كتب . د. احمد زكريا
الفصل الاول
باروخ هو هشم ادونى ميلخ هعولام (مبارك هو الرب ملك العالم)؛ فى زمن بعيد جدًا؛ كان كل اليهود القرائين يعيشون فى مصر القديمة حول معبدهم الكبير هناك، ولمّا جاء الخلفاء الفاطميين إلى مصر لم يريدوا أن يعيشوا إلى جانب العامة والغوغاء من اليهود أو المصريين؛ فذهب وزيرالملك “جوهر أغاخان” إلى الصحراء و الوادى الكبير الواقع شمال مصر التى لم تكن وقتها قديمة بعد، وبنى قاعة عظيمة لها باب من ذهب، وقال:-
“هنا يجلس سيّدى الخليفة؛ هنا يكون عرشـــــــه”
وحول القاعة شيّد قصـــرًا عظيمًا وقال:
“هنا يسكن سيدى الخليفة؛ هنا يكون قصـــــــره”
وحول القصر زرع حديقة عظيمة و قال:
“هنا يتنزه سيدى الخليفة؛ هنا تكون حديقه قصره”
ولمّا لم يكن بالصحراء من ماء ليسقى حديقه قصر الخليفة؛ قام بحفر قناة عظيمة حملت مياة النيل للصحراء، فنمت البساتين والحدائق حول القصر الكبير، ثم أمر الجنود؛ فعمّروا البيوت والمنازل حول أسوار قصر الخليفة، فكانت القاهرة العامرة التى أحاطتها الأسوار العالية ومن بعدها الصحراء القالحة.
وحول القاعة شيّد قصـــرًا عظيمًا وقال:
“هنا يسكن سيدى الخليفة؛ هنا يكون قصـــــــره”
وحول القصر زرع حديقة عظيمة و قال:
“هنا يتنزه سيدى الخليفة؛ هنا تكون حديقه قصره”
ولمّا لم يكن بالصحراء من ماء ليسقى حديقه قصر الخليفة؛ قام بحفر قناة عظيمة حملت مياة النيل للصحراء، فنمت البساتين والحدائق حول القصر الكبير، ثم أمر الجنود؛ فعمّروا البيوت والمنازل حول أسوار قصر الخليفة، فكانت القاهرة العامرة التى أحاطتها الأسوار العالية ومن بعدها الصحراء القالحة.
كانت القاهرة عظيمة من قبل أن يدخلها الخليفة، فلمّا دخلها صارت مدينة العظماء، ولم يكن لأحد من العامة والدهماء أن يبيت فيها، كان الخدم وعمال القاهرة ومزارعى حدائق قصر الخليفة يخرجون قبل شروق الشمس يتحسسون طريقهم فى ظلام ليل مصر القديمة وطرقاتها المتعرجة تصعد تارة وتهبط تارة حتى يبلغوا سوق الحمير و البغال فيستأجرون الدواب التى تحملهم فى طوابير طويلة تقطع بهم الصحراء إلى بوبات القاهرة؛
وبعد ساعات من الانتظار والتفتيش يأخذ كل منهم طريقه إلى قصر سيده “القاهرى” الذى يخدمه، سيرًا على الأقدام!! لم يكن مسموحًا للمصريين بركوب الدواب فى أرض العظماء؛ “القاهرة” التى لم تكن بعد قد اتسعت كما هى اليوم،
وكان الجميع يبلغ غايته من قصر أو ديوان قبل ساعة من استيقاظ “السيد” بينما الدواب تنتظر حول أسوار القاهرة تأكل من حشاش الأرض وترعى تراقب حركة قرص الشمس وهى تدور حول القاهرة تطارد ظلال أسوارها العالية، فتقضى قيظ الظهيرة عند السور الغربى حيث وادى النيل ومروج العشب والقنوات العذبة بينما الرعاة والسياس يراقبون القرص الذهبى وهو يتجه نحو إهرامات الجيزة.
كانت اللحظة التى تلامس فها الشمس سن الهرم الاكبر هى الميقات المنتظر، فتتحرك القوافل عبر الصحراء ثانية إلى مصر القديمة، ومن يتخلف عن الموعد سيضطر لقضاء ليلته فى الصحراء فى ضيافة اللصوص أو فى سجن السور، حيث تنطلق فرقتنان من جنود الخليفة مع أذان المغرب والعشاء للبحث عن أى من المتسسللين من أهل مصر، فيدوعوا فى سجن السور حتى يعرضوا فى اليوم التالى على قاضى القضاة، أما فى مصر القديمة؛ مدينة الليل التى لم يعد أهلها يعرفون أو يذكرون كيف تكون هيئتها فى ساعات النهار؟
فلقد مضى زمن طويل منذ أن شاهدوها نهارًا، إذ كانوا يغادرونها ليلًا ويأتونها ليلًا كل يوم تقريبًا، ربما فى ذلك الزمان كانت مصر القديمة هى مدينة الأطفال، لها حكاية أخرى تروى غير هذه، ومع ذلك فقد كان هناك يوم الجمعة لدى المسلمين يوم السوق الكبير و الصلاة و يوم السبت يوم الراحة لليهود (كل اليهود وليس القرائين وحدهم).