عام
منير مراد.. الموسيقار الأسطورة والمبدع المظلوم ..في ذكرى رحيله
كتب/خطاب معوض خطاب
الموسيقار الأسطورة والمبدع المظلوم منير مراد الذي توفي في مثل هذا اليوم منذ 42 سنة، يعد واحدا من أعظم الفنانين المصريين على مر التاريخ، وأقول أعظم الفنانين عامة وليس الموسيقيين فحسب، فهو يستحق وصف الفنان الشامل ربما أكثر من غيره، فهو فنان لم يترك مجالا في الفن إلا وعمل فيه وأبدع من خلاله، ورغم ذلك ربما لم يتعرض فنان مصري لما تعرض له الفنان المبدع منير مراد من ظلم وتجاهل وتهميش وعدم تقدير يليق بما قدم من أعمال إبداعية شهد له بها الكثيرون، فمثلا المعلومات المتاحة عنه قليلة بالإضافة إلا أنه رحمه الله لم يتم تكريمه سواء في حياته أو بعد وفاته.
وقد ولد موريس زكي موردخاي الشهير باسم منير مراد فى يناير 1922، ونشأ في أسرة يهودية فنية معروفة، فأبوه زكي مراد يعد واحدا من أشهر موسيقيّ ومطربي عصره وصاحب أجمل الطقاطيق والمواويل التي غنيت في مصر في مطلع القرن العشرين، أما منير مراد فيكفي قوله عن نفسه في حوار إذاعي له: “أنا معجون بالفن”، وقد تلقى منير مراد تعليمه في إحدى المدارس الفرنسية بالقاهرة وأتقن العديد من اللغات، وعقب حصوله على الثانوية التحق بالكلية الفرنسية التي سرعان ما تركها وعمره 17 عاما، بعدها عمل بالتجارة في الجبن والصابون وأمواس الحلاقة واستمر بهذه الأعمال حتى بدأ حياته الفنية عاملا للكلاكيت مع المخرج توجو مزراحي، ثم عمل كومبارس في بعض الأفلام السينمائية، ثم عمل مساعد مخرج مع كمال سليم وحسن الصيفى وأحمد بدرخان وغيرهم فيما يقرب من 250 فيلما.
وعمل مديرا لمكتب الفنان أنور وجدي بعد زواجه من شقيقته الفنانة ليلى مراد التي أعلنت إسلامها، ثم عمل مساعدا له في الإخراج في عدد كبير من الأفلام، وخلال علاقته بالسينما التي طوال الفترة من سنة 1941 حتى سنة 1964 عمل منير مراد بكل ما يتعلق بالفن السابع، حيث عمل عاملا للكلاكيت ويالتحميض والديكور والماكياج ومساعد مصور وملاحظا للسيناريو، ثم مساعدا للإخراج وكومبارس وبطلا للأفلام ثم ضيف شرف، كما كتب روايات بعض الأفلام وأنتج وقدم إسكتشات وإستعراضات وأغاني ومونولوجات وقام بالتقليد سواء في الأفلام أو على مسارح مصر وفرنسا والمكسيك والولايات المتحدة وغيرها من دول العالم.
وكان أيضا راقصا بارعا حيث استعان به كثير من المخرجين لتقديم رقصة الكلاكيت الشهيرة دون أن يظهر على الشاشة وهي الرقصة التي تعتمد على الدق بالكعوب وأمشاط الأقدام على الأرض باستخدام نوع معين من الأحذية المخصصة لهذا الغرض، وإلى جانب ذلك كله كان بارعا أيضا في كل ما يتعلق بالموسيقى والغناء، حيث بدأ بالتلحين للفنانة الكبيرة شادية في فيلم “ليلة الحنة” الذي أخرجه وأنتجه أنور وجدي، وذلك في أغنية “واحد اتنين واحد اتنين”، وبعدها قدم معها ألحانا لا تحصى خلال 20 سنة منها “دبلة الخطوبة” و”ألو ألو” و”دور عليه تلقاه” ودويتو “حاجة غريبة” مع عبد الحليم حافظ.
وكان منير مراد من أقرب الأصدقاء لعبد الحليم خاصة خلال آخر 10 سنوات في حياته، حيث رافقه كثيرا خلال رحلاته العلاجية، وقدم العديد من الألحان مع حليم منها “باحلم بيك” و”أول مرة تحب يا قلبي” و”وحياة قلبي وأفراحه” و”ضحك ولعب وجد وحب” وبأمر الحب” و”دقوا الشماسي” وغيرها، كما لحن لأخته ليلى مراد 10 أغنيات أشهرها “أنا زي ما أنا”، كما لحن للعديد من نجوم ونجمات الغناء في مصر والعالم العربي ومنهم صباح وشريفة فاضل وفايزة أحمد ومها صبرى ووردة ومحرم فؤاد ومحمد رشدي ونجاح سلام وهاني شاكر.
