كتبت : فاديا رمضاني
“أوبرا وينفراي” الأمريكية ذات الأصول الإفريقية التي رأت النور بقرية “كوسيوسكو” البعيدة عن كل التطورات التكنولوجية والمفتقرة إلى أبسط مرافق الحياة، الفتاة التي لم تتربى في كنف عائلة متكاملة ولم تنجو من سياط جدتها القاسية والتي لم تمتلك أصدقاء غير البقر والخنازير تتحول إلى سيدة الشاشة وإلى إحدى أغنى سيدات العالم بفعل إرادتها الساحقة وعزيمتها الجبارة.
تناولت الكاتبة “روبن واستن” في كتاب يتألف من أحد عشر فصلا أكثر القصص والأحاديث إثارة في حياة “أوبرا”، والتي تجيب بوضوح على كل التساؤلات المتعلقة بكيفية وصول “أوبرا” لما هي عليه اليوم، فأتمنى لكم رحلة ممتعة مع تلخيصي البسيط لمحتوى الكتاب والذي لا يعتمد أي تدرجا زمنيا محددا…
ولدت “أوبرا غايل وينفراي” في 29 من يناير 1954 ب”كوسيوسكو” وسط تلال ولاية “ميسيسيبي” للمراهقين “فرنيتا لي” و” فرنون وينفراي”، ولقد عاشت سنينها الأولى في كنف جدتها إلى جانب الأبقار والخنازير ذلك لأن والدها لم يبادر لمساعدة أمها في تربيتها مما دفع بـ ” فرنيتا” للذهاب إلى ولاية “ويسكونسين” بحثا عن منصب عمل من أجل إعالة ابنتها.
والمميز حيال سنة 1954 كونها السنة التي أقرت فيه المحكمة الأمريكية العليا عدم شرعية التمييز العنصري في المدراس الحكومية ما يفتح أفقا واسعة أمام السود من أجل حياة أفضل.
ولم تكن الظروف القاسية في “كوسيوسكو” العامل الوحيد الذي جعل “أوبرا” تنطلق من العدم، بل أن تركها لتلك البلدة الصغيرة وذهابها للعيش في المدينة مع والدتها كانا لهما الأثر البالغ فيما كابدته من مصاعب، فلا يمكن التحدث عن طفولة هذه الأيقونة دون ذكر الاعتداءات الجنسية المتكررة التي تعرضت لها من ذاك القريب ومن ذاك الغريب وهي لم تبلغ الثالثة عشرة حتى وغيرها من الأمور الفظيعة التي يمكن لكم تخيلها… وكنتيجة للوحشية التي انتهكت بها طفولتها كان التمرد والعقوق أمران لا مفر منهما ما جعل والدها وزوجته يعانيان الأمرين لإعادة تأهيل هذه المراهقة وضبط تصرفاتها، فإلى تشجيعها على القراءة وتحفزيها للحرص على تحصيلها العلمي وصقل ثقتها بنفسها لتصل إلينا كما هي اليوم…
إلى جانب كل هذه الجروح التي هشمت طفولتها، تذكر لنا ” واستن” تحديات أخرى خاضتها “أوبرا” كان من شأنها تعزيز ثباتها وجعلها تتعرف على جوهر نفسها مزيحة كلمة” المستحيل” من قاموسها، فمنها صراعها الدائم مع البدانة الذي جعلها الشغل الشاغل للصحف والنقد الدائم للمدراء، ناهيك عن لونها وعرقها اللذان أجادت بامتياز استغلالهما خاصة مع بروز ” الحركة الإيجابية ” في الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1964، فضلا عن النكبات التي واجهتها وهي تصعد سلم النجاح على الساحة الإعلامية أو التلفزيونية، فلا شيء قدم لها على طبق من فضة، بل انها افتكت الفرص من قبضة المصاعب، تسلحت بإيمانها العميق، بالعلم والثقة اللامتناهية بالنفس، عند كل عثرة كانت تقوم وتنفض عنها غبار الفشل وتواصل الدرب، ولأنها كانت ممتلئة بنفسها لم تستسلم يوما ولم تطلب لنفسها غير الممتاز، لقد جعلت الامتياز علامة حياتها.
وبعد كفاح مرير ها هي ذي مقتنصة الفرص تتربع على أكبر قاعدة جماهرية، وتعد من أكثر الشخصيات الثرية والمؤثرة في العالم بأسره، ورغم ظروف الفقر القاسية التي نشأت وترعرعت بها ، ها هي ذي اليوم تتبرع بأرباح أعمالها لصالح الفقراء، وتهدي المنح الدراسية التي تقدر قيمة الواحدة منها ب77 ألف دولار لصالح الطلبة المتفوقين الفقراء، وتأسس “أكاديمية أوبرا وينفراي لإعداد القادة البنات” في جنوب إفريقيا وهي عبارة عن مدرسة داخلية تحتضن 450 موهبة في المجال العلمي ليكن سفيرات السلام حول العالم، وتستضيف 124 طفلا مصابا بالإيدز وتقدم لهم هدايا لم يحلموا بها، وتتبرع لصالح الأرامل جنوب إفريقيا اللاتي فقدن أزواجهن بفعل الإيدز، ناهيك عن تحفيز جماهيرها ومحبيها على القراءة وترويجها لأعمال الكثير من أصدقائها الأطباء والكتاب وغيرهم…
أوبرا المرأة السوداء الأولى التي تمتلك استديو تصوير خاص بها، وتخصص برنامجها لمناقشة قضايا المراهقين وتساهم في حماية الطفولة ومساعدة المراهقات اللاتي كابدن ما عاشته في طفولتها وتجعل “كلينتون” يوقع على إضافة مادة حماية الطفولة التي تحمل اسم ” مادة أوبرا” منذ عام 1993، وتتحصل على دكتورا فخرية، إنها صاحبة الشبكة الملائكية، ومجلة “أو”، إنها أيقونة الثقة بالنفس والسعي لنيل الرغائب، من لا تؤمن بالحظ بل تصنع حظها بيديها، من أجادت تحويل جراحها إلى نجاح ساحق بالكد والعمل… إنها” أوبرا”.
تقرير عن كتاب ” أوبرا وينفراي: أنا لا أؤمن بالفشل “