رغم قلة أعماله وصغر حجم أدواره إلا أنها محفورة في الذاكرة
مشاهده المعدودة في السينما لا تنسى، فمن ينسى مشهد نهاية فيلم “الأرض”، أو مشهد قتله لابنه منصور بيده في فيلم “إعدام ميت” وكلمته الخالدة “بإيدي أطهرك من الخيانة يا ولدي”
الفنان الكبير إبراهيم الشامي من الممثلين الملتزمين والكبار قيمة وقامة، وكان مشهورا بأدائه القوي الذي يجذب به الأنظار ويلفت به الانتباه رغم صغر أدواره وقلة مشاهده، وربما تعتبر مشاهده القليلة في الأفلام السينمائة التي شارك فيها ماستر سين هذا الأفلام، وربما يتذكرها الكثيرون منا مثلما يتذكر أبطال هذه الأفلام وربما أكثر.
مجلة “سحر الحياة” أجرت هذا الحوار مع الأستاذة “ثناء الشامي” ابنة الفنان الكبير إبراهيم الشامي في ذكرى رحيله.
إعداد وحوار / خطاب معوض خطاب
إخراج / ريما السعد
،،في البداية نرحب بحضرتك ونسأل عن الفنان إبراهيم الشامي وعن تاريخ وفاته، هل هو توفي بالفعل كما تذكر العديد من المواقع في يوم 13 سبتمبر 1990م؟
،بصراحة أنا تعبت كثيرا من هذا الأمر، فجميع المواقع تكتب تاريخ ميلاد والدي وتاريخ وفاته خطأ، فعلى سبيل المثال هم يكتبون أنه ولد في يوم 21 يناير 1921م مع أنه ولد يوم 3 يوليو 1921م، كما أنهم يكتبون أنه أنه توفي يوم 13 سبتمبر 1990م مع أنه توفي في يوم 5 سبتمبر 1990م، ولا أعلم لماذا يستسهلون ولا يراجعون هذه التواريخ وغيرها من المعلومات معنا ومع غيرنا؟!
،،حدثينا عن بداية الفنان الكبير إبراهيم الشامي الفنية، كيف كانت؟
،بابا بدأ التمثيل في شبابه المبكر، حيث شارك في فرقة الإخوان المسلمين المسرحية، وهي الفرقة التي شارك فيها في ذلك الوقت كثير من الفنانين وكانت أعمال هذه الفرقة أعمالا فنية وليست لها أية ميول سياسية، بعدها بفترة التحق والدي بالمسرح العسكري ولم يكتف بكونه عضوا في فرقة المسرح العسكري فقط بل إنه التحق بالجيش المصري وتحديدا بسلاح الصيانة ثم انتقل للشئون المعنوية وظل يترقى بالجيش حتى رتبة الصاغ، ولكنه ترك الخدمة في الجيش لأنه لم يستطع التوفيق بين عمله بالفن وعمله في الجيش في وقت واحد، وبالمناسبة أذكر أن والدي قبل التحاقه بالجيش المصري قد سافر إلى فلسطين في شبابه المبكر، حيث انضم هناك لكتائب الفدائيين التي حاربت العصابات اليهودية في ذلك الوقت.
،،هناك مشهد لا ينسى لوالدك الفنان إبراهيم الشامي في فيلم “إعدام ميت” حينما قتل ابنه الجاسوس بالخنجر وقال له: “بإيدي أطهرك من الخيانة يا ولدي”، كانت ملامح والدك في هذا المشهد قاسية لكن عيناه تمتلئ بالحب، كيف كانت علاقته بأبنائه؟
،أريد أن أقول لك إنه كان أبا غير عادي، فقد كان يشعر كل واحد منا أنه المفضل لديه من شدة حنيته علينا، وكان يستوعبنا جميعا بمشاكلنا ومشاعرنا وجناننا أحيانا، بابا كان إنسانا بمعنى الكلمة.
