا ..و التضحية و الارادة هي السبيل للوصول إلى ما نسعى إليه !
أما الصعاب فهي في تحقيق بصمة اعلامية نحافظ فيها على ذاكرة عطاء وعلى الاسم الذي يحترمه الجميع وسط مئات الاسماء التي حفرت في الصخر – هنا لا أقصد المدّعين – لأننا مع الأسف نقرأ كل يوم عن عشرات الاسماء التي تُرفِق اسماءَها بالإعلامي أو الاعلامية و هم مازالوا في بداية الطريق !
• هل وسائل الإعلام تؤدي رسالتها على النحو الذي تريده دائماً ؟
** ليست جميعها قادرة على تحقيق الرسالة الاعلامية المتوخاة ، فهنالك وسائل موثوقة بمعنى أنها موضع ثقة لدى المتلقي منها المرئية
و المسموعة و المقروءة ، و أخص بالذكر وسائلنا الاعلامية السورية الرسمية وأعتقد أنها باتت تؤدي الغرض تماما من الرسالة الاعلامية المنشودة .. طبعا هنالك في العالم العديد من الوسائل التي حققت غاياتها و منها ما أخفقت ، ومع الاسف منها أيضا ما تؤدي الغرض الذي تهدف إليه بما يخدم رسالتها في الزيف و تشويه الحقائق .. ناهيك عن مشكلة وجود الصحافة الصفراء ، و هنا يجب إعمال العقل فيما نختار للمتابعة !
• وسائل الإعلام الجديدة هل ترينها إضافة للإعلام التقليدي أم تفوقت عليه ؟
** لكل منها تفاصيل مختلفة تُقبل عليها شريحة من المتلقين ..إن كنت تقصدين السوشال ميديا وما شابه فالمتابعة لها باتت واسعة جدا ، حتى أنها لم تعد رفاهية بل أساسية في حياة الناس عموما …إنها عملية العرض و الطلب ، و الاعتياد جزء من هذه العملية فمن اعتاد على مشاهدة التلفاز و تقليب القنوات و المحطات لن يقنع بالسوشال ميديا بديلا ، رغم عوامل الجذب والابهار الذي تلعبه هذه الوسائل ،
والتي أراها إضافة أْثْرَت عالم الاعلام و تفوقت عليه كونها متاحة للجميع إن أحسن المتلقي استخدامها ، وخاصة مع خاصية التحديث للخبر و المعلومة بشكل آني ، والقدرة على الوصول إلى شريحة أكبر من المتلقين في العالم ..
• من واقع تجربتك ومسيرتك الإعلامية ماهي أبرز مقومات الإعلامي الناجح ؟
** المصداقية و الكلمة المسؤولة ، المتابعة والتجدد و التطوير
و التأهيل ،عشق العمل و الشغف لتحقيق الذات ، التواضع ، التواصل مع الناس و مواكبة الجديد بما يخدم شغف المشاهد للاطلاع و المعرفة مع مراعاة ذائقة الجمهور المتلقّي ليسهم في عملية الإقناع ، وهذا مايؤدي إلى النجاح اذا ما ترافقت جميعها مع حضور لافت متزن وواعٍ ، ولابد من روح التعاون فالعمل الاعلامي لايقوم على شخص واحد ، بل هو عملية تكاملية بالاتجاهين الأفقي و العمودي ، و لابد من احترام طقوس العمل وقوانينه والتقيد بتوجيهات الادارة والاقتداء بالرواد و وتقدير تجربة كل زميل في خضم العطاء اليومي !
• برأيك ما الذي يمنح الإعلامي حافزا للعطاء ومجالاً أكبر للحضور بشكل مختلف ومميز؟
** محبة الناس ومتابعتهم لكل جديد له ، تقبّل النقد البناء و تفادي الأخطاء ، محبة و احترام الزملاء ، المنافسة الشريفة ، التعاون مع زملاء مبدعين يقدمون رؤية تطوير إضافية ، الحوار المفتوح مع مدير القناة و التسهيلات و الدعم المقدم له ، و ثقة الجهة الاعلى به و أقصد هنا المدراء والسيد وزير الاعلام ، بما يتضمن الثناء على عمله و تقويم الاخطاء و درء الثغرات و دعمه و تشجيعه ، ومن خلال مسيرتي العملية دعيني أؤكد بأننا في عملنا الاعلامي نحظى بمساحة واسعة للخلق و التجديد ، وقد وجهتنا الادارة الى المنافسة الابداعية ، منحتنا الوسيلة والفضيلة، وسيلة العطاء وفضيلة التوجه الحر، وما يحكم عملنا الإعلامي هو الوجدان والضمير والتجذّر بعشق الوطن ..
• ماهي أكثر الحوارت التي تعتزين بها ؟
** أعتز بها جميعها دون استثناء ..إنها آلاف الحوارات بين الصحافة المكتوبة في الصحف و المجلات السورية و العربية و العالمية وعلى والسوشال ميديا و حواراتي المتلفزة المرئية ، كنت أتعلم من تجارب الاخرين و أفكارهم و فلسفتهم الحياتية ، و أفيد المادة التي أعددتها وكذلك المتلقي ، لكن خصوصية الحوارات المتلفزة كانت الأقرب لدي من الصحفية لان كل إيماءة فيها تُعدّ إجابة و لأنها حيّة ليست جامدة يُحركها القارئ كما يشاء أو يتخيل ! ..
