بقلم الإعلامية معتزه أحمد مهابه
عشنا فى المغرب خمس سنوات ، و حقيقة الأمر ان المغرب من اجمل الدول التى تركت أثرا جميلا فى نفسى و فى نفس اسرتى ، فهى تتمتع بطبيعة خلابة تجمع بين الجبال الخضراء و الغابات و البحار ، شعبها شعب عاشق لمصر و المصريين ، و كانوا عندما يسمعون لهجتنا المصرية يستوقفوننا فى الشارع ليطلبوا منا ارسال تحياتهم لحسين فهمى و سعاد حسنى و ميرفت امين أما المطبخ المغربى فحدث ولا حرج من اشهى المطابخ التى تذوقتها فى حياتى ، و كان من أهم مميزات المغرب انك تستطيع زيارة أوروبا من خلال السيارة ، و هذا ما كنا نقوم به فى اجازة الصيف ، كنا نتوجه بالسيارة إلى مدينة سبتة المغربية المحتلة من اسبانيا لنستقل معدية تقلنا إلى مدينة مالاجا الإسبانية و من هنا نطلق بالسيارة لنستمتع بأجازة الصيف .. و فى إحدى المرات قررنا قضاء الإجازة كما تعودنا لكننا قررنا أن نقضى الليلة فى المدينة الساحلية طنجة ..
و فعلا امضينا يوما كاملا فى طنجة و استيقظنا فى السادسة صباحا لنلحق بالمعدية التى ستقلنا الى اسبانيا .. و انطلقنا بالسيارة و بما أن الوقت كان مبكرا فكان بعض الضباب يغلف الجو ، و كان والدى عادة يستعين بخريطة ليستوضح الطريق ، لا ادرى ماذا حدث تحديدا هذه المرة ، لكننا وجدنا الضباب يزداد كثافة و كلما تقدمنا فى الطريق ازداد الضباب كثافة و سمكا حتى بتنا لا نستطيع تمييز كف اليد اذا اخرجنها من شباك السيارة ، قرر والدى أن يتوقف و يترجل من السيارة ليحدد موقعنا ، فإذا به يفاجئ و هو يفتح باب السيارة اننا على حافة جبل ، ضاق بنا الطريق دون أن نشعر حتى أصبح اطارات السيارة تلامس حافة الجبل ، و اذا نظرنا إلى الاسفل لا نرى نهاية ، و لا نميز طريقا و لا نلمح طيف بشر ..
عدل ابى بالطبع عن فكرة الترجل من السيارة فلا مجال لموضع قدم ، و حبس الجميع أنفاسه لا نعلم كيف المخرج من هذا اليم ، و ما هو المصير الذى ينتظرنا .. طلب ابى منا جميعا ان نتلوا الشهادتين و قال لنا لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا ، لا مخرج لنا مما نحن فيه سوى عناية الله ، و صمت الجميع و بدأ ابى و امى فى تلاوة القرآن ، كانت سورة يس هى الملجأ الدائم لنا فى الأزمات ، و إذ فجأة ينشق الضباب عن رجل يجر حمارا .. مرت لحظات و نحن لا نعلم هل هو حقيقة أما سراب رسمه الضباب ، و تيقنا أنه حقيقة عندما سمعنا صوته يسألنا بأندهاش من نحن و ما الذى أتى بنا إلى هنا ؟؟ سأله والدى ما هو هذا ” الهنا ” فقال لنا هذا طريق لتهريب البضائع و المخدرات و من المستحيل أن تمر سيارة من هنا ، فكيف وصلنا لهنا ، لم تكن لدينا إجابة لأننا ببساطة لا نعرف .. كان لابد أن نعود ادراجنا ، و لكن كيف و ليس هناك مساحة لكى تستدير السيارة ، و كان الحل الوحيد و الخطير أن يعود ابى للخلف و أن يكون الرجل و حماره هو من يرشدنا ، و ان تفتح امى باب السيارة قليلا لتراقب عجل السيارة و تنذر ابى قبل أن ينزلق من فوق الجبل .. و بدأنا رحلة العودة للحياة ، رحلة محفوفة بالمخاطر و لا احد يستطيع أن يجزم بالنهاية …
استغرقت رحلة الخروج من الضباب حوالى خمس ساعات و السيارة ترجع إلى الخلف ببطئ شديد والانفاس محبوسة و ابى يتصبب عرقا و لكن غير مسموح له أن يفقد أعصابه أو يتوتر حتى نصل لبر الامان … لن اصف لكم شعورنا جميعا سأترك لخيالكم العنان … و لا ادرى كيف مرت تلك الساعات لكنها مرت و انقشع الضباب فجأة و قال لنا الرجل و هو يبتسم ابتسامة المنقذ المنتصر ” حمد الله على السلامة لا زال فى العمر بقية ” حاول أبى أن يعرض عليه اى مبلغ من المال لكنه رفض غاضبا و قال انتم ضيوفنا و لا يصح ابدا … و مرت سنوات طويلة و لازالت هذه الرحلة لا تمحى من الذاكرة و ازداد إيمانى بعدها بأن المعجزات لازالت تحدث فى هذا الزمن …