كتب/خطاب معوض خطاب
الفنان المبدع الموهوب توفيق عبد الحميد ابن الطبقة المتوسطة، والذي نشأ وترعرع في حي شبرا، وتخرج في كلية الحقوق ثم في معهد الفنون المسرحية، يعتبر واحدا من سلالة الفنانين الكبار، كما أنه يعتبر من الزاهدين في الشهرة والأضواء البعيدين عن وسائل الإعلام.
وطوال مسيرته الفنية كان توفيق عبد الحميد معروفا بأنه يهتم بالكيف وليس بالكم، واستطاع بموهبته وصبره إثبات وجوده في مجال الفن، فترك بصمة واضحة في الأعمال التي شارك فيها، والتي خلدت اسمه في سجل عظماء الفن المصري، وهو قبل ذلك كله إنسان بكل ما تحمله الكلمة من معنى، ويصفه كل من تعامل معه بأنه إنسان محترم فوق الحدود وراق ونبيل، فلم يعرف أحد عنه أنه خرج عن الأصول أو الأخلاق يوما.
ومن أشهر المسلسلات التليفزيونية التي شارك في بطولتها الفنان توفيق عبد الحميد وأظهرت موهبته الفنية الكبيرة: “حديث الصباح والمساء”، و”أين قلبي”، و”فريسكا”، و”يا ورد مين يشتريك”، و”أميرة في عابدين”، و”العائلة”، و”أيام المنيرة”، و”بوابة الحلواني ج4″، و”الناس في كفر عسكر”، و”كناريا وشركاه”، و”حضرة المتهم أبي”، و”أم كلثوم”، و”أوان الورد”، و”قاسم أمين”، و”الإمام محمد عبده”. ومن أشهر أفلامه السينمائية: “مافيا”، و”أمير الظلام”، و”حلم العمر”. ومن أشهر مسرحياته “رجل القلعة” والتي أدى فيها دور محمد علي باشا الكبير.
وبعد تخرجه في معهد الفنون المسرحية كان يعمل توفيق عبد الحميد في مسرح الدولة فقط، وقليلا ما كان يعمل بالسينما أو التليفزيون، وقد مر في بداية تسعينيات القرن العشرين بأحوال مادية صعبة، اضطرته وقتها للتفكير في تحويل سيارته الملاكي التي كان قد سبق واشتراها مستعملة إلى تاكسي ليتعيش منه، ولكن تعثر المشروع بسبب عائق سنة صنع السيارة.
ورغم طول هذه المرحلة التي عانى فيها كثيرا إلا أنه ظل محافظا على مبادئه ولم يتنازل عنها، فلم يشارك في أي عمل فني لا يرضي طموحاته أو يتنافى مع الأخلاقيات التي نشأ وتربى عليها، وكانت عاقبة صبره أنه قد بدأ ينتشر ويعرف وينال شهرة كبيرة خلال العقد الأول من القرن الواحد والعشرين.
ولكنه يكاد يكون قد اعتزل وتوقف عن العمل بالفن من بداية العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين، رغم الأعمال الكثيرة التي تعرض عليه ولكنه لم يرض عنها ولم يقبل الاشتراك فيها.
ومنذ عام تقريبا استضافته إحدى القنوات الفضائية في لقاء شهير، ووقتها اشترط على هذه القناة أن يحصل على مبلغ كبير من المال مقابل ظهوره في البرنامج، وظن المسئولون عن القناة أنه قد طلب هذا المبلغ الكبير لأنه يحتاج للمال بسبب ابتعاده عن العمل بالفن، ولكنهم فوجئوا به يضرب مثلا أعلى في عفة النفس والتجرد، حيث طلب الفنان توفيق عبد الحميد منهم كتابة الشيك باسم مستشفى أبو الريش للأطفال، فقد كان حريصا على الحصول على أكبر مقابل مادي ليتبرع به لهذا المستشفى وليس لحصوله هو شخصيا عليه.
فتحية وتقديرا وسلاما لهذا الفنان المحترم الأصيل الزاهد في الشهرة والذي ما زال محافظا على مبادئه وأخلاقه العالية ويرفض حتى اليوم الاشتراك في أعمال فنية لا يرضى عنها ولا ترضي ضميره.
زر الذهاب إلى الأعلى