كتبت/إسراء أحمد
سأعلم ابنتى ذات يوم أنها تظل شامخة مرفوعة الرأس دائما ولا تنحني مهما كان الموج عاليا والسفينة على وشك الغرق،سأعلمها أن الحياة ألوان وهى الوحيدة القادرة على التحكم فى ألوانها،فإذا كانت ألوان الكآبة فهى من ستلونها،وإن كانت ألوان البهجة فأيضا وحدهامن يحق لها أن يلونها،سأعلمها أن تمحى ألوان الماضى وتطبع بدلا منها ألوان المستقبل،سأعلمها أن تتغلب على اللون الأسود وإن كان هو السائد فى حياتها،سأعلمها أن تمزجه مع ألوان جديدة فيصبح الأسود أكثر جمالا وإشراقا .
سأعلمها بأنى أمها واسرارها هى أسراري،وأن حزنها هو حزنى مهما كان هذا الحزن يعارضنى.
سأعلمها أن وحدها من يحق له الإختيار فى قرارت حياته وما على إلا النصيحة لها،وأيضا سأعلمها ألا تتزوج لمجرد أنها كبرت فى السن،وألا تتزوج رجلا لمجرد كونه مهندس او طبيبا أو رجلا ثريا أو لمجرد أن أحقق حلمى فيها.
سأعلمها أيضا أن المستقبل ليس رجلا فقط وإنما هو شأنها .ومكانتها فى المجتمع.
سأعلمها ألا تبكى على الماضى وألا تقف على المحطة بين الماضى والحاضر والمستقبل.
سأعلمها أن الخير دائما هو السائد مهما تغلب الشر،فذات يوم سينتصر الخير وإن لم يتضح ذلك يوما ما،سأعلمها أن تزرع حب الناس فى قلبها ولا تتمنى الشر لأى أحد مهما كان.
سأعلمها أن الحب ليس بفاجعة كما يصوره البعض،وأيضا الحب ليس للحبيب الأول إنما الحب لمن صان وحافظ ومن اهتم وقدر،وليس لمن ذل وخان واستعبد،وأيضا ألا تقع ضحية لأحدهما باسم الحب،ويظل يتحكم فيها كما تتحكم الطفلة فى دميتها،فإن كان لا يستاهل حبهافسيرحل ليجد حياته فى مكان آخر،ويبدأ من جديد بحجة الظروف،وسيظل يخدعها باسم الحب وهو يعيش حياته دون أى عذر له،فالظروف يا عزيزتي بريئة من كل هذا،سأخبرك يا صغيرتي أنه سيرحل يوما ما وتكون الظروف هى الحجة أيضا،ولكن يا حبيبتى سيكون قد فات الآوان وادمنتيه لدرجة أنك لا تقدرين على فراقه،وعندئذ سيكون هو وحده من يحق له أن يكتب لحياتك النهاية باسم الحب الذى طالما كانت حجته ناحيته هى الظروف،ويكون ذلك أشبه بالموت لكى،لذلك إياكى وإياكى يا عزيزتى من حبيب لا يعرف للمسئولية طريق سوى الظروف.
سأعلمها أننى بجانبها دائما حتى وإن رحلت عن عالمهافدائما ستكون روحى بجانبها،وأيضا سأسميها مريم.