مقالات

تفاصيل القصة الكاملة للحادثة التي أفجعت الجميع

د/أحمد مقلد

في ليلة اجتمع فيها الأهل يتسامرون طلب الأب من أبنائه أن يقوموا بإحضار عنقود من العنب ويغسلوه، وذلك ليتغذوا عليه ويتسلوا به خلال تسامرهم، وهنا كانت حركة اعتيادية لا تردد فيها لتنفيذ أمر الوالد وإحضار مطلوبه، ولكن كانت صدمة حبات العنب التي تلاصقت معاً فأصبحت عنقوداً وقد سلب نظم حباته العقل لما يميزه من دقة النظم وجمال الشكل وحلاوة الطعم.

وفي لحظة تشبه انقضاض الطير الجارح على فريسته إلتقطت البنت الوسطي واجهة كيس الفاكهة فكانت صدمة جميع حبات العنب داخل الكيس وكان الشعور بالخوف هو السائد في تلك اللحظة من نيل ذات المصير لمن وقع في قبضة صاحب المنزل، وفي لحظة خاطفة نزلت دمعات من حبة عنب كانت يؤنسها حنين الأسرة ودفء الإجتماع فكان الوداع قاسي ولكنه أرحم من مشاهدة مصير حبات العنب المأخوذ لمصير يجهله الجميع.

وإذا كان أعظم الشدائد التي يصاب بها المرء هي فقد الولد فقد ورد في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يعين على الصبر على هذه المصيبة العظيمة، فقد جاء في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إذا مات ولد الرجل يقول الله تعالى لملائكته: أقبضتم ولد عبدي؟ فيقولون: نعم. فيقول -وهو أعلم-: أقبضتم ثمرة فؤاده؟ فيقولون: نعم. فيقول: ماذا قال عبدي؟ قالوا: حمدك واسترجع. فيقول الله جلَّ وعلا: ابنوا لعبدي بيتاً في الجنة، وسمُّوه بيت الحمد”. والبيت لابد له من ساكن فيا لها من بشارة ما أعظمها.

ولكون المصير محتوم والأجل نافذ فقد تم تجهز عنقود العنب لمصيره الجديد حيث تم غسله ووضعه في طبق التقديم وأمتدت الأيادي من جميع الجهات لتنال من حباته قدر ما تستطيع وحين فرغ العنقود من حباته تم إلقائه في سلة القمامة وفي هذه اللحظة إنتقل عنقود العنب من فئة الأحياء لينتقل إلى هيئة مغايرة بعد فقده لأسباب الحياة ونيله مصيره المحتوم بالفناء ولكن العاقل من تدبر متي تنتهي حبات عنقود العنب وكيف يحفظ حباته ليكون حياً ويؤدي دوره رغم كل ألم يمسه.

فنحن بشر وعنقود العنب من الأحياء فهل تجمعنا يوما اللحظة التي نتناقش فيها حول مصيرنا وما سوف نكون عليه في نهاية دورنا ولكن يظل السؤال مطروح هل حبات العنب في كيس الفاكهة مازالت تشعر بفقد العنقود الأول أم أن ألم إنتظار ذات المصير هو المؤلم لذا لا فرق بين الفقد وألم فراق المفقود فنحن جميعاً يجمعنا ذات المصير ولكن مع كل لحظة نحياها تتبدل أدوار وتتحول مواقف ولا مجال للمحسوبية في شيء قد قضي الله أن ينفذ حتي يكون واقعاً نحياه.

د/أحمد مقلد

إقرأ أيضا الرَّاحِلَة

“الشاعر محمد عدنان قيطاز” صوت البيئة الثقافية العريقة ذات الشخصية العربية النقية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock