نبيلة قنديل مؤلفة وشاعرة مصرية زوجة الموسيقار علي اسماعيل بدأت كمنولوجست، واسمها الحقيقي سعاد وجدي ولها عدد من المنولوجات: على روحك، خير البر, ماله يا ناس، قلبي طب، إسأل نفسك، من أين لك هذا، كنا وكانوا، الحب داريه، ذهب مع الريح، حوشوا يا ناس، كنت وكنا، الناس بالناس، بريه من الناس، مالك ومال الدنيا
وتعتبر نبيلة قنديل أولى الشاعرات الجيل الوسط للأغنية في النصف الثانى من القرن العشرين بعد عصر الجيل الذهبى الآول للشعراء والكتاب، وأكثرهن قرباً إلى أذن المستمع ليس فقط لارتباط اسمها بزوجها الموسيقار الكبير علي إسماعيل الذي لعب دوراً كبيرا في تقديمها للوسط الفني واكتسبت شهرتها بفضل ألحانه لكلماتها، وإنما أيضاً لقدرتها على كتابة العديد من الأغاني المختلفة التي علقت بأذهان المستمعين من أشهرها أغنيات شهر رمضان التي كتبتها وغناها الثلاثي المرح منها اهه جه يا ولاد, من ألحان زوجها علي إسماعيل، وأغنية هاتوا الفوانيس, التي لحنها وغناها الفنان الكبير محمد فوزي
كما كتبت عدد من الأغنيات الوطنية التي يحفظها كل المصريين مثل رايحين شايلين في إيدنا سلاح والتي غنتها المجموعة، علاوة على كتابة أغنيات وطنية واللاتي تغنى بها الثلاثي المرح كخلفية لرقصات شعبية في فرقة رضا للفنون الشعبية مثل: حلاوة شمسنا وياللا عندنا رحلة.
كما كتبت الشاعرة الراحلة العديد من الأغنيات لفنانين كبار مثل شادية رايحة فين يا عروسة ومحمد فوزي يا طالع الشجرة وفايزة أحمد أبوعيالى ومحمد العزبي حتشبسوت، وبالطبع الأغنية الأشهر في فيلم الأرض ليوسف شاهين الأرض لو عطشانة نرويها بدمانا عهد علينا أمانة تفضل بالخير مليانة
رغم مرور سنوات طويلة، إلا أن أغنيةأم البطل والتى كتبتها الشاعرة نبيلة قنديل وغنتها المطربة شريفة فاضل ، عقب استشهاد ابنها فى حرب أكتوبر، مازالت عالقة بالأذهان وهى الآغنية الوطنية الآشهر حيث انها مرتبطة بأمهات الشهداء وما يعانونه من حزن والم و ايضا كافتخار بأمهات ااشهداءالذين ضحوا بأرواحهم من أجل أوطانهم ومنهم الفنانة شريفة قاضل التى استشهدابنها فى حرب الاستنزاف
تتذكر «أم البطل»، وبعد سنوات من صمتها فى أحد حواراتها الصحفية السابقة كواليس الأغنية، قائلة: سيطر علي الحزن بعد استشهاد ابنى، وبعد ٣ أشهر طلبت من صديقتى، الشاعرة نبيلة قنديل، أن تكتب أغنية عن أم بطل، لأن كل الأغنيات كانت تغنى للمقاتلين سألتنى هل أكتبها عن أم شهيد؟ قلت لها لا، أريدها أن تصل لأمهات كل من استشهد منهم ومن نجا تواصل دخلت نبيلة غرفة ابنى الشهيد، لعدة دقائق، ثم خرجت وفى يدها ورقة بكلمات الأغنية، التى هزتنى بشدة، وشعرت بأنها تعبر عني بالفعل، فقط طلبت منها تعديل شطرةبيضربوا بيك المثل، رأيتها غير مناسبة، لكنها تمسكت بها كان زوجها، الملحن على إسماعيل، حاضرا معنا، فأخذ الكلمات وتوجه لمنزله، وعاد اليوم التالى بلحن شديد الإتقان، لم أطلب تعديل جملة موسيقية، وفى اليوم الثالث كنت بماسبيرو لتسجيلها، فرحب بابا شارو، رئيس الإذاعة وقتها، بالأغنية وأمر بدخولى الاستديو فورا
وتواصل الفنانة شريفة حديثها فى هذه اللحظات لن أنساها فى حياتى، فبمجرد أن غنيت المقطع الأول، سقطت من شدة التأثر، وتكرر هذا الموقف عدة مرات، حتى سمعت المطربة فايزة أحمد، كانت موجودة بالاستديو مصادفة،جاءت تلومنى لو مش قادرة تغنيها.. بتغنى ليه!! هذه الجملة زادت من إصرارى، تماسكت وقررت أن أنهيها فى مرة واحدة، وقد كان ولم يستغرق تسجيلها أكثر من ساعات، وليس عدة أيام، كما قال البعض وبعد التسجيل، فوجئت بـ بابا شارو يعترض بحسم على طبيعة اللحن لأن الملحن استخدم رتم الناى المزدوج فبدت الأغنية حزينة جدا معللا بأن الرتم بطىء، كيف يسمعه الجنود على الجبهة وطلب من الملحن تسريع الرتم ورغم أنى لم اكن راضية عن الرتم السريع للأغنية، لكني سجلتها كما أراد رئيس الإذاعة ولكن كنت بغنيها فى الحفلات، أبطئ الرتم نسبياً، عنه فى التسجيل، لأن البطء يمس إحساسى بشدة،
ومع كل غناء لـ أم البطل فى الحفلات أغرق فى نوبة بكاء شديدة، لذلك كنت أفضل أن أختتم الحفل بها، حتى أستطيع إكمالها،لدرجة إننى فى إحدى الحفلات، من شدة التأثر ومحاولتى للتماسك، إنفجر شريان فى يدى واضطررت لاعتزال الغناء لفترة، ولم أعد إلا بأغنية «آه من الصبر وآه للراحل منير مراد.
ولم تتوقع شريفة النجاح الكبير الذى حققته الأغنية، لكن أكثر ما يهز قلب أم البطل، المقطع الذى تشدو فيه بفخر وثبات مقطع “طبعاً ما أنا أم البطل” وهى مقتنعة بأنها لا يجوز أن تقدم بعدها أغانى وطنيةاخرى ، فهى مكتفية بها، حتى إن جمهور الأفراح يطلبها، رغم أن الطبيعى أنها لا تناسب أجواء هذه الحفلات
ونعود لمسيرة نبيلة قنديل الثرية والمتنوعة جعلتها تتربع منفردة على عرش الكتابة النسائية للأغنية المصرية في وقت ازدهارها في الستينيات تحديدا لآن ما يميزها على وجه الدقة هو بساطتها في التقاط الموضوعات وانتقاء الكلمات المعبرة في لحظات أو مناسبات معينة، وقدرتها على غزل هذا كله لتنتج في النهاية نسيجا رائعا ومتناسقا في آن واحد وسهل الحفظ والترديد بين عامة المستمعين، وبالتالي فنجاح نبيلة مقترن بقدرتها على التواجد بثقل في كافة المناسبات التي تهم الجمهور كافة مثل شهر رمضان، وحروب التحرير الوطنية والفرق الشعبية ، تلفت انتباها وتجذب اهتماما وتثقل وجدان المستمع فيما يمكن أن يكون مثالا حيا للأغنية
ونبيلة قنديل بدأت واستمرت شاعرة وكاتبة متميزة ورحلت عن الحياة عام 89 لكن بقيت أعمالها تتناقلها الآجيال وتتردد كلماتها فى كل مناسبة