إيناس رمضان
“حكاية شارع من الطريق الكانوبي إلي شانزلزيه الأسكندرية”
” شارع فؤاد “مش مجرد شارع له بداية ونهاية ولكنه سجل حافل بالحضارات المختلفة التي حفرت آثارها بداخله لترسم لوحة فنية نادرة علي أرض الواقع منذ زمن ولكنها مازالت شامخة إلي الآن عندما تسير من خلاله تشعر وكأنك في جولة عبر الزمن فكل مبنى له طراز خاص وتاريخ محفور علي جدرانه يتحدث عنه ليعود بك إلى الماضي الجميل .
يعد شارع فؤاد الكائن في قلب مدينة الإسكندرية (عروس البحر المتوسط) أول شارع تم تسميته في العالم ومن أقدم الشوارع التي ما زالت مستخدمة حتى الآن
وقد أنشأ شارع فؤاد في عهد البطالمة وأطلق عليه “الطريق الكانوبي ” حيث كان مصفوفا من بدايته وحتى نهايته بالأعمدة الرخامية فكان يبدو كاللؤلؤ البراق كلما اشتد الظلام
وسمي بهذا الاسم نسبة إلى الملك فؤاد والذي حكم مصر في بداية القرن العشرين، كم أطلق عليه شارع ميناء رشيد حيث كان يبدأ من بوابة رشيد في الأسوار العربية القديمة متجها شرقا ناحية ضاحية أبي قير ، وعرف أيضا باسم طريق الحرية .
واشتهر قديما بأنه شارع الأمراء والملوك وكان يأتي إليه نجوم السياسة والفن وعلى رأسهم أم كلثوم وفريد الأطرش ، كما سكنه الشاعر اليوناني كفافيس وذكره الروائي الإنجليزي لورانس داريل في أحد رواياته وهي “رباعية الإسكندرية”
يقع شارع فؤاد في محطة الرمل ويبدأ تحديدا عند قسم شرطة العطارين حاليا والذي كان يمثل مركز الحراسة البريطانية الرئيسي بالإسكندرية وبالقرب منه يوجد معبد صغير “لسيرابيس” مكان النادي الذي كان يجتمع فيه محمد علي مع أصدقائه من الجاليات المختلفة والذي أصبح الآن مركز الحرية للإبداع وينتهي في شرق المدينة عند ساعة الزهور أمام حديقة الشلالات التي تعتبر محمية طبيعية تضم مجموعة من النباتات النادرة والفريدة في العالم ويوجد بها بعض آثار الإسكندرية الإسلامية.
يعد شارع فؤاد الشارع الرئيسي في المدينة الذي تتعامد عليه بقية الشوارع مثل النبي دانيال ليبرز التصميم الشطرنجي الذي يميز المدن الإغريقية ويحتوي شارع فؤاد على العديد من ألوان الفن المعماري المتميز متمثلة في مباني ومحلات الشارع فنجدها معظمها مزيج بين الطراز اليوناني والروماني والفرنسي والإيطالي ، ويضم الشارع العديد من أقدم دور السينما المصرية منها سينما أمير ، سينما رويال ، سينما ريو.
ومن معالم شارع فؤاد “دار الأوبرا” التي تم بناؤها على يد المهندس الفرنسي جورج بارك واشتهرت لفترة طويلة باسم تياترو محمد علي وفي عام 1962 أطلق عليها مسرح سيد درويش والذي شهد عدة عروض لعدد كبير من أشهر الفنانين.
إقرأ المزيد الإسكندرية عروس الماء وخميلة الحكماء
ويوجد في نهاية الشارع “متحف الإسكندرية القومي” الذي يحتوي علي 1800 قطعة أثرية ومجموعة نادرة من الآثار التي تم انتشالها من البحر الأبيض المتوسط.
كما شهد شارع فؤاد – فيلا مخلع – علي أحداث سياسية تركت بصمة في نفوس أجيال عندما تحدث الزعيم سعد زغلول لأبناء الإسكندرية وحثهم على النضال والصمود وينضم له سيد درويش ليشاركه ويعلو صوته بالغناء الذي يشعل حماس المواطنين.
قديما
وفي أعياد الربيع والعيد القومي لمحافظة الإسكندرية تجد شارع فؤاد في أبهي صوره ليشهد العرس الوطني لتلك المحافظة الساحرة ويمر من خلاله موكب من السيارات التي تحمل أجمل الزهور بألوانها الجذابة وصور لأجمل معالم الأسكندرية وتعزف الموسيقى أعذب الألحان ويصطفي المواطنين على جانبي الشارع في نظام ورقي ليس له مثيل وكأن كل اسكندري يولد من جديد في هذا اليوم.
الآن يطلق علي شارع فؤاد الآن “شانزلزيه الأسكندرية”
لأنه يحتوي علي عدد من المحال ذات رونق خاص ومصممة بأحدث الديكورات التي تجذب إليها المواطنين والسياح وعدد من المطاعم والكافتيريات المتميزة التي تقدم أجود أنواع الحلوى والمشروبات في صور مبتكرة في أجواء هادئة بالأضافة إلي العديد من محال الزهور التي تحرص علي تنسيق الورود بألوانها الجميلة وأنواعها المختلفة بشكل رائع وبعضها علي الأرصفة مما يبعث الاحساس بالجمال والأمل وكأنك تسير داخل بستان وتزداد الصور جمالا في فصل الشتاء.
فالشتاء له مذاق آخر لدى المواطن السكندري.
بلادنا جميلة
إقرأ أيضا يخت المحروسة وأسراره التاريخية
