أدم وحواءجمعية سحر الحياةصحتك بالدنياعام
حكايات من بهية “الحكاية الثانية”
بقلم إيناس رمضان
” زينب عثمان ” ذات الأربعة والعشرون ربيعا تدرس ميكاترونكس بكلية الهندسة في جامعة بكين بالصين
عندما رأيتها للمرة الأولي كانت برفقة والدتها في ساحة الانتظار بعيادة الأورام في مؤسسة بهية لعلاج سرطان الثدي.
فتاة هادئة رقيقة ابتسامة رضا ونور ينير وجهها هي والدتها مازلت أتذكرها ولن أنساها لأنها لم تغيب عنهما طيلة تواجدهما داخل المؤسسة فاقتربت منهما وتساءلت في استحياء عن سبب تواجدهما لتجيب الأم بصوتها الحنون الراضي بقضاء الله وقدره أنها بصحبة ابنتها لتتلقى جرعة الكيماوي.
لا أنكر أنني كأم تألمت كثيرا ووجدتني في حيرة من أمري هل سأواصل الحوار وكيف سيكون أم انسحب في صمت…….
فما أصعب أن ترى زهور تذبل قبل أن تزهر!!!!!
ولكن الحقيقة عندما التقت عيناي ب “زينب” اختلف الأمر تماما فكنت أرغب في احتضانها فقد وجدت قلبا نقيا بريئا بدأت حديثها معي بابتسامتها المشهودة وثبات وقبول وأخذت تسرد حكايتها في هدوء قائلة
منذ عام تقريبا وأثناء الإجازة شعرت بوجود شئ غريب بثديها فأسرعت تخبر والدتها والتي لم تتقاعس للحظة ولجأت للطبيب الذي أخبرها أنه ورم حميد ولا داعي للقلق ولها حرية الاختيار في استئصاله أو تركه دون قلق واتخذت زينب قرار باستئصاله وتم الاتفاق مع الطبيب وتسوية كل الأمور لإجراء العملية أكثر من مرة وفي كل مرة يحدث حدثا مفاجئا للطبيب يمنعه من الحضور وكأن عناية الله تحيط بتلك الملاك لتحميها من قدر مجهول.
ويأتي ميعاد عودتها للصين وتسافر لاستكمال دراستها مطمئنة كما أخبرها الطبيب كان من المفترض أن تقضي هناك عشرة شهور مدة الدراسة ولكن هذه المرة لم تستطع استكمال المدة كاملة فقد شعرت أن هناك مشكلة ما في ثديها مرة أخرى ولكنها وحيدة تائهة فلم يكن أمامها خيار آخر سوى إخبار والدتها عبر الهاتف والتي طالبتها بالعودة للقاهرة للاطمئنان على صحتها وبالفعل عادت إلى مصر وتوجهت إلى مؤسسة بهية التي قامت باحتضانها منذ الوهلة الأولى وهناك علمت حقيقة ما تعاني منه فالورم الحميد ما زال موجودا ولكن الخبيث تسلسل إلى ثديها في صمت…..
كيف ولماذا ومتى تساؤلات ليس لها إجابة إلى الآن في علم الطب ولكنه قدر محتوم لا مفر منه.
واجهت زينب خبر إصابتها هي و أسرتها برضا وصبر، نعم جزع الجميع فلم يكن هناك تاريخ عائلي من بعيد ولا قريب فما حدث كان بعيدا كل البعد عن مخيلتهم ، أما والدتها الذي انفطر قلبها على فلذة كبدها فقد لجأت إلى الذي لا يغفل ولا ينام فمنحها صبرا وقوة تفوق قدرة البشر لتساند ابنتها الغالية وهي على يقين أن الله لن يخذلها وأن رب الخير لا يأتي إلا بالخير .
وتواصل زينب حديثها كنت راضية ولم أخشى المرض ولكن تملكني حزن شديد لأنني لن أتمكن من ممارسة حياتي بالصورة التي كنت أرغب فيها ولن أتمكن من استكمال دراستي التي أحبها وسافرت للصين من أجلها ولكن أسرتي وخطيبي كانا داعمين قويين في حياتي وبدأنا نفكر جميعا كيف نتخطى تلك المرحلة ولا نقف أمامها كثيرا حتى لا تكون عائقا في حياتي .
وأضافت أنها توجهت للعلاج في بهية كونها مؤسسة متخصصة وأنها سعيدة بتواجدها وعلاجها هناك لأنه بمجرد اكتشاف المرض تم اتخاذ كافة الإجراءات الطبية والبدء في العلاج في وقت قياسي
حيث بدأت خطة العلاج بعدد من جلسات الكيماوي بعضها مر بسلام ومنها ما أنهك قواها فكانت تسرع إلى حضن أمها أو الاتصال بخطيبها لتبث له ما تعانيه ويطمئنها ببعض الكلمات الصادقة النابعة من قلب محب لتشعر بالأمان في وجوده فقد كان نعم السند ولم يتخلى عنها هو وأسرته وكان لذلك أكبر الأثر في نفسية زينب فتشعر بالفرحة في صوتها وهي تتحدث عنهم وأنها سعيدة لوجودهم في حياتها بل و أن قلبها الصغير يرقص فرحا.
وعن تجربتها مع المرض وماذا أضاف لها تقول زينب جعلني أكثر شجاعة و تفاؤلا لأني أدركت أن الحياة لا تساوي شيئا وأنها سنوات نعيشها فيجب أن نحاول أن نسعد بها قدر المستطاع ولا نسمح للخوف أن يحتل مكانة في حياتنا لأن كل شئ يمكن التغلب عليه وأن كل تجربة تضيف إلينا وتصقل شخصيتنا.
أجرت زينب العملية منذ شهر تقريبا وقامت بعملية إعادة البناء وهي الآن في انتظار جلسات الإشعاعي.
وتتواصل مع الجامعة وتستعد لاستكمال أوراقها للعودة للصين بعد عدة شهور قليلة لتواصل دراستها.
ووجهت نصيحة للجميع دعت فيه كل إنسان أن يحاول إسعاد نفسه بالمتاح والموجود في حياته ولايربط سعادته بشئ قد يأتي أولا يأتي.
كما ترجو كل فتاة وكل امرأة أن تحافظ على صحتها وتتوجه للاطمئنان على نفسها وتأمل بزيادة نشر التوعية بأهمية الكشف المبكر لأنها قابلت الكثيرات اللاتي تدهورت حالتهن نتيجة الخجل والخوف وأوضحت أنه لا يجب الخجل من المرض لأن الصحة كنز يجب الحفاظ عليه ولكل داء دواء.
تحلم زينب أن تستكمل دراستها وحياتها في سعادة وصحة لأن بدون الصحة لا نملك الاستمتاع بالحياة هكذا اختتمت المهندسة الشابة حديثها.
ابنتي الحبيبة أتمني لك الشفاء والصحة والسعادة
وإلى لقاء آخر وحكاية جديدة من حكايات من بهية.