شعر وحكاياتعام
قصة قصيدة 5
فاضل العباس
ميميةابو الطيب المتنبي في عتاب سيف الدولة الحمداني
هو الشاعر العربيّ أحمد بن الحسين بن مرّة بن عبد الجبّار الجعفيّ الكنديّ الكوفيّ،
هو أحد أكثر شعراء العرب شهرة إن لم يكن أشهرهم على الإطلاق، وهو من الشعراء الذين اكتسبوا أهمية تجاوزت زمانهم ومكانهم، فلم يكن المتنبّي مجردَ شاعرٍ يملك من الفصاحة والبلاغة ما لا يملكه غيره من الشعراء، بل كانَ ذا شخصيةٍ مميزة، يعتز بنفسه ويفخر بها في قصائده ومجالسه. وقد كتب المتنبي شعر الهجاء والمديح والرثاء في السلاطينِ وغيرهم من الشخصيات المهمّة في زمنه.
اختلفت الروايات المذكورة في مقتل المتنبي، إلّا أنّ المؤرخين اجتمعوا على قصة واحدة، وهي أن المتنبي كان قد كتب قصيدة يهجو فيها ابن أخت فاتك الأسدي وهو ضبة بن يزيد العتبي، والذي كان غدّاراً وبذيء اللسان، ويؤذي الناسَ بكلامه، فلجأ الناس إلى أبي الطيب المتنبي ليكتب فيه قصيدة هجاء، فهجاه المتنبي وكتبَ فيه قصيدة كانت تحتوي أقبحَ كلمات الهجاء. وعند خروجه قاصداً بغداد لقيه صديق له وأخبره بنية فاتك الأسدي بأن يؤذيه، وأنّ عليه أن يصطحب معه من يحميه، لكنّ المتنبي رفض ذلك ولم يكن معه سوى غلمانه، فلقيهم فاتك وأصحابه وأرادوا قتاله، فهمّ المتنبي بالهروب، لكنّ أحد غلمانه قال له: أولست من قال: الخيل والليل والبيداء تعرفني والسيف والرمح والقرطاس والقلم. فهزمت المتنبي كلماته وذهب للقتال على مضض، وقتل في تلكَ الموقعة على طريق بغداد قريباً من دير العاقول هو وغلمانه.
وقصة قصيدته هذه انه
عرف ابو الطيب احمد المتنبي في شعره بمدح الامراء والملوك، ومدح كثيرا “سيف الدولة الحمداني” الذي كان يحبه كثيرا وكانت علاقتهما ببعض قوية جدا مع المتنبي و لكن بسبب بعض الوشاة اصيبت هذه العلاقة ببعض الفتور وحدث بينهما بعض الجفاء.
فقال المتنبي قصيدة لسيف الدولة الحمداني معاتبا اياه فيها بما كان بينهما من اواصر وما يكنه له الشاعر من حب علما ان المتنبي لا يفعل هذا في ذل او خضوع ولكنه يعاتب في كبرياء و عزة وكانت قصيدة طويلة تضمنت بيته الشهير: “الخيل والليل والبيداء تعرفني. والسيف والرمح و القرطاس و القلم”.
واحـرَّ قلبـاهُ مِمَّـنْ قلبُـهُ شَبـِــمُ … ومـنْ بجسمـي وحالـي عنـده سَقـَمُ
ما لي أكتمُ حبـاً قـد بـرى جسـدي … وتدعـي حُـبَّ سيـفِ الدولـة الأمـمُ
إن كـان يجمعنـا حــبٌ لغرتــه … فليـتَ أنـَّا بقـدرِ الحـب نقتسـِـمُ
ياأعـدلَ النـاسِ إلاّ فـي معاملتــي … فيكَ الخصـامُ وأنتَ الخصـمُ والحَكَـمُ
أعيذهـا نظـَراتٍ مِنـْكَ صادقـــة ً … أنْ تحْسَـبَ الشحْـمَ فيمـن شَحْمُهُ وَرَمُ
ومـا انتفـاعُ أخـي الدنيـا بِناظِـرِهِ … إذا استـَوَتْ عِندَهُ الأنـوارُ والظُّـلُـمُ
أنا الـذي نظـَرَ الأعمى إلى أدبــي … وأسْمَعَـتْ كلماتـي مَـنْ بـه صَمَـمُ
أَنـامُ مـلءَ جفونـي عَـنْ شوارِدِهـا … ويسهـرُ الخلـقُ جَرّاهـا وَيَخْـتصِـمُ
إذا نظـرتَ نيـوب اللـّيـثِ بـارزةً … فـلا تظـنَنَ أَنَّ اللـّيـثَ يبْتسـِــمُ
فالخيـلُ و الليـلُ و البيـداءُ تعـرفني … والسيـفُ والرمـحُ والقرطاسُ و القلمُ
صَحِبْـتُ في الفَلَواتِ الوَحْـشَ مُنفرداً … حتـى تعَجَـبَ مِنـِّي القـورُ والأَكَـمُ
يا مَـنْ يَعِـزُّ علينـا أَنْ نفارِقَهـُـمْ … و جداو كـُلَّ شـيءٍ بعدكـُمْ عَـدَمُ
مـا كـان أخلَقـَنا منكـم بتكرِمَــةٍ … لـو أنَّ أَمْرَكـُمُ مـن أمرِنـا أَمَــمُ
إن كـان سَـرَّكمْ مـا قـال حاسِدنـا … فمـا لجَـرِحٍ إذا أرضاكـُمُ ألـَــمُ
وبيننـا لو رعيتـمْ ذاكَ مَعْرِفـَــة … إنَّ المَعَـارِفَ فـي أهْـلِ النهَـى ذِمَمُ
كـمْ تطلبـونَ لنـا عيبـاً فيُعْجزكـُمْ … وَيكـرَهُ الله مـا تأتـونَ والكـَــرَمُ
مـا أبعـدَ العيبَ والنقصانَ عنْ شرَفِي … أنـا الثريـا وذانِ الشيْـبُ والهَــرَمُ
ليتَ الغَمَـامَ الـذي عندي صَواعِقـُهُ … يزيلُهُـنَّ إلى مـن عنـده الدَّيَــــمُ
إذا ترحّلـتَ عـنْ قـومٍ و قـد قدَروا … أن لا تفارِقهُـمْ فالراحلـون هـُـــمُ
شـرُّ البـلادِ مكـانٌ لا صديـقَ بـِهِ … وشـَرُّ مـا يكسِـبُ الإنسانُ ما يَصِـمُ
وشـرُّ ما قنَصَتـْهُ راحتـي قنـَـصٌ … شهْـبُ البُـزاةِ سـواءٌ فيـهِ والرَّخـمُ
إقرأ أيضا
مدير قسم الأدب و الشعر
علا السنجري