بقلم منعم سعيد
إلهام عيسى شاعرة عرفت دروب الوعي الثقافي والأدبي من أبواب عديدة بمسيرتها الزاخرة بتاريخ ومنجز قد تألقت من خلاله، فهي سكرتير تحرير مرة وكاتبة صحفية مرة أخرى، تنشر هنا وهناك العديد من من نتاجاتها الإعلامية والثقافية في مجال الصحافة والأدب ومشاركاتها بمختلف الصحف والمجلات، كالدستور ومجلة فن الفنون والشرق والاخبار والنهار في العراق وكذلك كواليس في الجزائر والمحرر والديوان والديار المصرية وكثير من الصحف الورقية والإلكترونية عربيا وعالميا،و معدة لصفحة حورات في صحيفة صدى المستقبل ليبيا والديوان الجديد مصر تنوعت كتاباتها بين المقال والشعر وقصص للاطفال وللكبار ،حتى تعدت نتاجاتها الى امريكا والهند والنمسا وتونس وليبيا وفلسطين إضافة إلى بلدها سورية، وقد تميزت بأسلوبها الشعري كأسلوب وإمكانيات وقدرات باهرة في مجموعة من القصائد الشعرية التي نتناولها في موضوعاتنا النقدية،وما هذه إلا كعينة لأربعة قصائد شعرية استطعنا جمعها هنا في هذا المقال النقدي وهي:
(غربة حنين )(الاشتياق )(العاشق المجنون )(قيثارة الليل )
لما تحمله من سيمائية ذات دلالات تتشارك في موضوعات الغربة والرحيل والحنين لعشق الحياة والحبيب ففي(غربة حنين )كقصيدة شعرية بها نجد ان الشاعرة الهام عيسى تعتلي ادق تفاصيل الغربة المشوبه بالترحال على أمواج البحر الواسع في ضياع المحب وتمخر عبابه بصورة تكاد تأخذ شكلا دراميا وصولا إلى المراسي، شاعرتنا المرهفة بحس شعري بين مصابيح الاشتياق ونجوم غربتها بليل تحلق في صداه بحثا عن ترياق الحياة والمداوات بزخات المطر في رحلة سفر تمخر به ليلها ذاك بحزن ومناجاة لتكاد ان ترسم لها صورة شعرية باذخة الجمال بحثا عن توقف الترحال
(خذني بين ذراعيك
وهبني من ضوء القمر
املا جديدا لعل مراكبي )
ترسو على شواطىء الحياة
بأحلام الغربة في دواخل شاعرتنا نجد انفسنا أمام مراكب مليئة بالأمل وأالتأمل برغم فحواها المشحونة بالشجن تترقرق بهلامية بين أوراق زهرتها الشعرية بعطر من طموح وكأنها تأخذ نقلا بين القارىء والمتلقي دون تكلف حتى يجد نفسه بين حروف القصيدة منغمسا بمشاعر وأحاسيس شاعرتنا بإبداعاتها في صياغة كلماتها لتتشضى باحتراق كبير، كموقد وكأنه يمر أسطورة وحكايا تمتد في فضاءات عالم الاشتياق للوصول إلى مرسى دفيء تستعصي الوصول إليه دون أن تنهار تطلعاتها وهذا تستوضح صورته في قصيدتها المرسومة(اشتياق)فتغرِق المتلقي في تفاصيل البحث عن روح الحبيب، بين ذكريات بداية حياة شدتها إليه دون أن يدرك المنتهى كما الضياع في ظلمة يشد الحبيبة إليه وكأنها حبيبه يوم تراه نهاية مجهولة
(اشتياقي لك
كاسطور خرساء
لا انت تقراها
ولا انا استطيع نطقها
واغرق في تفاصيل روحك)
ذكريات البداية حياة واشتياق دون منتهى كأنها الضياع بظلمة ليل يشد الحبيبة إليه وهي حبيسة يوم النهايات ويوم الحياة تتلاحق بين التضاد السيمولوجي وصولا إلى علامات دلالية تقود إلى متوازية الموت والحياة في صورة رسمتها الشاعرة بنسق رغم اختلاط الهواجس والتخبط بين تلك النهاية والبداية نهاية من توقعات الفاجعة في تصور الشاعرة وبداية حلم تستخلصه من حياةتنسجها بمخيلتها تحلم بها مثل روح تعزف على آلتها أنفاس الحبيب ، بصورة شعرية ذات مدلول جمالي وفكري يستوقف المتأمل للمحاججة بحال العشق والضياع بين طياته
والغرق في تفاصيل روحك
