كتب/خطاب معوض خطاب
من المعروف أن الرائدة النسوية الشهيرة ملك حفني ناصف لها شقيقة مثابرة مجتهدة ورائدة مثلها، وتركت علامة مضيئة في تاريخ النساء المصريات، وهذه الشقيقة هي الطبيبة كوكب حفني ناصف التي تعد أول جراحة مصرية.
وولدت كوكب حفني ناصف في 20 أبريل 1905 وتوفيت في 1999، وكان والدها حفني ناصف بك واحدا من أعلام القانون والأدب واللغة العربية في مصر، كما ترأس الجامعة الأهلية وشارك في إنشاء المجمع اللغوي الأول، ولذلك فقد كان حريصا على أن يتلقى أبناؤه الأربعة جلال الدين ومجد الدين وعصام الدين وصلاح الدين تعليمهم، وكذلك بناته الثلاث ملك وحنيفة وكوكب، وبعد وفاته حرصت زوجته على أن يستكملوا تعليمهم أيضا.
وأما بالنسبة لكوكب فقد ألحقها والدها بالمدرسة السنية، غير أنها بعد وفاة والدها سنة 1918 وتأثرا بالميول الوطنية لشقيقيها كمال الدين ومجد الدين، فقد شاركت سنة 1919 وزميلتها منيرة روفائيل ومعهما بعض زميلاتهما في المظاهرات التي اندلعت ضد الاحتلال الإنجليزي، مما كان سببا في أن تقوم ناظرة المدرسة الإنجليزية مس هاردينك بفصلها من المدرسة لمدة سنة، ولكن كوكب واصلت تعليمها بعد ذلك حيث التحقت بمدرسة الحلمية الجديدة الحكومية، وفي سنة 1922 حصلت على منحة لدراسة التوجيهية والطب في لندن بتوصية من بعض أصدقاء والدها الراحل، وكانت هي واحدة من بين قلائل من المصريات نلن هذا الشرف وقتها، وأشهرهن الطبيبتان هيلانة سيداروس وتوحيدة عبد الرحمن.
وإن كانت الطبيبة هيلانة سيداروس توصف بأنها كانت أول طبيبة مصرية، والطبيبة توحيدة عبد الرحمن توصف بأنها كانت أول طبيبة حكومية، فإن الطبيبة كوكب حفني ناصف توصف بأنها كانت أول جراحة مصرية، فالمعروف أنها بعد عودتها إلى القاهرة بدأت تتعلم الجراحة على يد الطبيب الشهير نجيب محفوظ باشا، وعملت كطبيبة جراحة في مستشفى كيتشنر بشبرا، وهو المستشفى الذي تولت رئاسته بعد ذلك وساهمت في تغيير اسمه إلى مستشفى شبرا العام.
وبعدما أثبتت الطبيبة كوكب حفني ناصف جدارتها وتفوقها في عملها، تقلدت منصب حكيمباشي، وهو المنصب الذي كان حكرا على الإنجليزيات قبلها، وتفردت بكونها أول طبيبة مصرية تجري عمليات الولادة القيصرية، وأول طبيبة مصرية تحصل على عضوية نقابة الأطباء، كما يذكر لها تأسيسها لأول مدرسة للتمريض في مصر، وقد كرمها الرئيس السادات بمنحها جائزة الدولة في العلوم والفنون، وتوفيت سنة 1999 بعد رحلة مع الطب والحياة كانت عامرة ببذل الجهد والعطاء.
والغريب حقا أنه ورغم تفرد وتميز الطبيبة الرائدة كوكب حفني ناصف، إلا أنها لم تحظ بنصيب شقيقتها ملك حفني ناصف من الشهرة والصيت، فهل يهتم إعلامنا بتسليط الضوء على الطبيبة كوكب ومثيلاتها من الرائدات المصريات في مختلف المجالات وإعطائهن حقهن؟ أم يظل كما عهدناه لا يهتم ولا يروج إلا لتوافه الأمور.
زر الذهاب إلى الأعلى