إعداد صوفيا زاده
ملكة الأحلام
عن ابي هريره رضي الله عنه قال :
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
( لم يبق من النبوة الا المبشرات)
قالوا :
وما المبشرات ؟
قال : الرؤيا الصالحه
ويعني الحديث
اي لايبقي ، وقيل : هو علي ظاهرة ، لأنه قال ذلك في زمانه ، واللام في النبوة للعهد ، والمراد نبوته
والمعني : لم يبقي بعد النبوة المختصة بي إلا المبشرات ، ثم فسرها بالرؤيا
وعن بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كشف الستارة ورأسه معصوب في مرضه الذي مات فيه ، والناس صفوف خلف ابي بكر ، فقال :
يأايها الناس ، لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو تري له
وهذا يدل علي أن الرؤيا جزء من أجزاء النبوة ، وليس كذلك ، لما تقدم أن المراد تشبيه أمر الرؤيا بالنبوة ، أو لأن جزء الشئ لايستلزم ثبوت وصفه له ، كمن قال :
أشهد أن لا إله إلا الله
رافعا صوته لايسمي مؤذنا ، ولايقال أنه اذن ، وان كانت جزء من الأذان ، وكذلك لو قرأ شيئا من القرآن وهو قائم لايسمي مصليا ، وان كانت القراءة جزء من الصلاه
فالتعبير بالمبشرات خرج للاغلب ، فإن من الرؤيا ما تكون منذرة ، وهي صادقة يريها الله للمؤمن رفقا به ، ليستعد لما يقع قبل وقوعه ، ومن هنا يتضح من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الوحي ينقطع بموتي ولايبقي ما يعلم منه ما سيكون إلا الرؤيا ، ويرد عليه الإلهام ، فإن فيه إخبار بما سيكون ، وهو للانبياء بالنسبة للوحي كالرؤيا ، ويقع لغير الانبياء كما في الحديث ( قد كان فيمن مضي من الأمم محدثون …) وفسر المحدث بالملهم ، وقد أخبر كثيرا من الأولياء عن أمور مغيبه ، فكانت كما اخبروا
والجواب : أن الحصر في المنام لكونه يشمل آحاد المؤمنين ، بخلاف الإلهام ، فإنه مختص بالبعض ، ومع كونه مختصا فإنه نادر ، فإنما ذكر المنام لشموله وكثرة وقوعه ، وكان السر في ندور الإلهام في زمنه وكثرته من بعده ، غلبه الوحي صلى الله عليه وسلم في اليقظة ، وإرادة إظهار المعجزات منه ، فكان المناسب أن لايقع لغيره منه في زمانه شئ انقطع بموته وقع الإلهام لمن اختصه الله به ، للأمن من اللبس في ذلك ، وفي إنكار وقوع ذلك مع كثرته واشتهاره مكابرة لمن أنكره