النترو .. من هم .. (3)
اعداد احمد ياسر .
النتر في العالم المادي ( الجزء الاول )
يشغلني دائماً سؤال محير وهو هل النتر كان شخصاً حياً علي وجة الارض يأكل ويشرب ثم مات وقدس بعدها بفعل احداث فعلها او تسبب في فعلها ام مجرد رمز لوجة من وجوة الطبيعة .
و الي حد ما وصلت قناعتي لطغيان الافتراض الثاني علي الاول ..
بحيث ان قِدم الاساطير التي تتحدث ع النترو او بمعني ادق يشكل فيها النترو البطولة وسير الاحداث تجزم عندي رمزية النترو بحيث يكون النتر هو تمثيل او تصوير او رمز لوجة من اوجة الطبيعة .
فلا صحة لما يُشاع بأن المعني العربي لكلمة ” نتر ” المصرية هو إله او حتي رب او معبود الي آخره من المصطلحات التي تعني العبودية والتضرع .
ولكنها ليست اكثر من رمز لمظهر من مظاهر الطبيعة المادية التي يراها المصري القديم ويعاينها سواء يوميا او اسبوعياً او سنوياً ..
ويوضح هذا بشدة الكثير من الآثار التي خلفها اجدادنا المصريين القدماء سواء كانت فقرات من نصوص الاهرامات التي ظهرت مع نهاية الاسرة الخامسة او في الاساطير المصرية المعنية بوصف الخلق من وجهة نظر المصري القديم والمذكورة علي الآثار المختلفة والتي تنتقل من المادية البحته في نظرية ايونو ” هليوبوليس / عين شمس ” و الاشمونيين الي الماورائية او الميتافيزيقية او علي الاقل بعدها عن المادية البحتة في نظرية ” منف ” .
إن هذا الموضوع اكبر بكثير من حصره في بضع صفحات ولكننا سنحاول .
وسنتحدث في هذا العنصر من خلال الاجابة عن سؤالين مهمين تتجه بها وجهات النظر الي الواقعية دون الافتراء علي الاجداد القدماء ..
السؤال الاول :
هل النترو آلهه او هم مجرد رموز للطبيعة .
السؤال الثاني :
هل النترو كانوا بشر في يوم من الايام ام كانوا للمصري القديم مجرد رموز للطبيعة تعمل بفعل قوي تسيرها ..؟
في الحقيقة إن إجابة هاذين السؤالين لا تنفصل عن بعضها البعض فكلا السؤالين لهما نفس الاجابة حتي وان تعددت المصادر التي تجيب عن اجابتيهما وللاجابة عنهما لابد ان نعود الي عصر الدولة القديمة حيث قطعت المملكة المصرية شوطاً عظيماً من التقدم الحضاري ومن ثم التقدم الفكري والثقافي والاقتصادي والاجتماعي والسياسي والعسكري إلي آخره من اوجه الحضارة المشرفة التي نفخر بها حتي الآن .
وبالعودة الي نصوص هرم الملك ونيس والمسجلة داخل هرم الملك ونيس الموجود في منطقة سقارة بالجيزة .
والملك ونيس هو اخر ملوك الأسرة الخامسة , وقد شيد مجموعته الهرمية بجبانة سقارة بالقرب من هرم زوسر الشهير وسجل في غرفة الدفن الخاصة به وعلي الممرات والغرف الاخري مجموعة من النصوص والتعاويذ التي كان يُعتقد انها ستنفعه في العالم الأخر .
وتلك النصوص كانت عبارة عن وصف لرحلة الملك ونيس ابتداءً من وفاته حتي صعوده الي السماء .
وتعتبر نصوص هرم الملك ونيس واحدة من اهم المصادر التي تمدنا بالعديد من المعلومات عن العقيدة المصرية القديمة وتصورهم للنترو وللعالم الاخر وحتي انها تمدنا بمعلومات غزيرة عن واقع البيئة المصرية قديماً والخوارق الطبيعية كالزلازل والبراكين
وغيرها من الامور التي رآها المصري القديم بعينه وآمن بها ثم توقع بعدها انها لها وجة آخر في العالم الاخر .
حيث ان المصري القديم قد اعتقد ان لكل شئ مثيله في العالم الاخر وان الموت ما هو الا بوابة انتقال من عالمنا المادي الي العالم الماورائي ويظهر ذلك السيمترية المعروفة في الفن المصري القديم والتي تنص علي تصوير وجهين لكل شئ وهذا هو تفسير انقسام الحائظ المعني بتدوين النصوص والمناظر الي نصفين تتجه فيه النصوص والمناظر ناحية الشرق تارة ونفس النصوص والمناظر تتجه ناحية الغرب تارة اخري .
وظهر ذلك جلياً في نصوص الملك ونيس فنظرة المصري القديم للنترو وضحت جلية في بعض الفقرات التي تحتاج منا فقط الي تأمل وحسن تفسير وتفكير .
وسنعرض سوياً بعض هذة الفقرات لنوضح بها حقيقة الأمر.
ولكن في البداية ينبغي ان نذكر طبيعة مصر قبيل الفيضان واثناء الفيضان وبعد الفيضان لنري أثر ذلك الامر في تكوين اسطورة الخلق الخاصة بمدينة عين شمس ( هليوبوليس )
فالبيئة أثرت بشكل واضح في تشكيل عقلية المصري القديم وتصوره للأشياء وتصوره لنشاة الكون الذي هو من وجهة نظره مصر .