يا راحلاً للقدسْ
بقلم أبو فرح (عاطف أبوبكر)
مهداة لروح الشهيد،القائدالكبير، ابو إياد،
:صلاح خلف
يا راحِلاً للقدْسِ دونَ سِواها
خُذْني هناكَ فقدْ رغِبْتُ لِقاها
كمْ قد رحَلْتَ ولمْ أكُنْ لكَ حاسِداً
واليومَ أحْسدُ مَنْ يضُمُّ ثراها
إنِّي لأعًْتبُ مِنْ خِلالِ محبتي
والعينُ بعدكَ قَدْ عرَفْتُ سَخاها
مهما تصُبُ فمَنْ يقولُ بأنّها
أوْفَتْ ،ولوْ مطر الدموع عَماها
ها قَدْ رحلْتَ ولمْ تقلْ يا صاحبي
هيّا نشُمُّ مَعَ الصباح هواها
أأظلُّ وحدي في المنافي هائِماً؟
فالروحُ سهْمكَ في الفؤاد رَماها
أأقولُ إنّي قَدْ يئِسْتُ وعنْدها؟
تغدو ثياب الذّلِ كلّ كِساها
فالوعدُ أقْطعُ لو بقِيتُ بمُفردي
إكمال (حربٍ) قد يطولُ مَداها
لا لنْ أُسَلِّمَ للتراجع لحظة ً
لا والذي عَمَد السماءِ بناها
لا لن أُسلِّمَ رغم عنْفِ مرارتي
فالروح تأْبى أنْ تديرَ خُطاها
كمْ مرةٍ نصَبوا الكمين َ ،فأَيْنهُ؟
خطَرٌ ولوْ فِيهِ الممات ثناها
فهي المخاطرُ للهمامِ دروجهُ
وبدونها تئد النفوسُ عُلاها
إنّ المهانةَ لا تليقُ بِمِثْلِنا
والنفس ُ تأْبى أنْ تسيرَ وَراها
إنّي تحدّيْتُ المخاطرَ صاحبي
والعيْنُ متْرٌ لا تزيِدُ رُؤاها
o
ورفضْتُ إحْناءَ الجبينِ لقاتلٍ
فَمَنِ الخطوبُ القاحِماتُ لَواها؟
فاقْررْ بدنيا الخُلْد فهي عزيمتي
تلجُ المحالَ ولا تخورُ قُواها
من قال إنَّ الغدرَ يثني همة ً
كالنار تقدحُ أو يفوقُ لَظاها
منْ قال إنّي قد أُسلّم راية ً
فالكفُ ترفعُ في السماءِ لِواها
خسيءَ المشكِّكُ فالمخاطر سُلّمٌ
وهي المفاخر، مَنْ رقاهُ جَناها
لا لن أُهادنَ مجرما ً وكواتماً
مهما تعالى كالكلاب عُواها
لا لن أُبَرّيءَ كفّها مِنْ دمِّنا
مهما اتهامي قد أثار عِداها
إنّي نذرْتُ ،بأنْ أُعرّي زيفها
فنزَعْتُ عن تلك الوجوه غِطاها
فتبيَّنْ الخلْقُ الكثير تشوّهاً
ضافتْهُ للوجه الدميم يداها
واليوم مهما بالزعيقِ تسَلّحَتْ
لن تسترَ الجُملُ الثخانُ عَراها
فهي الجحورُ الكالحاتُ ديارها
والدَمُّ لعْقُ الدمٍّ كلُّ هَواها
كم مرّةٍ قتَلَتْ فقلنا إنّها
نابتْ عنِ (الموسادِ)فهْو وَراها
بالغدر تُبْدِعُ والصراع بِعرْفها
قتل الشقيق وليس قتل “عِداها”
فهو الرصاص موجّهٌ لنحورنا
تلك الحقيقة كالشموس نراها
فاقرأْ كشوف القتل في تاريخها
تلقى الإجابةَ مَنْ إليهِ هَداها
تلقى اتهاما ً قابضاً بخِناقها
وترى بعينك مَنْ يكون شَراها
تلك العصابةُ كالذئابِ وشرّها
لبستْهُ طول الوقت مثل رِداها
فالطبعُ يغلب والتطبّعُ كاذبٌ
وهي الجرائم لا تعيشُ بَلاها
لغةُ الجرائم لن تصيرَ شريعةً
مهما بها” أفعى الجحور “تباهى
فالشعب ينبذ فعلها كعصابةٍ
غرقَتْ بكل الموبقات يداها
هوِّنْ عليك فإنَّ ِمثْلك صاحبي
أرْماحُ قومٍ لا تلينُ قَناها
يا مَنْ سدَدْتَ على الجرائم دربها