(واكتب من أنفاسك
بداية حياتي
يشدني اليك شيء
لا ادري ماهو منتهاه
يوم أراه نهايتي
ويوما فيه حياة)
وفي قصيدة(العاشق المجنون )نرى غيوم شاعرتنا في رحلتها إلى السماء وتدنو من الأفق الذي تسترسل عنده شاعرتنا الهام عيسى ببعث مكاتيب الحب إلى الحبيب المفقود الذي حمل معه عشقها الحلو ودقيق غرامها ورحل ليجعل من صرختها تدوي في المسافات البعيدة لتاخدنا إلى صور أخرى بمخيلتها الخصبة في نداء الحبيب
(هياتعال واقترب
على رمال الشاطىء
إنها ليلة مقمرة
تعال نعد النجوم)
وتستديم الوان صور القصيدة بعلامات متلاحقة بل مجموعة من الصور الجمالية فائقة الرهف الحسي والمشاعر لهذا الغرام ووسائل العشق بلوحة شجية على الجدران تحكي عن جنون الحب العابق بسراج عيني الحبيب، صورة تنتقل بجمالها لتدعو المتلقي إلى التأمل والعيش في سطور القصيدة تكتب رسائل عشق على الجدران وتروي جنون الحب العابق بمخاطبته ( في سراج عينيك)
تعال اخبرك بأنني معك اتنفس بهذا الوله لا لتصاق بالانفاس اعتراف بذلك الحب المجنون في عالم واسع مثل كوكب الحبيب المنير ذلك الحب بغربتها
غريب أمر ذلك الحب المجنون
في عالمك الواسع
وكوكبك المنير
تجعلتأملات شاعرتنا تبحث عن اماني الحبيب قناديل فرح تهمس بها في أذن المتلقي فتأخذه أخذَ المشاعر الرومانسية البهية بحب مجنون وتعود بنا الهام عيسى بقصيدة(قيثارة الليل )
لتعزف على اوتار قيثارتها بين اوتار الليل ووحشة السكون برحلة اخرى فتحلق بلحن الذكريات المضيئة فتقص علينا قصتها في ديمومة الانتهال من فرائصٍ في الماضي والبحث عن الدفء الذي اضاعته الأحلام
(كان الذي كان
ابحث عن الدفء الضائع
في بوصلة الحلم
استقدم حنينك بالالحان )
معزوفة بصوت حنين بوجع روح شفافية قاهرة بين حلم سجين ووطن ،ثم تعود إلى أفكارها الجامحة بالحب الذي احتوى لب الشاعرة لتهب أعاصير الريح الرعد وطن قلبها للحبيب لتطلعنا على مناجات من حرمان ابرمه لها زمن القهر
(تقول لي
كوني له وطنا
فضاء للرؤيا
كوني له دون ضفاف)
تستعرض بين الفينة والأخرى تاريخ حبها ووصاياه بعمق سحيق من المشاعر والاحاسيس والأمل الضائع ذلك بحلم- الذي كان- وتصورات من المستحيل البعيد للاستيطان بين المدى والبهاء
(امشي على الماء
واخترق الحجب والجدران
دعني ابحر بين يديك
اتغلغل في ضلوعك
استوطن حنايا روحك
اكون لك المدى والبهاء)
حلم وامنيات تبحر بها شاعرتنا بين يدي الحبيب وتصبح مجذافة ولحن ونداءه تشير بحكايتها كل الحكايا التي اسدت لقاءات المحبين الضائعة ،التي تنحني تحت وقع الخطى والحنين ،حتى تلقي الحبيبة وشاحها في متا
في متاهات الأرق والبحث عن قبلة دافئة تتقي برد شتاء روحها
(بحثت عن قبلة الشتاء
عن ضحكتي الدائرة بين الفصول
وكان الذي كا ن
وصار الذي صار)
ثم نفيق من حلم الأمنيات(وعدت إلى المكان )وتعمل على ان
تدون ارتعاشات المدى فوق جدار العمر بمداد الروح وهي تتسائل عن ذلك الماضي السحيق والحاضر بسفنه واشرعته لتضيء نور الذكريات وقصص الحب الضائع بابجدية غزلت بها حروف قصائدها والحانها فوق صدى الازمان
تمكنت بحرص وحرفية شاعرة مهمومة في رحلاتها مع ذكريات وزمن لن يعود بالأحلام والرؤى بإحتراف ادبي شعري ناضج ومبهر ومميز ودلالات سيمائية تشحذ ذهن المتلقي بفكره ، لواقع حال الإنسان بين غربته الداخلية وحلمه البعيد بين ثنايا حياة مليئة بالحب
منعم سعيد
زر الذهاب إلى الأعلى