وكان منير مراد قد أعلن إسلامه في أواخر الأربعينيات وغير إسمه من موريس إلى منير مراد، والجدير بالذكر أن أول أفلامه السينمائية كان مع شادية وهو فيلم “أنا وحبيبي”، وقد قام بتلحين جميع أغاني هذا الفيلم وكتب قصته و عمل مساعدا لمخرج الفيلم وقدم فيه اسكتش التقليد الشهير “محدش شاف” كما قدم فيلم “نهارك سعيد” مع سعاد ثروت، ثم شارك في فيلم “موعد مع إبليس” كضيف شرف، كما استعان به صديقه المخرج حسن الصيفي في أداء أحد الإستعراضات مع الفنانة سامية جمال في فيلم “بنت الحتة”.
وقد قدم الموسيقى والألحان في العديد من الأفلام السينمائية مثل “الزوجة 13” و”مولد يا دنيا”، كما قدم الموسيقى التصويرية لمسلسل “برج الحظ” بطولة محمد عوض والشهير باسم مسلسل شرارة، وكذلك لمسرحية “حواء الساعة 12” بطولة فؤاد المهندس وشويكار وزهرة العلا، بالإضافة إلى موسيقى بعض استعراضات لعدد من الراقصات الشهيرات مثل تحية كاريوكا وسامية جمال ونعيمة عاكف، وكان سابقا لعصره حيث عرض على التليفزيون المصري أن يقدم برنامجا كوميديا يلحن فيه مانشيتات الصحف ويغنيها بصوته، ولكن قوبل طلبه وقتها بالرفض فقدمه في التليفزيون المكسيكي تحت عنوان “ساعة مع منير مراد”.
وتزوج منير مراد 3 مرات، كانت الأولى فتاة يهودية أنجب منها ابنه زكي وبعد إسلامه بسنوات تزوج من الفنانة سهير البابلي، وكانت الثالثة قبل وفاته من خارج الوسط الفني، والحقيقة أن حياته كانت مليئة بالألغاز والتقلبات ووتعرض لكثير من الشائعات المغرضة، حيث اتهم بأنه أسلم من أجل الزواج من الفنانة سهير البابلي، مع أنه كان قد أسلم قبل زواجه منها بسنوات طويلة، وبعد وفاته في يوم 17 أكتوبر 1981 بسكتة قلبية ذكرت بعض الصحف أنه لم يكن يحمل الجنسية المصرية وأنه كان يقيم في القاهرة بتذكرة مرور دولية كانت تجدد له سنويا، هذا رغم أنه كان عاشقا لمصر ورفض أن يتركها ويهاجر لإسرائيل، بل أعلن إسلامه وعاش طوال حياته مصريا مسلما حتى مماته.
رحم الله الفنان المبدع المظلوم منير مراد الذي كان سابقا لعصره بألحانه وإبداعاته المتعددة، ولم يشعر أحد بوفاته لحدوثها بعد حادث اغتيال الرئيس السادات بأيام قليلة وتحديدا في يوم 17 أكتوبر 1981، والحقيقة أنه ربما لم يتعرض فنان في مصر لما تعرض له الموسيقار المبدع منير مراد من ظلم وتهميش وعدم تقدير سواء في حياته أو بعد وفاته، رغم موهبته الكبيرة وإبداعاته المتعددة في مختلف مجالات الفن، وربما آخر ما تعرض له كان ما حدث العام الماضي عندما تراجع المسئولون عن مهرجان الإسكندرية السينمائي عن تكريمه بعدما أعلنوا ذلك، وكانت حجتهم أنهم كانوا يودون تكريمه في مئويته ولأنهم لم يتأكدوا من حقيقة تاريخ ميلاده فقد عدلوا عن تكريمه وقاموا بتأجيله حتى يتأكدوا من صحته ثم يقوموا بتكريمه في أي دورة قادمة، وكأن منير مراد لا يستحق التكريم إلا في مناسبة مئويته فقط، لا عن أعماله وإبداعاته التي شهدها وشهد له بها الكثيرون.
اقرأ المزيدفي ذكرى رحيله الفنان سعيد أبو بكر.. شيبوب السينما المصرية