واخترْتَ وحدكَ أنْ تقصّ أذاها
كنتَ المطارِدُ في البلاد فلولها
وسعيْتَ في ساح الصراع لِقاها
إمّا غُدِرْتَ فإن في أعناقنا
كبرى الديونِ ومن بكاك وَفاها
(ها قد وفينا يا شهيد ،وَمَنْ بكى
“تلك العصابةُ”‘يا شهيد نهاها)
ولقد سعَيْتَ مبكِّراً تدميرها
لجرائمٍ كان الحصيفُ يراها
تلك العصابة ما رمَتْ برصاصةٍ
أعداءنا،رغم ارتفاع عُواها
لكّنّها كانتْ تؤَجِّرُ ،قتلها
فاٌقْبِحْ بدورٍ،دانَها وخَزاها
لَمْ يبكِها أحدٌ بوقتِ دمارها
فالشعبُ يعرف شرّها وبَلاها
(ملكُ الملوك،شريكها في قتلها
وهما أداةٌ، والعدوُّ رَعاها)
(شربَ العقيدُ مِنَ الدماءِ وما ارتوى
واليومَ يشربُ ما الكؤوسُ مَلاها)
وجها ً لوجْهٍ ما أتوك فحربهمْ
ُيسرٌ عليك ولو يطول مَداها
لكّنهمْ جاؤا كصِلٍ غادرٍ
والحرُّ حربٌ لو تُعِرُّ أَباها
يا أيها الخلُّ المسافر للذرى
والروح يومضُ في الطريق سَناها
سافرْتَ للقدس الشريف بسرعةٍ
لمّا أتاك مَعَ العِشاء نِداها
فعرَجْتَ للمجد الرفيع محققا ً
للنفس في أقسى الظروف مُناها
يا مَنْ جعلْتَ مِنَ السخاء مطيّةً
وسرَيْتَ للأوطان دون سِواها
قد بتُّ أنطرُ أن تؤَمِّنَ عودتي
فالروح عندي ،لا يُحَدُّ عَناها
مالي أُهيِّجُ لو ذُكرْتَ مواجعي
فهي الصعابُ الآتياتُ أراها
يا أيها المحبوبُ قَرَّ فمهجتي
رضِعَتْ لِبان المرِّ منذ صِباها
واليوم رغم الفقْد ثمّ خسارتي
ستظلُّ كالصوّان رغم أساها
فاصعدْ أخي في :الفتحِ:فهي مدائني
وقفَتْ على الصفيْن جنْب قُراها
والشيب والشبّان أيضاً أقبلوا
والصخر والفتيان ثمّ ظِباها
وأتتْكَ أجيال الكرامة كلّها
وحجارها في الكفّ ثمّ مُداها
فسَمِعْتَ من تلك الحجار صليلها
وسمعتَ من تلك الجموع غِناها
حمَلتْكَ أيدٍ كالشموع طريةٌ
فأنار لحظك في البلاد دُجاها
ضمّتْكَ قدْس الخالدين لصدرها
فازداد منكَ،جمالها وبَهاها
هل كنتَ تقنعُ لو إليك تناقلوا
تلك المشاهدُ والعديد رَواها؟
قد كُنتَ تقنعُ باليسير وعندما
شاهدْتَها بالعين ذُقْتَ حَلاها
أصلاح إِنَّكَ شمسنا ،وبدورنا
منك استعارتْ في الظلام ضِياها
أصلاح إِنَّكَ روضنا،وورودنا
منك استعارتْ في الصباح شَذاها
أصلاح إِنَّكَ سيفنا،وحجارنا
منك استعارتْ في الطعان ظُباها
أصلاح إِنَّكَ درعنا،وحروبنا
مَنْ قبل خيلكَ يا صلاح غَشاها؟
قد كُنتَ في كل الدروب دليلنا
أمّا الصِعاب فمنْ سواك لَواها؟
بيروت تشهد فالأدلَّةُ عندها
والموتُ أعجزُ أنْ يكون طَواها
كُنتَ :الفدائي:في الخطوب،فأَيْنهُ؟
مَنْ قال عكسَ مقولتي ونَفاها
لو قيل يوما ً أنّ ثورتنا خبَتْ
لرفعْتَ في أرض الخصوم لِواها
كُنتَ (انتحاري)الفتح،تضرب بغتةً
والخصم يدرك مَنْ بذاك رماها
لو قيل في المرّيخ ، دُمِّر وْكرهُ
لتخيّلوا أنّ الشهيد وراها
فافتحْ ملفّاً للمفاخرِ ضمّها
