حكايات بقلم: آية علي الجبالي
دقت الساعة تمام الواحدة علي رصيف محطة القطار بمدينة دمنهور يبدو أن الشمس اليوم في طلة بهية كادت تعمي كل من نظر إليها ويبدو أنها تتفاخر بطلتها علي كوكب الأرض حتي إرتفعت درجة حرارته كلياً .إستقليت القطار رقم 707المتجه إلي مدينة القاهرة بصحبة والدي العزيز ،كانت المرة الأول التي بادرت فيها بركوب قطار للقاهرة وكنت أظن حتي تمام الواحدة أنها لن تكون الأخيرة ، حتي إنطلق القطار وإنطلقت معه حكايات الركوب مابين عليل وتهليل وعروض مشتريات وحكايات لا تنتهي كان لي قدر بأن تكون “زينبُ” رفيقة رحلتي ، زينبُ إمرأة ستينية بلغتها الشيخوخة في الأعوام ولم تنجح في إحتلال عقلها ولا جسدها ، فتباهت بكل ما تملك من زينة وقد أوتيت مفاتح الضحك فلا ينفرج فمها إلا عن ضحكة أو كلمة يسبقها ضحكة أو جملة يتبعها ضحكات عالية .
جلست علي الكرسي المجاور للنفاذة كعادتي وإطلعت علي مافي حقيبتي من كتب وكان لي نصيب أن أطالع رحلة إلي الجنة والنار للمبدع د.مصطفي محمود
إنشغلت طيلة الطريق مع كتابي لم تكن الطرق حيث يقطع القطار رائعة فإلتهمت الكتاب بينما كان أبي يطالع هاتفه الخلوي كعادته وكانت زينبُ تلتهمني بعينها وبيننا نظراتٌ متبادلة
مر الأمر ملولاً حتي إنتصفت الواحدة ظهراً وتوقف القطار في مكان لايرجوه أحد حيث لا سكن ولابشر ولا محطة ولا هواء والشمس مازلت تحتفي بإطالتها
وهنا إنطلق سيل الحكايات مابين عمال وموظفين ومسافرين والكل يشكو تأخيره لغيره وكعادتي تركت الكتاب وودعت الصفحة وألقيت بسمعي أجول بين الحكايا فطالما أطربتني تلك الحكايات..
علي الجانب المواجه للكرسي حيث أجلس مجموعة من الشباب
أما من ورائي فتقيم أسرة من صعيد مصر وعن أمامي زينبُ ولا زالت تلتهمني بعينها ولا يكسر ضجيج الزحام سوي بائعي القطار بمشترياتهم التي لاتنتهي..
قطع كل هذا حديث زينبُ لي : فارجة فمها عن كلمات بكماء وضحكات لا أفهمها وعبارة واحدة: ممكن تسجلي الرقم ده يابنتي.
أؤمت بنعم وفعلت ماطلبت للتو وإن كنت أعرف أن هذا ما هو إلا دعوة لحديث لا هروب منه ولا جدوي فيه وربما ثرثرة فارغة ولكن علي كل حال الصمت أكثر مللً من حديثها التافهه إن كان تافهه .
قالت زينب: ده رقم إبني إسمه سيد….
كادت أن تكمل جملتها حتي جاء صوت صريخ وهرول الركوب معلنين أن القطار يحترق…..
يتبع