صحتك بالدنياعام

هل إنفرط العقد ؟!!



هل إنفرط العقد ؟!!


بقلم/هبه عبدالجواد
مهندسة وإعلامية

فى ظل عصر التطور التكنولوجى الهائل والهواتف المليئة ببرامج التواصل الإجتماعى والإنترنت تُهنا مجتمعياًوأسرياً بينها.

فقديماً كان دخول التلفاز طفرة فى مجتمعنا وكان مايعرضه من برامج هادفة ومسلسلات رائعة يلتف حوله أفراد الأسرة جميعاً.

خاصة فى شهر رمضان الكريم كانت البرامج الرمضانية تحمل روحانيات أكثر من عصرنا هذا حتى الترفيهية منها كانت ممتعة كفوازير نيللى وشريهان ومسلسل عمو فؤاد كلها مواد مرئيّة قُدِمت للمجتمع المصرى بما يتناسب مع معايير القيم للأسرة المصرية خاصة ً والأسرة العربية عامةً.

ومع محدودية الرفاهية كنّا أكثر تواصلاً وإرتباطاً كان لدينا الوقت لنجلس معاً ونتناقش ونتحاور حتى فى طفولتنا كان لدينا الوقت لنلعب سوياًونجتمع دائماً سواء فى لعب أو تناول الطعام أو إستماع للأب والأم وأحياناً الجد والجدة .

فأنا شخصياً ممن استمتعت فى طفولتى بحكايات جدتى وآراء جدى وموروثه الثقافى والدينى .أما أمى حفظها الله فرواياتها كان لها طعماً مميزاً حتى إنها كانت تؤلف لنا قصصاً من نسيج خيالها لتصل بِنَا لهدفٍ معين سواء الحث على المذاكرة أو تهذيب طِباعَنا .

كذِلك أبى رحمه الله كان يكافؤنا بكتب شعر لأحمد شوقى وتفسير الشيخ الشعراوى .
أكاد أُجزم أن أسرتى كانت شبيهة بمعظم الأسر المصرية فى ذلك الحين .فركائز الأسرة المصرية والعربية كانت راسخة تجملها موروثاتنا الثقافية والأخلاقية.

لكن بعد ثورة التكنولوجيا الرقمية والإنفتاح على العالم من خلال الإنترنت وبرامج السوشيال ميديا أين نحن مما كنّا عليه فى السابق؟!

كلاًمنا على هاتفه أو حاسبه المحمول يتصفح ويتواصل ويغرد ويتحدث هنا إنستجرام وهناك فيسبوك وتويتر وواتس آب وتطبيقات كثيرة علاقتنا عليها عبارة عن ضغطة ع زر أو شاشة للإضافة أو ضغطة أخرى للحظر نعم هكذا أصبحنا!!
انقرض الحديث الأُسرى واختٌزل إختلفت ثقافتنا ولهجتنا وطرأت علينا مصطلحات غريبة وخاصةً على لهجتنا المصرية .

فانعكست فى أغانى ومواد إعلامية غريبة ومسلسلات مضمونها وطريقة عرضها لا يتناسب مع الأخلاقيات العامة للمجتمع العربي بأكمله وليس المصرى فقط ومع ذلك تجد شبابنا يرددون عباراتها وعبارات الأغانى المتدنية والتى تمس بشكل مباشر الذوق العام .

والأكثر خطورة بأنه لم تعد تحتاج أن تنتظر مع أسرتك لتشاهد أو تسمع فهذا أصبح سهل المنال بكبسة زر واحدة ليتغيب دور الأسرة الرقابي بشكل تام على المحتوى المسموع أو المرئي فينفلت المجتمع ونصل إلى ماوصلنا إليه الآن فهذا جانب من جوانب الضرر التى لحقت بِنَا .

لكن الجانب الأخطر من وجهة نظرى هو أننا أفتقرنا بالفعل لوجودنا معاً أنا منشغلة بهاتفى وأنت كذلك وكلاً منا يجلس لجوار الآخر جسداً فقط لأن كلا فى عالمه حتى الأطفال يمسكون بأجهزتهم الإلكترونية لمشاهدة الكارتون أو للعب على برامج الألعاب العديدة والجذابة بقوة لعقولهم الصغيرة .

فتُهنا فى غيابات التكنولوجيا وتتزايد تلك الظاهرة بوضوح خاصةً فى المجتمعات العربية فالغرب لديهم ذكاء لإستخدام تلك التقنيات ومعطيات الثورة الرقمية الحديثة فى حدود وبمنتهى الحرص على العكس منا للأسف .

أما نحن فغارقون فيها وتقطعت روابطنا فحتى فى التجمعات العائلية والأماكن العامة من مطاعم أو كافيهات كلاً وجهه فى شاشة أمامه باختلاف نوع الجهاز المستخدم كلاً فى عالمه والكارثة أنه أحيانا يكون عالم إفتراضى غير معلومة أفراده أو توجهاتهم وأخلاقهم .

إفتقرت الأسرة العربية لرونقها وطعمها تهتكت علاقتنا الاجتماعية بهذه التكنولوجيا الدخيلة علينا .

فهل إنفرط عقد تماسكنا وترابطنا؟! هل ستتلاشى الروابط الأسرية أكثر إلى أن تصل إلى زوال ؟!
أكتب لكم وأنا لا أعلم الإجابة !!! 
فمعظمنا فريسة لتلك الظاهرة المتزايدة بشراسة.

ربما تطرقت لأنحاء مختلفة هنا لكن لتشعب آثار الإنترنت وتكنولوجيا التواصل المستحدثة على أيدلوجياتنا الإجتماعية وماطرأ عليها من إختلافات مفجعة.

وبالرغم من تعدد هذه الآثار فما يهمنى هنا الآن هو كياننا الأسرى ودفء بيوتنا الذى افتقدناه جميعاً .

لتكن لنا مبادرة إيجابية والعودة من العالم الإفتراضي لعالمنا الواقعى . لنترك هواتفنا وحواسبنا المحمولة ولو قليلاً لنعود إلى ماكنا عليه سابقاً.

تخلصوا من سيطرة هذه التكنولوجيا المتسلطة عليكم وعززوا روابطكم الأسرية ثانيةً .وإن كان حُلم فلا تدعوا مجالاً لأن ينفرط العِقد من أيدينا…..

رئيسة قسم صحتك بالدنيا/ نهى على


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock