كتبت رانيا الرباط
رغم نفي وزير التربية والتعليم الدكتور طارق شوقي لما نشر علي لسانه في جريدة أخبار اليوم من حوار عن ان نصف العاملين بالوزارة”حرامية” معللاً ذلك بأن مثل هذه التصريحات لا يمكن ان تصدر عنه ( وللحق فقد شهدناه خلوقاً عفيف اللسان منذ ترأس الوزارة بغض النظر عن إتفاقنا أو أختلافنا مع فكره ومنهجه ) إلا أننى لم أندهش وذلك لعدة أسباب منها أننا كمصريين بتنا نصحو ونغفو علي مجهودات هيئة الرقابة الادارية في القبض علي المسئول الفلانى والوزير العلانى متلبساً في قضية رشوة فى موجة تشهدها مصر لأول مرة في تاريخها فتفتح ملفات قديمة وشائكة وتستدعي رجالاً تقلدوا مناصب في السابق ولم يصدقوا ما عاهدوا الله عليه وتلقي القبض علي رجالاً ونساءً يشغلون حالياً مناصب ولم يتورعوا عن نشر الفساد بها في صورة فجة تجعلنا كمواطنين نضرب كفاً علي كف دهشةً وتحيراً من أشخاص أعماهم فسادهم فلم يخشوا الله ولم يخشوا الناس ولم يتعظوا وهم يرون أعواناً لهم يتساقطون واحداً وراء الآخر!!!
سقوط هذا الكم من الفاسدين اللصوص أقوى تفسير لسوء أحوالنا الأقتصادية قديماً وضعفها حديثاً بصورة تؤثر أيضاً علي مناخ الأستثمار؛وإن كانت المؤشرات قبل ثورة يناير تدل علي تحسن تدريجي في الأقتصاد إلا أنه ظهر في طبقة الوزراء اللامعين ورجال الأعمال والمنتجين ممن أحتكر معظمهم العمل التجارى إلي جانب مهنة الفن فلم يشعر بهذا التحسن المواطن العادى الذي كان يعانى حتى يكسب قوت يومه متسائلا ًحينما تهبط عليه المؤشرات التى تشيد بتحسن حركة الملاحة وزيادتها في القناة أو في الإقبال السياحى الذي تشهده مصر من مختلف دول العالم عن أين وفيما تصرف كل تلك الأموال إن لم يكن هناك تحسناً في الخدمات أو في مستوى المعيشة ؟!!! لم نكن نعلم أن هناك رجال أعمال تستولي علي أراضي الدولة بجنيهات زهيدة لتحصل منها علي ملايين بعد دفع نصيب المسئول الكبير الذى سيعمل علي تسهيل الأمور!!! لم نكن نعرف حجم بدل السفر لكبار المسئولين، وحجم الحوافز والمكافآت والبدلات التى تصرف حصراً لكبار العاملين بكل المؤسسات الحكومية!!! لم نكن نعرف عن حجم الرشاوى والهدايا التى تقدم من قبل طامع في منصب يعلم جيداً أنه سيسترد ثمن ما دفعه أضعافاً مضعفة اذا تولاه!!! الفساد الإدارى والمؤسسي بوزارة التربية والتعليم ما هو إلا صورة مصغرة لفساد عشش في بلدنا حلله الفاسدين وحللته لهم القوانين !!! فساد تغلغل بشتى صوره فى المجتمع أقتصادياً،أجتماعياً،سياسياً،أخلاقياً،أمنياً وحتى والأخطر حالياً عقائدياً؛إن كنا حقاً نرغب في التطهير فلابد أولاً من إعادة النظر في القوانين التى تفسد القضايا بثغراتها التى تخرج المرتشي (زى الشعرة من العجين) بما يرضي الله فهكذا تقول القوانين!!! لابد من إلغاء القوانين والسياسات التى تمكن المسئولين من تحقيق مكاسب مباشرة فيتم سوء أستخدام سلطتهم العامة لتحقيق هذه المكاسب الشخصية ؛إن كنا نرغب في التطهير فلابد أن يطبق القانون علي الجميع من الكبير للصغير ؛ وضع خطة متكاملة لإرساء العدل من القمة إلي القاعدة؛ إن كنا نرغب حقاً في التطهير فلابد من إلغاء المحسوبية والطبقية التى نضعها نصب أعيننا قبل أن يتخذ القرار هل ندين أو لا ندين ؟!!! ميزان العدل قائم علي المساواة بين كفتيه فلابد من تشريعات وقوانين رادعة تقوى من الرقابة الحكومية فتمنع فساد المتهربين من الضرائب وتمنع تهريب الأموال إلي الخارج ،فرغم كل ما يقدم من قضايا للمرتشين والفاسدين إلا أنه لايزال أمامنا طريقاً طويلاً نمشيه إذا أردنا حقاً أن نكون عادلين.