شعر وحكاياتعام

قصة قصيرة بعنوان/ زمن الرحيل الأبدي


قصة قصيرة بعنوان/ زمن الرحيل الأبدي



الكاتب فاضل العباس/العراق


لا اتذكر متى اشترى والدي تلك الساعة الجدارية . واصر ان يُعلقها في غرفتي وعند راسي

كانت حركة بندولها الدورية ذهابا وايابا في خطواتها عبر الزمن ،مثل مجنون يردد عبارة علقت في مخيلته ،تصدع راسي في ايامها الاولى ،
و كثيرا ما تؤرقني دقاتها في كل ساعة او نصف ساعة. 

احسب كم مضى من الليل. 

ولا افهم سر تعلق ابي فيها .

كثيرا ماكان يمسح خشبها الهندي بنفسه، او يلف زنبركها.

حاولت مرارا استبدالها بساعة تعمل بالبطارية ……

لكنه رفض ويقول انها ساعة تراثية قديمة لا تقدرون ثمنها.

مع الوقت تقبلت ضيافتها الثقيلة . واصبحت جزء من زمني في الغرفة

وعند استيقاظي في ساعة من الليل وفي ظلمة الغرفة كنت اخاطبها بمزحة كم الساعة الان مدام هندي؟

كان ابي يصلي الليل ويواصله إلى الفجر منعزلا لا يريد ازعاجنا في حركته بين الصلاة والحمام،كانت غرفته ملاصقة لغرفتي يطل عليّ في احيان كثيرة اثناء حركته.

ليل الشتاء يمتد وفي سماءه يرسم اشكالا وصورا مختلفة بغيومه.

وعلى الارض خرائط من امطار وسيول يسابق بعضها البعض في منحدرات مجهولة و مختلفة الاتجاهات

وارتعاشات جميلة راقصة لأجسادنا تحت الدثار التي اثقلتها الملابس فغدونا حشوة لها.

مع طول ليله ،كنت كثيرا ما استيقظ مرات، واعود لمواصلة النوم متكوراً في لحافيَّ من برده .

استيقظت تلك الليلة وشعرت على غير عادتي ولا اعرف السبب اني بحاجة لزيارة الحمام

وعند بابه، تفاجأت بأبي مستلقيا ساندا ظهره للجدار الملاصق له.

ذعرت ،وهرعت مناديا الجميع 

ابي،ابي ما بك ؟

طلبت من اخي الاسراع بنقله الى المستشفى لكنه اشارعلينا، بصوت خافت ان لا فائدة من نقله وان كل شيء انتهى.

كررت النداء صارخا على اخي بالإسراع بمعاونتي بحمله لكنه كرر ثانية ان لا فائدة.

نكس ابي راسه على صدره مودعا وفي غرفتي توقفت الساعة عن رحلتها، ولم تفلح محاولات اصلاحها ،لأنها من بقايا اشياءه، وادركت حينها سبب تعلقه فيها

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock