مقالات
بل نحن العاجزون
بقلم الإعلامي : محمود حسن
بين أقدام المارة وراكبي القطار تراه في التكوين شبه إنسان وفي الوزن والتقدير اعظم إنسان ‘
يفقد ثلاثة أطراف ويتعامل بطرف واحد ‘ فيمشي ويقفز ويتحرك بحيوية ونشاط ‘ يصعد القطار ويتجول فيه طولا وعرضا يمينا ويسارا ‘ يوزع إبتساماته التي لا تنفذ على من يشتري منه ومن لا يشتري من ماكينة شحن المحمول التي يمتلكها كما يمتلك إرادة أكثر صلابة من القضبان التي يقفز منها إلى القطار ‘ ورضا يتفوق على رضا كل من حوله ممن يمتلكون الصحة والمال ‘
لم يستسلم للعجز فيركن إلى أحد الأرصفة ليتسول ‘ لم يسلم نفسه لليأس فينتظر إحسان أو شفقة ‘ لم يندب سوء حظه ووحشية مبتلاه ‘ حتى أنه لم يجلس في مكان ينتظر المشتري بل ذهب إلي المشتري بنفسة في تحدي عظيم لينطق لسان حاله قائلا ” أنا لست عاجزا “
فالمشي لا يحتاج إلى أقدام بل يحتاج إلى إقدام ‘ والسعي لا يحتاج إلى أطراف بل يحتاج ألى عزيمة داخل قلب لا يخاف إلا من خفي الألطاف ‘
كم أحزنتنا على أنفسنا أيها الشاب وسيم القلب والروح ‘ وكم أشعرتنا بالعحز والضعف أمام جبروت سكينة نفسك ‘
بربك كيف أنت هكذا !!؟ ومن اين أتيت بكل هذا الرضا والتصالح مع النفس ‘ والتصافح مع العالم كله ؟
كم من دورات للتنمية البشرية فيها تدربت ‘ كم من شهادات علم النفس حصلت ‘ وعلى يد من من العلماء تتلمذت ‘ ومن هو طبيبك المعالج من عظماء الطب النفسي ؟
لكم تملكتني الغيرة من تلك القبلة التي تمنحها للورقة النقدية التي يعطيها لك المشتري ‘ وكم أذهلني ان العملة تبادلك نفس القبلة على جبينك اللامع المرصع بقطرات العرق التي تشبه اللؤلؤ ‘
لقد سطرت على منضدتك الأرضية التي تضع عليها ماكينتك أعظم سطور تدرس للعاطلين ‘ وأبلغ رسالة تعلم وتربي العاجزين المصابين بكامل الصحة والعافية ‘
وليتوارى الأدباء والكتاب ‘ ويتنحى الشعراء ‘ ويختبئ الخطباء وعلماء الكلام ‘
ولنستمد من صمتك أصول البلاغة ‘ ولتتغذى أرواحنا من إبتسامة الرضا التي يزينها وجهك السمح بأصدق المشاعر ‘
ونأمل أن تسامحنا وتدعو لنا بالشفاء العاجل .
إقرأ أيضا تحطيم الحواجز