بقلم / صفاء القاضي
الإسكندرية هي مدينة العشق الأزلي , سحر الجمال وروعة الحضور , مدينة تقلب صفحات التاريخ وتتراقص بين دفتيه متوجة كأميرة لا تفنى ولا تغادر.
مدينة تقطن في قلوب محبيها , أحبها من عاش فيها ومن كان بعيدا عنها , مدينة انحنى لها التاريخ ورفع لها قبعته العتيقة .
بنت الأسكندر المقدوني ملكة بطول عمرها عبر العصور وتغنى لها العشاق تارة والشعراء تارة أخرى وتغنى المحبون في جمالها .
أحبها الجميع عبر العصور وإلي وقتنا الحاضر فلا يذكر اسمها إلا وتجد علامات الفرحة والسعادة والمحبة والعشق والشوق العارم إلى لقاء مدينة الإسكندرية .
وبما أن لسان حال الناس هو شعرهم وأدبهم وهو من يستطيع أن يعبر عما تجول به خواطرهم بصدق وروعة وبيان , فقد عبر شعراء وأدباء الإسكندرية بل وعلي مدي العالم كله هناك من يعبر عن روعة وعشق الاسكندرية المارية التي ترابها زعفران .
أولا / أمير الشعراء أحمد شوقي
أمير الشعراء أحمد شوقي عشق الإسكندرية وكان يتذكرها ويحن إليها وهو في منفاه بالأندلس ١٩٢٠م
وها هو أحمد شوقي يشدو للأسكندرية وكأنه عصفورحزين لفراق موطنه وعاشق مقيد منعته المسافات دون لقاء معشوقته
فقال أحمد شوقي :
واجعلي وجهك الفنار
ومجراك الثغر
بين رمل ومكس
وطني لو شغلت بالخلد عنه
نازعتني إليه في الخلد نفسي
ويعبر أحمد شوقي عن أن الإسكندرية هي ملتقى الشعراء والحكماء دوما عبر العصور فيقول :
شاد الاسكندر لمصر بناء
لم تشده الملوك والأمراء
بلد يرحل الأنام إليه
ويحج الطلاب والحكماء
ويصف الإسكندرية بجمالها الخلاب و سحرها العجيب قائلا:
إسكندرية يا عروس الماء
وخميلة الحكماء والشعراء
نشأت بشاطئك الفنون جميلة
وترعرعت بسمائك الزهراء
إقرأ المزيد خمسون عاما على انقاذ معبد ابو سمبل
ثانيا / الفاجومي المصري أحمد فؤاد نجم
نظم أحمد فؤاد نجم شاعر العامية المحبوب جدا أجمل أغنياته بعنوان يا إسكندرية قال فيها :
يا إسكندرية
بحرك عجايب
ياريت ينوبني
م الحب نايب
تحدفني موجه
علي صدر موجه
والبحر هوجه
والصيد مطايب
أغسل هدومي
وأنشر همومي
على شمس طالعة
وأنا فيها دايب
وليست الأسكندرية بتاريخها العتيق الفخيم هي قبلة للتاريخ فقط , فهي قبلة الناس في شهور الصيف يأتي إليها عدد كبير جدا من المصيفين فهي المدينة الأكثر شعبية في مصر للسفر إليها في شهور الصيف والتمتع بالإقامة بها , ومن منا لم يعشق الجلوس على الشاطئ في مقاهي الأسكندرية المطلة على البحر , بحرها دوما يعلوه الموج الصاخب معبرا عن القوة والجسارة وهو منبع الحرية و مهد التاريخ والعصور و الأحداث , وهو مرفأ الهموم والأحزان حيث يمكنك أن تلقي فيه ما في قلبك مطمئنا فيتلقفه البحر بقوة ودفء معا , ترتاح عند شاطئه وتشكو له آلامك يخطف ذاكرتك للماضي ويمنحك نظرة للمستقبل يغسل البحر كل شئ فيك , وتتنفس الصعداء وكأنك ألقيت بثقل الهموم فعدت خفيفا رائقا تحملك روحك المعبقة بنسيم البحر وكأنك طائر النورس فوق الأمواج .
