أصحاب الموهبة الحقيقية هم الذين يصنعون نجوما وأعمالهم تبقى بعد رحيلهم حتى وإن لم ينالوا حظهم من الشهرة والمال والأضواء
أحد أهم شعراء الأغنية الشعبية في مصر ربما لا يعرف الكثيرين اسمه لكنهم يرددون كلمات أغانيه انه الشاعر الكبير “حسن أبو عتمان “مؤلف أهم الأغاني الشعبية وأكثرها نجاحا وانتشاراً ومن الذين ساهموا في نجاح وتألق نجوم الأغنية الشعبية على راسهم “محمد رشدي” وأحمد عدوية كما غنى له “محمد قنديل “على كوبري ” “أبو العلا “و “كارم محمود” بنت الحلال اللي عليها النية و “محرم فؤاد” عليه العوض وايضا غنى له “وليد توفيق” صابرين يا دنيا صابرين ولحن كلماته كبار الملحنين أمثال كمال الطويل و”بليغ حمدي” و “حلمي بكر “و “هاني شنودة “.
وشاعرنا الكبير ولد عام 15 يوليو 1929 في مدينة المحلة الكبرى وهو من الشعراء الذين لم يكملوا تعليمهم بل عاش ومات بسيطا أخرجته اسرته من المدرسة مبكرا بعد إصابته بسحابة بيضاء على عينيه وبعدها التحق بالعمل في شركة مصر للغزل والنسيج بالمحلة الكبرى وكان وقتها يكتب الازجال بالإضافة الى نشاطه الفني في مسرح الشركة التي استمر بها لمدة عشر سنوات لكنه تركها وهو في العشرينات من عمره ليفتتح صالون حلاقة وهى المهنة التي أحبها وقال عنها الحلاقة ليست مجرد حرفة قص أجزاء من الشعر وإنما هي فن يصنع وجوهاً أكثر جمالا.
ترك حسن أبو عتمان قريته عام 1964 بعد أن حقق شهرة واسعة في مهنة الحلاقة الى القاهرة ليحقق نجاحا جديدا بها من نوع آخر ويحترف مهنة كتابة الأغنية الشعبية والتي تميزت بالبساطة و بخفّة الظل والقدرة على صناعة البهجة والشجن حين تستمع الى احد مواويله.
ومع ظهور المطرب الشعبي “أحمد عدوية” كانت هذه المرحلة فارقة مع شاعرنا الكبير وبدءا سويا مشوارهم الفني مع الغناء ليضع “احمد عدوية “في صدارة صفوف أشهر مطربي الأغنية الشعبية في العالم العربي ويحدث طفرة واضحة في عالم الأغنية الشعبية فكتب له معظم أغانيه التي حققت نجاحا مدويا ومنها سلامتها أم حسن” و “كله على كله “و “زحمة يا دنيا زحمة” ويا بنت السلطان “ويا ليل يا باشا “و “راحوا الحبايب “و كراشنجي دبح كبشه
وخلال هذه الفترة انهالت الاتهامات على عدوية بإفساد الذوق العام ، حتى أن معظم هذه الأغاني كانت تطبع خارج مصر ويتم تهريبها وبيعها سرا خوفا من المصادرة رغم أن موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب أبدى إعجابه بصوت عدوية وبكلمات حسن ابو عتمان وقال عدوية مطرب يسمعه المهمشون علنا ويسمعه المثقفون سرا كما دافع الكاتب الكبير نجيب محفوظ والزعيم عادل أمام في السبعينات والثمانينات عما يقدمه أبو عتمان مع عدوية ليثبت الزمن وجهة نظرهما بالفعل عاشت أغانيهم عشرات السنوات، بل وتم اعتبارهم أيقونات للفن الشعبي لأجيال متعددة وتعد هذه هي البداية الحقيقية لحسن أبو عتمان
لم يكتف حسن أبو عتمان بكتابة النوع الشعبي فقط، بل قدم الأغنيات الوطنية مثل سلامتها أم حسن وكان المقصود هنا بأم حسن هي مصر، وكانت مناسبة هذه الأغنية هي هزيمة 1967 وبعد انتصار 1973 كتب أغنية كله على كله وبكل هذه الأعمال ظل اسم الشاعر حسن أبو عتمان لامعًا في مجال الكتابة الشعرية الغنائية الشعبية والوطنية
كما كتب للفنان محمد رشدي انجح الأغاني مثل حسن يامغنواتى وعراباوى وعشرية والله وفرحنالك ياولا
ومواويل آدهم الشرقاوي ويا عبد الله يا اخويا سماح وأفراح
وكانت أكثر المواقف الصعبة في حياة حسن أبو عتمان حالة الحزن التي سيطرت عليه بعد حادثة عدوية الشهيرة التي منعته فترة ، إضافة إلى حالة الاكتئاب التي ظلت مسيطرة عليه منذ بداية الثمانيات والتي جعلته يمتنع عن بيع أغانيه التي بلغت 77 أغنية لم يتم غناؤها ، وكان يكتفى بكتابتها والاحتفاظ بها يقول بعضها “دنيا مريضة و عايزة علاج” وغيرها من الأغاني
وبعدها دخل مستشفى الهرم بسبب مرض في الشعب الهوائية بالصدر وتوفى داخلها بعد فترة قصيرة
ورحل حسن أبو عتمان في يوم الثلاثاء 19 يونيو 1990 عن عمر يناهز 61 بعد رحلة عطاء طويلة واثرى خلالها الساحة الغنائية بأكثر من 120 اغنية وموال وتنوع اسلوبه بين الأغنية الشعبية والوطنية بالإضافة الى المواويل وكتابة الازجال