،،حدثينا عن حكايته مع أخيك محمود رحمه الله، وكيف أثرت عليه وفاته؟
،في سنة 1985م ارتبط بابا بالعمل في مسلسل “غوايش” وكان يستعد للسفر إلى تونس لتصوير بعض المشاهد هناك، وفي نفس الوقت كان أخي محمود يستعد للسفر إلى اليونان لقضاء شهر العسل، وأثناء عودة محمود من اليونان تم اختطاف الطائرة من قبل بعض الإرهابيين وتوجهوا بها إلى مالطا، وهو حادث شهير انشغل به العالم كله في ذلك الوقت، وتم قتل محمود أخي محمود على أرض المطار في ذلك اليوم، ولم يقتله الإرهابيون بل قتله الكوماندوز المصريون الذين ذهبوا لتحرير الطائرة بعد أن نجح في الخروج من الطائرة، فقد كانوا يظنون أنه أحد الإرهابيين الذين خطفوا الطائرة، بعدها استقبلنا جثمان محمود في المطار ثم قمنا بدفنه ورأيت بابا في الجنازة يقع من طوله وسنده المشيعون.
،،طبعا موقف شديد الأسى، رحم الله الجميع.
،فعلا كان موقفا شديد الصعوبة علينا جميعا، وأكثر ما آلمنا أن تنشر بعض الصحف صورة لجثة أخي محمود بعد قتله وتكتب تحت الصورة أنها صورة أحد الإرهابيين، وأشار البعض على والدي أن يرفع قضية على الدولة وعلى الجريدة لكنه سلم أمره لله، لكنه رفض أن يتم تكريمه من رئيس الجمهورية في ذلك الوقت وقال: “لا أضع يدي في يد من قتل ابني، والغريب أن والدي في مسلسل “غوايش” قام بأداء دور الشوادفي الذي يتم قتل ابنه، وفي الحقيقة يتم قتل أخي محمود وهو عريس جديد في شهر العسل ولم يمض على زواجه إلا 17 يوما فقط.
،،بعيدا عن هذا الموقف شديد الأسى، هل كان الفنان إبراهيم الشامي يفضل العمل أكثر بالسينما أم التليفزيون أم المسرح؟
،بابا الله يرحمه ورغم أن شهرته جاءت عن طريق التليفزيون الذي كان يعرض أفلامه ومسلسلاته إلا أنه كان يفضل العمل بالمسرح عن التليفزيون والسينما، وكانت وصيته أن يخرج جثمانه من المسرح القومي وهي الوصية التي نفذناها بالفعل.
،،بالمناسبة، هل فعلا كان الفنان إبراهيم الشامي يرفض الرحيل من شارع المعز ؟
،بابا كان متعلقا بهذا الشارع والمنطقة كلها تعلقا كبيرا، فقد كنا نعيش في بيتنا الواقع في ملتقى شارع الخرنفش بشارع المعز لدين الله الفاطمي، وهذه المنطقة عامرة بالآثار الإسلامية القديمة، وهي منطقة شعبية بالفعل وارتبط والدي بالمنطقة وأهلها ارتباطا وثيقا، لدرجة أنه كان يقول: “لو خرجت من هنا سأموت”، وبالفعل بعد أن ألححنا عليه كثيرا ترك شارع المعز وانتقل إلى الفيلا الخاصة بنا على نيل القناطر الخيرية، لكنه وكما قال توفي إلى رحمة الله تعالى بعد تركنا لشارع المعز لدين الله بسنة أو أكثر قليلا.
،،في النهاية ونحن نواكب الذكرى 30 لرحيل الفنان الكبير إبراهيم الشامي، ونتذكر أعماله التي لا تنسى وأدواره الجميلة، هل تودين أن تضيفي شيئا لما سألناك عنه.
،أحب أن أقول: “إن والدي كان سعيدا جدا حينما أطلقت على ابني اسم “محمود” كما طلب هو بنفسه خاصة وأن ابني كان شبه خاله.