إسكندرية والأغاني
وإذا تحدثنا عن الغناء فمن منا لم يعشق سماع أم كلثوم على شاطئ البحر في ليل ساحر بين موج هادر وصوت ذاخر , حتي أن النفس لتذهب في أفق بعيد وتعلو حتي تلامس القمر في ليل فضي ساحر .
ومن منا لم يعشق أيقونة الصباح فيروز وهي تترنم في ساعات الصباح الأولى حيث تولد الأنغام ويحتضنها صوت فيروز العميق قائلة :
شط اسكندرية
يا شط الهوى
روحنا إسكندرية
رمانا الهوى
يا دنيا هنية
وليالي رضيه
أحملها بعنيه
شط اسكندريه
من كلمات وألحان الأخوين رحباني
وكثير جدا من المطربين غنى لها مثل علي الحجار ومحمد منير ومصطفى قمر وقبلهم عبدالحليم حافظ ومحمد قنديل ولن تجد مطربا لم يغن لها أو يتمنى أن يغني لها
اسكندرية بلد المشاهير
اشتهر أهل الأسكندرية بطابعهم الخاص المميز وأضفى عليهم البحر رونقه فمنحهم نكهة خاصة بطعم هدير الموج وسحر الشروق والغروب في حضن الأفق البحري الأزرق .
ومن أهم مشاهير الأسكندرانية والذين ولدوا في المدينة .
كليوباترا السابعه , إقليدس , هيرون السكندري , عباس حلمي الثاني , الأميرة فوزية , الأميرة فريال , جمال عبدالناصر, نبوية موسي , سيد درويش , توفيق الحكيم , عبدالالنديم , شادي عبدالسلام , بيرم التونسي , عمر الشريف , محمود مرسي , شكري سرحان , هند رستم , محمود عبدالعزيز , عادل أدهم , مديحة كامل , نيللي كريم , أنغام , مصطفى قمر
منازل المشاهير الأسكندرية
قصر المنتزه الذي بني في عهد الخديوي عباس حلمي الثاني ١٨٩٢م وعاش فيه ملوك مصر حتى الملك فاروق حيث انتهي الحكم الملكي بمصر
قصر رأس التين وهو من أقدم القصور التي بنيت في عهد محمد علي وشهد أكبر حدث تاريخي وهو خروج الملك فاروق منه إلى يخت المحروسة بعد تنازله عن الحكم وانتهاء الملكية .
ويوجد أيضا منزل جمال عبدالناصر بحي باكوس الشعبي .
منزل سيد درويش بكوم الدكة , ومنزل الفنان محمود عبد العزيز في حي الورديان غرب الأسكندرية
والكثير الكثير من المشاهير المحدثين من فنانين وأدباء وعلماء وسياسين يمتلكون القصور والفيلات والمنازل بالأسكندرية وذلك لتميزها عبر مدن العالم أجمع وتبقي الإسكندرية رمزا للعجائب وروعة للتاريخ وتاجا على رأس الزمان
و عروسا للبحر الأبيض المتوسط .
إقرأ أيضا ما لا تعرفه الشعوب العربية عن حلب الشهباء
إسكندرية آن أن تتجددي .
إنه عنوان لقصيدة عظيمة قالها أمير الشعراء أحمد شوقي في الأسكندرية متغزلا في جمالها وتاريخها وعقولها ومواهبها السخية التي تتدفق على العالم وتضيف إليه علما وحكمة وأدبا وفنا
ففي احتفال جميل بمناسبة افتتاح فرع جديد لبنك مصر في مدينة الأسكندريه يقول أحمد شوقي :
أمس انقضى واليوم مرقاة الغد
إسكندرية آن أن تتجددي
يا غرة الوادي وسدة بابه
ردي مكانك في البرية يردد
فيضي كأمس من العلوم علي النهى
وعلي الفنون من الجمال السرمدي
حقا أبدع أمير الشعراء إسكندرية كانت وستبقى دوما
هي الجمال السرمدي .