ترك الدراسة و احترف الحلاقة حتى سن الأربعين …
كتب / خطاب معوض خطاب
الشاعر المكافح المجهول أحمد محمود عرفة …
نشأ أحمد محمود عرفة في حي من أحياء كادحي الأسكندرية فهو مولود في 1917م بحي القباري بالأسكندرية وسط عائلة مكافحة تنشغل بالسعي من أجل الحصول على لقمة العيش حتى أنه ترك الدراسة و هو في الصف الثالث الإبتدائي بسبب ظروفه المالية التي أجبرته أن يعمل صبيا في أحد محلات الحلاقة حتى أكرمه الله بافتتاح محل للحلاقة خاص به وحده .
استمد أحمد محمود عرفة ثقافته اللغوية من أصدقائه الطلاب و من زبائنه الذين كان يحاورهم و يتناقش معهم و خاصة أحد طلاب المعاهد الأزهرية الذي علمه أصول النحو و الصرف و العروض حتى أصبح يجيد اللغة العربية أفضل من خريجي المدارس المتخصصين و تفجرت موهبته الشعرية فأصبح يكتبب بالعامية في البداية ثم أصبح يكتب بالفصحى شعرا يقطر عذوبة و بلاغة يضارع شعر أكبر شعراء العربية .
احترف الحلاقة حتى بلغ سن الأربعين ثم تركها و افتتح محلا صغيرا يبيع فيه بعض الأدوات المكتبية و الخردوات . كان يكتب الشعر العمودي و التفعيلي و تناول في أشعاره كافة أغراض الشعر فكتب أشعارا وطنية و في الوجدانيات و الوصف و اتسمت قصائده بالصدق الفني و سلامة الطبع الشعري و عمق الإحساس بموضوعات قصائده و استطاع بموهبته أن يبدع أعمالا كشفت عن قدرته الواضحة عن التعبير و الصياغة الفنية و التأثر الكبير بالحركة الشعرية بمصر و العالم العربي .
من أشعاره :
يا أخي وحشتي تزلزل روحي و تتعري عنها جميل الثياب
مثل طير ينسل و يبقى في انتظار لكاسر غلاب
و
حتام تضرب في الدجى المقرور عاتية خطاك
مستوحش اللفتات مخضوب الخواطر من أساك
متضجرا ، ألم الشعور طوى النعيم و ما طواك
و ترى البروق تظنها نعمى فتوسعها مناك
فإذا بها ضحكات سخرية تطل في سراك
تمضي بنفسك كاللهيب على ذوائبه الهلاك
و
ابسمي و اطربي فإن البرايا تتملى الربيع في وجنتيك
و اسعدي قدر ما تحبين إنا قد رأينا الجمال يحنو عليك
و تثني فالناس بين سكارى و أسارى قلوبهم في يديك
و أشيري فالروح رهن التفات و اغمرينا بالسحر من مقلتيك
واسكبي في الرياض عطرك حتى تتغنى ما بين زهر و أيك
و اعصري للنديم كرم شباب فلذيذ الشراب في شفتيك
و اجلسي ساعة إلينا فإنا ملأتنا الأشواق ميلا إليك
قد تركنا أحلامنا في حياة و غنينا بلمحنا جنتيك
و نسينا الزمان إلا زماننا نورته اللحاظ من جفنيك
فاذكري المعجبين إنا فراش جذبته الحياة في ضفتيك
الشاعر أحمد محمود عرفة صدر له ديوان ظلال حزينة 1953م و ديوان ألحان من الشرق 1959م و بعد وفاته بسنوات في 1970م صدر له ديوان في دوامة الأحداث و ديوان على الطريق الأخضر و من عدة أشهر و تحديدا في يوم الثلاثاء 25 أكتوبر 2016م ناقش الباحث إسماعيل أحمد إسماعيل المعيد بقسم الأدب و النقد بكلية اللغة العربية جامعة الأزهر فرع أسيوط رسالة ماجستير بعنوان ( شعر أحمد محمود عرفة السكندري بالرؤية الفكرية و الإبداع النقدي ) .
و هذا يعتبر تكريما لهذا الشاعر المكافح الذي ابتلعه النسيان و لم تلتفت إليه الحياة الثقافية المصرية و لم يتذكره المثقفون المصريون أو يذكروه هو أو أعماله طوال حياته حتى مات محسورا شاكيا باكيا فقد كانت حياته كلها شقاء من أجل البحث عن لقمة العيش و مثلما كان فقره مفجرا لموهبته الشعرية فقد كان عقبة في سبيل صعود نجمه ، حياته الكادحة صنعت منه شاعرا و لكنها حالت دون تفرغه لإبداعه و لم تهيئ له المناخ المناسب للإندماج في الحياة الثقافية بل عاش طوال حياته و حتى موته معزولا يبدع و لكنه يعيش في دائرة الفقر و الشقاء و الحرمان .
المصادر :
جريدة القاهرة 11 مايو 2010م (محمد إبراهيم أبو سنة) .
المجلة العربية 29 أغسطس 2011م .
جريدة المساء 21 أكتوبر 2016م .
موقع البابطين لشعراء العربية .