حياة الفنانين
في ذكرى وفاتها الثامنة فتحية العسال.. الكاتبة والمناضلة التي علمت نفسها بنفسها
كتب/خطاب معوض خطاب
يوجد في بلدنا الكثير من الشخصيات المؤثرة والمبدعة والعظيمة التي تحدت ما يفرضه الواقع عليها، ولم تستسلم لهذا الواقع مهما كانت قسوته أو شدته، والكاتبة فتحية العسال التي ولدت في يوم 20 فبراير سنة 1933، ورحلت في مثل هذا اليوم منذ 8 سنوات، وتحديدا في يوم 15 يونيو سنة 2014 تعد واحدة من أبرز الشخصيات المؤثرة والمبدعة والعظيمة التي تحدت واقعها المفروض عليها ولم تستسلم له، بل قاومت وناضلت حتى أصبحت كاتبة وروائية معروفة وحققت شهرة كبيرة ويشار إليها بالبنان.
والكاتبة فتحية العسال كانت عضو مجلس إدارة اتحاد الكتاب ورئيس جمعية الكاتبات المصريات ورئيسة اتحاد النساء التقدمي بحزب التجمع، وهي الشقيقة الصغرى للروائية نجيبة العسال التي كتبت مسلسل الأطفال التليفزيوني “علاء وصفاء والأصدقاء”، وزوجة الكاتب والصحفي عبد الله الطوخي ووالدة الفنانة المعروفة صفاء الطوخي، وكتبت الرواية والمسرحية كما كتبت للإذاعة والتليفزيون، ومن أشهر المسلسلات التليفزيونية التي كتبتها “هي والمستحيل” و”الباحثة” و”حتى لا يختنق الحب” و”سجن النساء” و”لحظة اختيار” و”حصاد العمر” و”الحب والصبار” و”حصاد الحب”، وفي هذه المسلسلات وغيرها تبنت العسال قضية المرأة ورصدت المشاكل والتمييز الواقع عليها.
وفتحية العسال مثال للكاتبة العصامية المكافحة الثائرة المتمردة والمبدعة، حيث علمت نفسها بنفسها بعدما أخرجها والدها من المدرسة وهي صغيرة، فلم تستسلم لواقعها الذي فُرِضَ عليها، بل حرصت على مواصلة القراءة بعد انتهائها من أعمالها المنزلية، وحينما وجد والدها حرصها على التعليم أصبح يدعمها للتعلم من المنزل، فكان يأتي لها بالكتب لكي تقرأ، ثم بدأت في كتابة القصص بتشجيع من والدها.
وكعادة أهل ذلك الزمان سرعان ما وافق والدها على زواجها حينما تقدم لها عريس مناسب، فتزوجت وهي ابنة 14 سنة، وابتسمت لها الأقدار حيث كان زوجها هو الكاتب والصحفي عبد الله الطوخي، الذي كان يكتب ويعطيها كتاباته لتبدي رأيها فيها وكثيرا ما كان يستجيب لأرائها ويعيد الكتابة مرة أخرى قبل أن يرسل كتاباته إلى المطبعة.
والعسال كانت مناضلة سياسية بجانب كونها قاصة وروائية وكاتبة، حيث حملت على عاتقها هموم الفقراء والتحدث بلسانهم، وكذلك كان زوجها مما عرضها هي وزوجها للاعتقال أكثر من مرة، وقد اهتمت العسال اهتمت بقضايا المرأة بشكل خاص والقضايا الاجتماعية بشكل عام، وانشغلت بما تواجهه المرأة من عنصرية وتهميش لدورها الكبير وما تجده المرأة من قمع وقهر في مجتمعنا، ولعل اهتمامها هذا كان واضحا بصورة كبيرة من خلال المسلسل التليفزيوني “هي والمستحيل”، الذي قامت بكتابته وعُرِضَ أواخر سبعينيات القرن العشرين، وهو يحث على ضرورة تعلم المرأة التي لم تنل حظها من التعليم، وكأنها كانت تكتب عن نفسها وتحكي ما حدث معها حينما أخرجها والدها من المدرسة على غير رغبتها، فقط لأنها كانت طفلة ناضجة و”جسمها فاير” حسب وصفها.
ولعل ما واجهته في طفولتها هو الذي أثر على كتاباتها بعد ذلك، حيث تحدثت كثيرا عما مورس عليها من مختلف أشكال القهر، أحيانا باسم التقاليد وأحيانا باسم الشرع وأحيانا باسم المفروض والواجب، حيث كانت إقامتها تعتبر شبه محددة بالمنزل في طفولتها، كما قام شقيقها بقص خصلة من شعرها يوما عقابا لها لأنها وقفت أمام الشباك، وضربها يوما حينما شاهدها تسير في إحدى المظاهرات المناهضة للإستعمار الإنجليزي، وهكذا كانت فتحية العسال دوما هي تلك الفتاة الثائرة المتمردة التي تحدت واقعها بل وتحدت المستحيل، وقد كتبت سيرتها الذاتية في كتاب، وحكت فيه كل ما واجهها من مصاعب وعراقيل تغلبت عليها بقوة إيمانها وصبرها وعزيمتها وأطلقت عليه اسم “حضن العمر”
اقرأ المزيد مصممة الأزياء إشراق المنى” تصاميمي موجهة لكل النساء بلمسات تونسية جزائرية