• وكيف تعدين للحوار الصحفي ؟
** بصراحة في إعدادي للحوارات الصحفية وحتى المتلفزة أبذل جهدا كبيرا ، أبحث كثيرا عن الشخصية التي سأجري معها الحوار
و أضع الهدف من الحوار أولاً نصب عيني والجهة التي سيتم نشره فيها ، أو البرنامج التي سيتم بثه من خلاله ، و القارئ أو المتلقي المحتمل ، و أصيغ الاسئلة مستهدفة إفادة المتلقي منها و الكشف عن جوانب مخفية من هذه الشخصية ، مع احترام كلا الجهتين الشخصية التي أحاورها و فكر المتلقي و ذائقته وبذلك نكسب ثقتهم ، و لا اخفيك اني مشاكسة وبلطف في حواراتي و لا أقبل بأنصاف الاجابة !
• لو عاد قطار الزمن إلى الوراء هل كنت ستمضين في المحطات ذاتها ؟
**مع ايماني بكل مرحلة اجتزتها ، و بأن القطار سيعجز عن الرجوع إلى الوراء لأنه لن يسير بمتوالية معينة ، في لحظات التأمل للماضي أستغرب كيف حرقت مراحل كثيرة من حياتي بالعمل والسهر
و المثابرة والمتابعة و التضحية و الاجتهاد و الارادة ، كان عليّ ألا أقف برهة كي أنظر إلى الوراء ! كل ما حملته في حقائبي و أنا أجتاز هذه المحطات في سفر الزمن هو التعلم من أخطائي كي أتجاوزها و الاستفادة من علامات النجاح كي أزيدها، و من خبرتي و تراكم خبرات الآخرين كي أطورها .. ورغم كل ذلك مازلت أشعر أنني في المحطات الأولى ما بعد الانطلاق وأنه أمامي الكثير كي أصل إلى حلمي .. إنه منتصف الطريق ليس إلا !
• أي البرامج التي قمتِ بتقديمها كانت الأقرب لك وتفضلينها أكثر ، ولماذا ؟
** البرامج الثقافية و المنوعة والخدمية لأني بدأت منها مسيرتي في العمل التلفزيوني كمعدّة و مقدمة ، و خاصة الصباحية و ماكان منها على الهواء مباشرة …
• بسبب التكنولوجيا والسوشال ميديا … الصحافة الالكترونية برأيك هل ستطغى يوماً على نظيرتها الورقية ؟
** هذا إن لم نقل طغت وانتهى الامر ، لسهولة وصولها إلى القارئ و متابعتها اللحظية لكل مايجري في العالم !
• اعلامية وكاتبة وشاعرة أين تجدين نفسك في هذا الخضم الجمالي ؟
** منذ طفولتي كان الورق الأبيض يغويني كي أكتب عليه كل مايجول في خاطري .. الكتابة الوجدانية و الشعر هما الخلاص الروحيّ ، عالم خاص أنشده رفيقا و مؤنسا ، أفضفض إليه في كل انفعال انساني
أو عاطفي و بكل ما تعتريه نفسي من شجون ومجتمعي من شؤون ، إنه يمنحني طاقة ايجابية و أملا جديدا أخلقه لنفسي ربما لحظة ابداع ، قد احتفظ بها لنفسي أو أبوح بها على صفحات يصادفها المتابعة من قرّاء مُحتملين ! المشكلة هنا عدم تلقي ردود الافعال منهم ..و يبقى منبر الشعر في الأماسي الشعرية هو الأقدر على أن أحظى بانعكاس ما أكتب على وجوه الحضور و تعليقاتهم رغم أنهم ثلة قليلة نخبوية يتسع لهم المكان !
أما عالم الاعلام فهو وبكل صراحة حالة انتماء ..إنه عشق العمل الإعلامي بكل معانيه ، الغواية والاعتياد والإدمان – سمِّه ماشئت – فقد بات يسري في عروقي! ..
• سؤالي الاخير بعنوان اكمل مكان النقاط :
… ** الأمومة…. من أصعب المهام
… وطني …هو ما أخشى عليه بشدة
….الكذب و قلة الوفاء في المجتمع … يحتاج إلى تقنين
….عملي الاعلامي …. هو في النهاية مرآتي
…… مبادئي …..هي منهج حياتي
….ضميري …. لا أجادله مطلقاً
…… الانفتاح و عالم السوشال ميديا بدون رقابة .. يمثل الآن منحنى خطرا
ما أحلم به هو… ما أسعى إلى تحقيقه دائما …
• في الختام كلمة أخيرة منك ؟
** سأوجه دعوة محبة صادقة لكل من وقفت الصعاب دون تحقيق طموحاته و ربما أحلامه :
” لا تقل يوما لن يمكنني.. لا أستطيع !
جرّب، حاول، اسعَ، تبيّن، تعثّر، انهض، وستحقق نصف الحلم
أو أكثر، وإياك أن تحقق كامل حلمك، لأنك ستنتهي .. ابقِ شيئاً منه يتجدد ويتفرّع، كي تبقى أنت صامداً في وجه الريح والمصاعب.. تجذّر بالإرادة ، ولتكن سنوات عمرك عطاءً بلا انتظار للشكر، لأن الأقدار ستهبك ما هو أكبر من شكر الآخرين، إنه احترامك لذاتك واحترام الآخرين لك بكل مصداقية ..” !
وأخيرا كل الشكر لك على هذا الحوار الراقي واستنهاض الكثير من داخلي ، و كل الامنيات لك ولأسرة مجلة سحر الحياة المرموقة بالمزيد من العطاء والنجاح .
إقرأ المزيد “صفية العمري ” كنت أول سفيرة على مستوى الوطن العربي ودوري في البيه البواب الأقرب لقلبي
مظهر الحكيم “الفن سفارة وحضارة والفنان سفيرٌ في كل مكان وزمان
سلمى المصري “يهمني أن أقدم دورا يخدم المرأة لأنني دائما مناصرة لها