محمد وسوف
الانحلال الفكري الذي وصل إليه مجتمعنا يهدد مستقبلاً كاملاً و لم يعد مقبولاً في الفترة الأخيرة، على الرغم من أننا أناس ذو تفكير خاص وخلقة خاصة مميزة لا نستطيع أن نقول بأننا من فصيلة البشر!نحن نقضي وقتنا خلف شاشة صغيرة نرى من خلالها العالم الخارجي بطريقة يأخذها كل واحد منا على محمل خاص به وإن أتيحت لنا الفرصة نختبئ وراء أصابعنا عند المواجهة، ماذا عن المشاعر التي تتوزع بالمجان عبر وسائل التواصل؟! وماذا عن الرسائل النصية القصيرة المملة !؟ ماذا عن الابتزاز الموجود؟! ماذا عن شبابنا وعن وقته الإلكتروني؟! الرقابة الذاتية ودور الأهل والمجتمع في تعزيز ثقافة المجتمع الإلكتروني المتمرد على عقول الشباب المراهق؟! هل نحن المتحكمين بأنفسنا أو لوحة المفاتيح هي المسيطرة؟!
كلمات نسمعها وأخبار ننتظرها سواء على التلفاز الذي اشتقنا لحضوره في أمسياتنا وذلك بسبب وضع التغذية الكهربائية السيئ ولكن كنا في استغناء عنه بوجود وسائل التواصل الاجتماعي نعم تواصل، جميعا نملك مسرح على موقع الفيس بوك حيث الإضافات والتفاعلات ومجتمع انقر لقراءة المزيد أو التفاصيل برسالة وكل هذه التقنيات قد أهلكت قوى العديد منا وبالأخص الشباب الذي بقي محكوماً بتعليق أو تفاعل صغير، العديد من الشباب قد حصلوا على علاقات غرامية بدأت بقلب وانتهت بأن صورك وملفاتك بحوزتي لا تتهرب، مشاعر فارغة من شخصية بائسة مهترئة تتهرب من الجميع وتدخل غرفتها على نفس الموقع ومع نفس الشخص على كلمات الحب تنام أحياناً وعلى دموع العتاب تستيقظ ولا ننسى مكالمات الفيديو المزيفة التي أخذت الحصة الأكبر في مجتمعنا الإلكتروني ولكن إعلانات مسرحنا على هذا الموقع من صور شخصية ومنشورات وأنشطة تفاعلية توحي لزوار هذا المسرح من نحن ومن نكون على الأقل ولكن أعلم معظمنا فارغ يشجع على الصلاة وهو لا يصلي أو يدعو للتعاون وهو يخاف الاقتراب من أي مجموعة بشرية، هذا هو المجتمع الأزرق الفارغ الغامض بأفكاره وبأشخاصه
وحتى الأحلام فيه وردية خافتة وحتى الوعود وردية باهتة وكل العيون بيضاء غامضة ووحده الواقع أسود حالِك، أغلب الناس تعرضوا لفيلم كانوا فيه نجوما ولكن نجوما مظلمة في رحاب هذا المجتمع الواسع طُلب منه/ا صورة بحركة معينة ولكن المشاعر والأحاسيس كانت مسيطرة في ذلك الوقت فأرسل/ت الصورة وبعد دقائق كانت حبكة الفيلم من تصارع وحوارات وتوترات كادت أن تقدح نارا من تلك الشاشة اللعينة البطارية انخفضت والتهديدات جارية العقل كاد أن يموت والكلام من تلك المحادثة لا حياء له نعم إنه الابتزاز الذي نعيشه من شبان أو شابات أو حتى رجال أو نساء هاربة كانت تبحث عن معطف حنان إلكتروني وحسب فوقعت ضحية من ضحايا الجهل والتخوف من بيان الحقائق الذي نخفيها وراء أقنعتنا، نرى فئة كبيرة من الشباب تقضي معظم وقتها على مواقع التواصل بين أزرار البحث والإرسال وهم الفئة الأكثر استخداماً لتلك المواقع كما أكد لي رواد ذلك المجتمع بأنهم مدمنون على استخدام مواقع التواصل وأنهم يملكون عائلات وأصدقاء افتراضيين يتشاركون الكلام والمحادثات ومن الممكن أحياناً أن تتواجد الخلافات عندها نخضع للحظر أو تفاهم ولكن كلمة الحظر كانت مستفزة جداً بالنسبة لي نعم هناك علاقات تنتهي بالضغط على زر واحد والأسوأ من هذا أن سوء تلك العلاقات يؤثر بشكل سلبي على علاقة الأفراد بمجتمعهم وأصدقائهم وقد يؤدي إلى تعزيز القيم الفردية للشخص والابتعاد عن تعزيز القيم الاجتماعية وإن تعزيز هذه القيم الفردية يبدأ من خلال تقديم الأفراد والشباب نفسهم عبر وسائل التواصل بحرّية مطلقة دون قيود وهذا ما يسمى بِ: “self_presentation” وإن هذا النمط من التعزيز الفردي للأفراد وبالأخص الشباب يؤدي إلى ضعف السلوك الإنساني وهشاشة التفكير بمتغيرات الواقع أي أن فئة الشباب قادرة أن تعيش برفقة لوحة المفاتيح وتلك الشاشة بعيدة كل البعد عن الواقع الحياتي أو الأسري ولكن يجب أن يتفكر كل شاب وشابة بأننا أناس نؤثر ونتأثر بالبيئة المحيطة بنا والتأقلم مع متغيراتها بدءاً من التغير المادي وغير المادي وأيضاً استخدام مواقع التواصل يخلق بيئة جديدة لها تأثير كبير في سلوك الأشخاص وحتى انفعالاتهم، هنا يدغدغ فكرنا سؤال صغير ألا وهو من المسؤول!؟ أو من من المراقب؟! هل يوجد مؤسسة دون مدير قائم ومراقبين! إن الشباب ينتمون لمؤسسة صغيرة ربما وهي الأسرة فالأب هو المدير والأم هي المحاسبة والطبيبة والطاهية والمعلمة والرئيسة لأبنائها فالمشاكل توجه لمكتب المدير الذي يعطي الأمر بالتنفيذ ولكن من جهة ثانية هناك رقابة ذاتية وهي الأهم عندما نملك خلية تفكير متماسكة مركزها العقل وليس القلب يمكننا أن نسيطر على كل جزء من انفعالاتنا وأفعالنا وللمجتمع جزء كبير في هذه الرقابة ولكن بشكل غير مباشر أي من خلال المؤسسات والجمعيات والمراكز التنموية عبر توظيف أفضل الأطباء النفسيين والمرشدين الاجتماعيين في خدمة عقول الشباب من خلال جلسات التوعية والنهوض بفكرهم ولو واحد بالمئة، على الرغم من عمق هذا البحر وهذا المجتمع الإلكتروني المتمرد وعلى الرغم من وجود أسئلة كبيرة وجريئة تحتاج إلى بحث عميق في مختلف المجالات لنصل إلى الجوهر اللامع وهو خلع فكرة التقليد الأعمى وزرع فكرة التفكير الأكبر، لوحات المفاتيح سجادة وأصابعنا أناس راكعة تركع وتنهض ولكن دون كلام فالعقل هو المسجد وأصابعنا زوار منهم الصالح ومنهم السيء لذلك علينا أن نلقح أصابعنا و عقلنا بإيمان الحب المتجدد وأن نترك لوحة المفاتيح تشتاق إلينا فتكون العودة ربما تفجيرا للحب ونشرا السلام.
زر الذهاب إلى الأعلى