بقلم: لميا بانوها
اعْلَمُوا– عباد اللْه– أنَّ المؤمن الصادق حاله بعد رمضان، كحاله أثناء رمضان، يجتهد في الاستمرار في الطاعة والمداومة على الخيرات وتلاوة القرآن لأنه لم يكن يعبد رمضان!، بل كان يعبد رب رمضان وهو رب الشهور كلِها.
شهر الغفران وحصد الحسنات
ولىَ شهر رمضان، شهر العبادة والتسابق لعمل الخير، فهو شهر تتضاعف فيه هِمة الإنسان لحصد الرحمات والغفران وينشط قلبه للعبادات والتسبيح
واغتنام ما استطاع من ليالٍ يخلو فيها الإنسان مع الله فتكون ما أجملُها أوقات
يشكو فيها الإنسان حاله إلى ربه، وما أشبه هذه الليلة بالبارحة …
فتُمر هذه الأيام مُسرعة حتى يقترب استقبال شهر رمضان جديد، وما بين هذه الأيام وتلك يحدث بعضٍ من التراخي عن العبادة التي كانت مُتبعة في الشهر الفضيل.
كيف نُحافظ على همتنا والتزامنا بالطاعات بعد شهر رمضان؟؟
لا محاله أن المُداومة على العبادات ولو بشكل يسير مثل قراءة صفحة واحدو من آيات الذِكر الحكيم والانتظام عليه أفضل من هجره تماماً كي لا نكون كَمَن قال الله فيهم مُخبراً عن نبيه صلى الله عليه وسلم (وقَال الرسول ياربَّ إن قومي اتخذوا هذا القُرآنَ مَهجوراَ) سورة الفرقان آيه٣٠
وقد أرشدنا النبي الكريم إلى قراءة القرآن وعرّفَنا ثوابه في أحاديث كثيرة
فقال: “إقرأو القُرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه”.
وقال رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: ألاَ أُنبئكُم بخير أعمالكم وأزكاها عِند مَليكِكُم وأرفَعها في درجاتكم وخيرٌ لكم من إعطاء الذَهب والورق وأن تَلْقوا عدوكُم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقِكم، قالوا: وما ذَلِك يا رَسول الله؟
قال: ذِكُر الله عَز وجل، وهو من أَجّْل الطاعات وأكبرها. يقولُ تعالى: إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمُنكرِ- ولَذِكرُ الله أَكبر-٠
كيفية الاهتمام بقبول الطاعات:
ليس من صِفَات المسلم ترك الطاعات مع غروب شمس آخر أيام رمضان، بل
المسلم الحق يكون على وجَلٍ وخوفٍ من أن تُرفع أعماله الصالحة ولا تُقبَلْ.
فقد كان السَلف الصالح يَرجون الله ويدعونَه ويسألونه أن يتقبل منهم، فكانوا
يجتهدون في إكمال العمل وإتمامه وإتقانه أيضاً ثم يهتمون بقبوله ويخافون
من رَده، فليس مَن يُصلّي وهو شَاردٌ في أُمورٍ أُخرى تُلهيه، أو يُخطئ في عدد ركعات الفرض الذي يُصلّيه كَمّن يُركز ويتمعن في الكلمات التي يسرِدُها،
أو يقرأ القرآن وقلبه وذهنه غافلٌ عن معاني آيات الذِكر الحكيم.
عن عائشة قالت: سَألتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية (والذين يُؤتون ما أَتَوا وقُلوبُهُم وَجِلة أنهم إلى ربهم رَاجعُون) سورة المؤمنون:آيه٦٠ أَهُم الذين
يَشربون الخَمْر ويَسرِقون؟ قال: لا يا بنت أبي بكر، ولكنهم الذين يَصومون
ويُصلّون ويَتَصدّقون، وهُم يخافون ألاَّ يُقبلْ منهم أولئِك الذين يُسارعُون
في الخيّرات. صَدَق رسول الله صلى الله عليه وسلم
تكرار مَوسم الطاعات كُل يوم وكل لَيلَو وكل أسبوع
بين أيدينا موسم للطاعات يتكرر كل خَمس مرات يومياً،وهى الصلاة
شَرِيطةً أن نَستَحضر الخُشوع والإيمان بكل كَلمة، قال الله تعالى:
(حافظوا على الصلوات والصلاة الوُسطى،وقوموا للهِ قانتِين)سورة البقره آيه٢٣٨
ثُم قيام الليل، فإنه نافلة إذا استطاع المُؤمن قيام ولو ليلة كل أسبوع، يتفرّغ ويتهجد ويُسبح ربه، لَمَسَتهُ نفحة من نفحات رمضان.
فضّل الثُلثْ الأخير من الليل
يتَنزّل في هذا الوقت الرحَمات والبركات، وهو وقت استجابة للدعاء وقد جاء في
الحديث الشَريف، قال رَسول الله صلى الله عليه وسلم: يَنزِل ربُنا -تبارك وتعالى- كل
ليلة إلى السماء الدُنيا حين يبقى ثُلثْ الليل فيقول: مَنْ يَدعوني فأستجب له؟
مَن يَسألني فأُعطيه؟ مَن يَستَغفِرُني فَأغفِر له؟ صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم
يوم الجُمعة وحصاد الطاعات
يوافق يوم الجمعة ساعةٌ للإجابة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(إن في يوم الجمعة ساعة لا يسأل الله العبد فيها شيئأً إلّا أتَاه الله إياه)صدق رسول الله
ومن أفضل الأدعية يوم الجمعة، الحمد لله كثيراً طيباً مُباركاً فيه،
اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، اللهم لك الحمد عدد خلقك
ورضى نفسِك وزِنة عَرشِك ومِداد كلماتك اللهم لك الحمد حتى تُرضي ولك الحمد على الرضا.
وأخيراً، أعظم ما تُفنى به الأعمار وأجلّ وأطيب ما يَرجوه المُؤمن هو قَبُول
عمله، فسألوا ربَكم وأنتم قد ودعمتم رمضان أن يتَقبل منكم صالح أعمالكم
وأن يَغفر لكم ذُنُوبكم و يعتِقَكم من النار.