د/ نجلاء حسين تكتب أنوار الحياة
أجمل ما في الحياة أن تعتز بنفسك ،وأن تشعر بقيمتك ،وأن تسير إلى غايتك غير عابىء بمن يثنيك عنها مبتغيا بذلك وجه الله ،وستجد ثمرة ذلك ونتيجته في عقول تنيرها وتؤثر فيها
إستوقفتنى الآية الكريمة واقشعر لها بدنى لدرجة البكاء، ألا وهى ) ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور} (النور:40} ؛ حيث تحمل فى طياتها كل معانى الهداية والجهاد لطلبها ، فيتساءل البعض ؛ وكيف ذلك ، وهنا نستشف أن الله قد جعل لنا أنوار مختلفة ولكن مترابطة ؛ حيث لا سبيل للحصول على إحداها دون الأخرى .
• نور الهداية الدنيوية ؛ حيث يمن الله على صاحب هذا النور بالسكينة والسلام النفسي مع نفسه ومع من حوله ، ويفيض عليه بحب الخير والتعاون وقضاء حوائج الغير؛ وكل ذلك فضل من الله فحسب …
حيث يقول الرحمن فى كتابه العزيز :: {ومن يهد الله فما له من مضل} (الزمر:37)، وقوله عز وجل: {ومن يضلل الله فما له من هاد} (الرعد:33).
* نور الإيمان ؛ ألا وهى الهداية القلبية واليقين بوجود الله ، وهو النور الذى يربط بين نور الدنيا ونور الأخرة ؛ وقد روي عن ابن عباس رضي الله عنه قوله: من لم يجعل الله له ديناً وإيماناً، فلا دين له.
* نور الهداية الأخروية ؛ وهذا النور يرجوه كل مسلم مؤمن من رب العالمين فى يوم لا ظل إلا ظله ، يوم الحشر العظيم ، يوم دنو الشمس من الرؤوس ؛ وتساقط لحم الوجوه من الوجل ؛ فيمن رب العالمين على عباده المؤمنين بهذا النور ليرشدهم للجنة ؛ حيث قوله تعالى :: {يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَىٰ نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (الحديد:12).
وهنا نتساءل ؛ هل هذه الأنوار والهدايات تأتى من رب العالمين دون جهد من العبد ؟ ؛ بالطبع ، لا ، فالأساس هو التوفيق من الرحمن للعبد ، ولكن يصحبه الأخذ بالأسباب كما أمرنا رب العالمين ؛ حيث قوله تعالى :: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به ويغفر لكم} (الحديد:28) ، فلابد من طلب الهداية والإجتهاد للوصول لها ومجاهدة النفس للحفاظ على ما وصل له المؤمن من أنوار الهداية ؛ ويظل كذلك حتى يلقى ربه ؛ وبذلك يستحق جزاء المجاهدين الذين أنعموا بأنوار الحياة وجاهدوا للحفاظ على نفس الطريق ؛ حيث قول رب العزة :: {وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار} (البقرة:25).
ولكن نسمع دائما من بعض الناس ؛ أن الله لم يرد لى الهداية ؛ فماذا أفعل ، ليس هذا ذنبى ، فنقول لهم ؛ هذا مبدأ لا أساس له من الصحة فى شرع الله ، لأننا أمرنا بالأخذ بالأسباب للوصول الهداية ، فكيف السبيل لذلك ؟
* ويكون ذلك بالدعاء والتضرع لرب العزة كى يهدنا ، ثم السعى لكل سبل الهداية من تعاملات حسنة وصدقات والحفاظ على العبادات ، إلى آخره من أنواع التقرب لله عز وجل ، فإن سلكنا هذا الدرب ، يستحيل أن يردنا الرحمن ؛ بل سيهدنا أكثر وأكثر وينير دربنا بأنوار الحياة ؛ وقد صدق العزيز الأجل ،حينما قال فى كتابه العزيز :: {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا} (العنكبوت:69).
ولذلك فلنتمسك بأدعية خاتم الأنبياء صلى الله عليه وسلم حيث كان دائم الدعاء ب : ( اللهم اجعل في قلبي نوراً، وفي بصري نوراً، وفي سمعي نوراً، وعن يميني نوراً، وعن يساري نوراً، وفوقي نوراً، وتحتي نوراً، وأمامي نوراً، وخلفي نوراً واجعل لي نوراً) متفق عليه.
** نرجو من الرحمن أن يمن بتلك الأنوارعلي من يشتاق للقائه ورؤية وجهه العظيم ؛ نسألك اللهم ربنا ورحيمنا أن تثبت قلوبنا على الإيمان .