واسألْ شقيقا ً في الحصار قَراها
واسألْ متونَ المجد مَنْ لسروجهِ؟
قبل الذي نرثيهِ كان عَلاها
تلك الحقائق كالشموس فأبعِدوا
سحُباً تُحاولُ أنْ تزيل جَلاها
يا صاحبي لا تلتفتْ لصغائرٍ
واصعدْ فإنّك للجبال ذُراها
خلّفْتَ تاريخا ً َيعُزُّ بوقتنا
فِيهِ الكنوز مليئةٌ بِحُلاها
لا تقرنوهُ بغيرهِ فهو الذي
بالدّمِ صاغ سطورهُ ومَضاها
يا أيها المغدور مثلك لن أرى
رجلا ً إذا قطَعَ الوعودَ وَفاها
رجلاً إذا لمحَ الخطوبَ بدرْبهِ
ركَلَ الخطوب برجْلهِ ومشاها
رجلاً إذا امْتُحِنَ الرجال رأيتهُ
قحْمَ المنايا والصعاب خََطاها
رجلاً إذا ظنّوا الصعاب تُعيقهُ
ناخ المحال ظُهورهُ فرَقاها
رجلاً إذا سألوا المعالي أَيُّهَا
مِنْ بيننا تلك الصروح بناها
شارتْ إليهِ وباعتزازٍ ردّدَتْ
ذاك المسربلُ بالفخار بداها
وضعَ الأساسَ وكل عامٍ أرْدَفَتْ
مترا ً أضاف بكفِّهِ لِعُلاها
رجلا ً إذا حسدوا الوليدةَ باٌبْنها
فالأُمُّ أمّكَ مَنْ يكون عَداها؟
رجلا ً إذا ما غاب غابتْ شمسنا
والليلُ إثْر الليلِ فِيهِ نَعاها
كم قد فقدتُ مِنَ الأحبةِ قبلهُ
لكنَّ ُرزْئي فِيهِ ليس يُضاهى (١)
في الليلَةِ الظلْماءِ نَفْقِدُ بَدْرَنا
لو كانَ حيَّاً ،كالبدورِ ضَواها (٢)
كم نفْتَقِدْكَ الآنَ أنتَ وَثُلَّةٌ
للفتحِ كُنْتمْ إذ تئنُّ شِفاها(٣)
لو كانَ مثلكَ بينَنا يا صاحبي
لَأْعَدْتَ في ساحِ الصراعِ سَناها(٤)
ونَزَلْتَ للميْدانِ أنتَ وَجُنْدُها
فهوَ القتالُ شريعها وسَماها(٥)
قد كُنْتَ تَرْدعُ مَنْ يَمَسُّ حُدودها
ويَجوزُ شِبْراً طاهِراً بِثَراها(٦)
واليوْمَ كمْ نحتاجُ رَدْعَ عَدَُوِّنا
وْسواهُ، مِمَّنْ أوْغلوا بِدِماها(٧)
كُثْرٌ عليها يا صلاحَ تجرأوا
لو كُنْتَ حيَّاً لن يُمَسَ حِذاها(٨)
مالي أُغالبُ عَبْرَتي ومَرارتي
فالوَهْنُ بَعْدَكَ والكِبارُ، غَزاها(٩)
وإذا البنادقُ كَثَّفَتْ زخَّاتها
ستَعودُ وَالأَلَقُ القديمُ مَعاها(١٠)
لوْلا السخاءُ لَمَا تَعالى نَجْمها
ولكانَ يا صاحِ الزمانُ طَواها(١١)
فَاعْظِمْ بِمَنْ جعْلَ الرصاصَ شعارها
وْاعْظِمْ بمَنْ تلكَ الطريقُ مَشاها(١٢)
لا لنْ تُغادِرَ يا صلاحَ قلوبنا
مهما عنِ الفَقْدِ الزمانُ تَناهى(١٣)
فاصعدْ الى قمم الخلودِ فقدْسنا
خلَعَتْ عليك اليوم ثوب رِضاها
فمَنِ المنازعُ للشهيد بحبّها
والروح قبل الكل قال فِداها؟
كم من صلاحٍ قبلهُ لبّى النِدا
فالبعض وقت الضيق كان جَفاها
كم مَنْ صلاحٍ بعدَ فاتحها،لها
كالبرقِ أسرعَ كي يظلّ حِذاها
يا ثانيَ اٌثْنينِ اٌتّشَحْتا غارَها
منها اعترافاً عَنْ جزيلِ ثَناها
فاصعدْ لمنْ أعطتْكَ كلّ حنينها
فرحلْتَ عنّا كي تظّلَ معاها
واٌتْرُكْ مكاناً لي بِقُرْبِكَ صاحبي
فالقدسُ أُمُّ الكونِ،:فيكَ أَراها،،،
——————————
تونس ١٩٩١م