مقالات
جنة الخُلد.. بقلم : دعاء الشعراوي
جنة الخُلد التي وعد الله بها عباده المُتقين
هي هدف كل إنسان .
هنا جنة على الأرض وهناك جنة في الآخرة
” إنَّ في الدُّنيا جَنَّةً مَنْ لَمْ يَدْخُلْهَا لَنْ يَدْخُلَ جَنَّةَ الآخِرَةِ “
. (الجواب الكافي لابن القيم) .
نعم فمن رُزق حلاوة جنة الدنيا في الرضا والسعي والفلاح سيكون بالتأكيد ممن ينعم الله عليهم بجنة الخُلد في الآخرة بعد يوم الحساب
فمن النعم حتي لو لم يكن الإنسان مؤمناً بوجود إله واحد هو خالق هذا الكون بكل ما فيه كما خلق الله للكافر ك المسلم جسد به كل الأجهزة حتي يعمل هذا الجسد في تناغم ك معجزة حقيقية وعقل يفكر ويُبدع كذلك خلق الله جنة الدنيا ومنها جزء بسيط ألا وهو الأخذ بالأسباب فإذا أخذ المُلحد بالأسباب نجى .هنا لا يشترط الإيمان بالله ك خالق للكون
.كما قال الدكتور مصطفي محمود ذات مرة إذا كان هنا مسلم لا يُجيد السباحة وكافر يُجيد السباحة هنا فقط من ينجو في البحر من الغرق هو الكافر الذي تعلم السباحة لأنه أخذ بالأسباب وكذلك إذا نظرنا اليوم إلي العالم الغربي والعالم العربي تجد نفس النتيجة فهم أخذوا بكل أسباب التقدم المادي في العلم والتكنولوجيا والصناعة لذلك كانت النتيجة البديهية لذلك أنهم في مقدمة ركاب التقدم. فالأخذ بالأسباب وتوقع النتيجة المنطقية هو جزء من جنة الدنيا التي يُعطيها الله لكافة عباده العابد والكافر.
فهذا الإنسان يُحكم فقط عقله المادي المحدود وتفكيره العقلاني
سيكون أيضاً هدفه العيش في نجاح وهناء وسعادة في حياته طبقاً لما يراه من مفهوم النجاح والسعادة. فنجاحه مادي وسعادته مادية لذلك عندما يصل لأعلي قمة هذا النجاح المادي ينتحر كما يحدث الآن في معظم الدول المتقدمة. لأنه يؤمن فقط بجنة الدنيا وما توُفره له من تسهيلات للعيش في رغد
هناك من يثق أن الجنة فقط في الآخرة ومعظمهم الروحانيون والمسلمون الذي يأخذون الدين علي أنه دين الآخرة فقط وليس دين لتستقيم له الدنيا كلها. وهذا خطأ لانه يتنازل عن العيش والسعي والنجاح الدنياوي من وجهة نظره ولكن الاعتقاد الصحيح أن نجاحك في الدنيا هو معبر لنجاحك في حياة الخُلد لأنك في فترة اختبار وأن الدين إلإسلامي يحث علي الفلاح في كل أمور الحياة. وهنا أتذكر مقولة شيخ الإسلام ابن تيمية عندما أًعتقل
“”ما يصنع أعدائي بي، أنا جنتي في قلبي، وبستاني في صدري، أين رحت فهي معي لا تفارقني، أنا حبسي خلوة، وقتلي شهادة، وإخراجي من بلدي سياحة”
كهذا عرف ابن تيمية جنته بأنها تنبع من أفكاره ومعتقداته وليس بما حوله من ماديات . وهنا يشبه فكر الصوفية الذي ينقي الفكر من كل الماديات. يأخذون من الطعام ما يسد رمقهم علي العيش ويعتزلون الحياة برغدها ويسكنون الصحاري .
فكر الصوفية ك صيام شهر رمضان في الإسلام لأننا في ذلك الشهر نتعبد لله بكل الطرق من صيام وصلاة وقرأن وصدقات ولكن باقي العام نعيش حياة معتدلة بين السعي والاستمتاع بالنعم التي وهبنا الله في غيرة معصية له وهذا هو مفهوم جنة الدنيا التي تؤدي إلى جنة الآخرة.
اقرأ المزيد أسس لتعليم المرأة المعنفة وتدريبها على المهارات التي تفتقر إليها …