متابعات : حاتم عبد الحكيم
يقدم الروائي والشاعر الدكتور محمد إقبال حرب قراءة في الديوان الثاني للدكتورة أميرة عيسى “حَبُّ الرمّان”
الذي سيوقع في ٢٢/١١/٢٠٢٠، من الساعة الواحدة وحتى الرابعة، في القاعة الماسيّة/ الامبريوم/بانكستون، مزيد من التفاصيل في البطاقة المرفقة.
فراشة الشعر في كينونتها الأولى صنعت خيوط الحرير، فتنافس على اقتنائه الملوك وصفوة القوم، كما تباهت به سيدات العالم وجميلاته. وبعد أن خرجت من بياتها، تجلّت فراشة متمردة، بألوان يغار منها قوس قزح. رغم كل الرموز التي نالتها الفراشة عبر الحضارات، احتفظت لنفسها بأجمل ألوانها. إنه لون المجد الذي أصرت من خلاله على أن تكون والنور ذات واحدة. دارت حول بؤر النور وجالت في فلكها حتى ذابا في كيان نوراني لا حدود له
فراشة الشعر د.أميرة عيسى، إنسانة متمردة، ناقدة متمرسة، وأستاذة متألقة. تجلّت مناقبها الثائرة حبًا، ووطنيةً وسلامًا في ديوانها “حَبُّ الرمَّان”. استمدت مدادها من كبرياء كينونتها حبًا وسلامًا، ومن إنسانيتها وطنية تنبع من الأرض التي تسري في شرايينها نبض حياة دائمة. تنشقت الحب فتنفّسته شعرًا، وتذوقت عشق الوطن عنفوانًا عبّرت عنه بشوق اللقاء.
ها هي تشع نورًا في عتمة الوجود من بريق الثلج النقي:
“شَرنَقَةٌ….. كنتُ
قابعةٌ في عَتْمَةِ نسيجِها الثَلجي
شرنقةٌ….. كنتُ
وانبلجَ الصباحُ
بلمسةٍ منكَ…..بكلمةِ حنان
فراشةٌ…..
وُلد لها الفُ جناحٍ…..وجناح”
تبحث عن حبها في حرم المعبد:
” آه لو كنتَ معي……
أيها الرَجُلُ
المصنوعُ من بخور المَعابد”
نعم، ناجت وكتبت، لكنها أنثى لا تعرف إلا أبواب السماء، ولا ترضَ إلا بنفيس الرجال الذين أختبرهم الزمن:
” أنتَ الدَّنُ، حبيبي
الشوقُ فيكَ اختَمَر
فغدوتَ أنتَ الخَمرَ اليقين
وغدوتُ أنا قِبلةَ العاشِقين………
لكن الأنثى الذكية، المتألقة، لا تغتر بجمال الجسد فحسب، بل تتسامى إلى جمال الفكر وعمق الوجدان في الرجل. ها هي تبوح بدستور عشقها:
“وَفِكري….. يَسرحُ منذُ الأزل
وَروحي تَعشَقُ المُفَكِّرَ
وَالمُبدِعَ… وَالشَّاعرَ…وَالفَيلسوفَ……..
“وَهامَتْ جَوارِحي… بِالمَسيحِ
وعَشِقَتُ ثُكْلَ… المَريميّاتْ”
فراشتنا، الأنثى المتألقة التي عشقت الفكر والإبداع في الرجل، لم تنسَ أنها أنثى، والأنثى رمز الجمال المطلق فقررت أن لا يراها الحبيب إلا آية من الجمال:
“أريدُكَ أن تراني…..حبيبي
في أبهى صورةٍ
متألِّقةً كوردةٍ برّيةٍ
على حافَّةِ شُرفةٍ
ضَائِعةٍ في ثَـنايَا الجبال…
كَفراشةٍ زاهيةٍ ترشِفُ رَحيقَ الجنان”
وحيث أن خلود الجمال يحتاج إلى قوة تحميه في وطن أسواره عالية، حُماته رجال أشداء يذودون عنه بشرف المقاومة وكبرياء الأحرار، جعلت من بطل أحلامها أيقونة وطنية:
“مُقاومٌ يَحمي الأرضَ… ويَصونُ العَرْضَ
يَبذلُ الدّماءَ….. ذَودًا عنِ البِلاد
بدُموعِ العَينِ …..غَسَلتُ التُرابَ
مَسَحْتُ الغُبارَ…..قبَّلتُ الأطْرافَ
وعلى الجَبينِ الشَّامخِ…..
لاحَتْ قَطرةُ دِماءٍ”
وددت لو أن المجال يتسع للتحليق مع د.أميرة عيسى في مدارات شعرها المتفجر برقيق الجمال وكبرياء الإنسان. لذلك أكتفي بهذه الباقة من الخواطر التي قطفتها من بستان “حبّ الرمّان” جمال تُسرّ الروح وتنعش الفكر.