بقلم: عماد وديع
فى الوقت الذى تنتشرفى الدول النامية التى تسودها الأنظمة الدكتاتورية والشموليه ،وما يرتكب فيها من جرائم فى نهب البلاد وإفسادها، والقضاء على المفكرين والمبدعين والمتخصصين ، والأعتماد على الغير مؤهلين ، وإغراق شعوبهم فى الجهل والتطرف، ومع تراكم الديون، و قمع الحريات ومصادرة الأراء وسرقة موارد البلاد وخيرها .
نجد على النقيض من ذالك، ان هناك رؤساء استلموا بلادهم فى غاية الضعف والفقر، وايضا مع عدم توافر الموارد الطبيعية والبشرية، وعلى الرغم من ذالك، استطاعوا الوصول بدولهم الى مصاف الدول المتقدمة منهم على سبيل المثال :
رئيسة ملاوى جويس باندا
استلمت بلادها، وهى فى ضائقة اقتصادية خانقة ،وملايين من الجوعى، فأتخذت اجرأءات تقشفية، وقد بدأت بنفسها منها
خفضت راتبها بنسبة 30% ، وباعت 35 سيارة مرسيدس يستخدمها افراد حكومتها .
الغت حوافز ومخصصات كثيرة من الوزراء والمسئولين الكبار،كما قلصت عدد الموظفين بألسفارات والقنصليات .
وقد باعت الطائرة الرئاسية من اجل إطعام مليون جائع ، وعند سؤالها عن سبب بيع الطائرة الرئاسية بالذات ، قالت بألبلاد جوعى وصيانة الطائرة والتأمين عليها، يكلفنا 300 ألف دولار سنويا ، واضافت أن المسافرين على الدرجة الأولى والدرجة السياحية،جميعا يصلون على نفس المحطة وفى نفس التوقيت .
الرئيس البرازيلى لولا داسيلفيا عندما وصل للحكم فى البرازيل كرس حياتة كلها للفقراء ، لآنة كان واحد منهم، وخلال سنوات حكمه من 2003-2011 اوصل بلاده الى مصاف الدول المتقدمة . كمااستضافت بلاده كاس العالم 2014، ومن المفارقات أنه استلم البلاد، وهى مديونة ب 290مليار دولار ، ولكنه عندما سلم الحكم طواعية كان يقرض صندوق النقد الدولى 10 مليارات دولار، وعند مغادرتة قصر الرئاسة، بكى الشعب عليه وطالبه بتعديل الدستور، ليبقى فترة ثالثة ، فخطب فى الجماهير وهو يودعهم قبل ان يغادر القصر الرئاسى وهو يبكى، وقال انا ناضلت قبل عشرون عاما، ودخلت السجن لمنع الرؤساء ان يبقوا فى الحكم اطول من الفترة القانونية، فكيف افعل انا هذا فقد تعلمت ان احافظ على كرامتى، وأن أبقى مرفوع الرأس طوال حياتى.
لى كوان يو: رئيس سنغافورا
إستلم الرئيس السنغافورى البلاد، مفتقرة لمصادرالدخل ، وإرتفاع نسبة البطالة والفقر والفساد المسيطرعلى كافة مؤسسات الدولة، وبألأضافة الى التعدد الدينى المتصارع داخلها .
وقد قام لى كوان يو بعمل إصلاحى إدارى ومالى، وإتخاذ قرارات حازمة وصارمة ، كما سن القوانين التى من شأنها محاربة الفساد و ووضع العقوبات الصارمة لمخالفى القانون، مما ادى ذالك الى الإستقرار بألبلاد، وكما نزل الى الشارع وتقرب الى الشعب وشارك فى تنظيفه مع الفقراء من شعبه.
وكما قام بترسيخ مبدأ الد يمقراطية ، وحرص على ضمان الشفافية فى اجراءأت الأنتخابات لضمان نزاهتها، كما حرص على ترسيخ مبدأ الإشتراكية الغير شيوعية للجميع ، وان يكون الجميع خاضعين لنفس القوانين والمبادىء على السواء،و دون استثناء او محسوبية .
وعمل لى كوان على ايجاد مساحة واسعة لحرية الأديان وممارستها معاً بحرية وسلام للجميع، وهى الإسلام والمسيحية والبوذية .
وفى مجال التعليم، قام لى كوان على إصلاح نظام التعليم ، وعمل على الحصول على تخريج العقول المفكرة و الأيدى المنتجة ، فكان لكل طالب له الحق فى اختيار الدراسات والتخصص على حسب المستوى الذهنى ، والقدرات الخاصة بكل طالب، وبعد التخرج يكون التعين مبنياً على الكفاءأت والإستحقاق ولا مجال للمحسوبية او للوساطة .
وفى مجال مكافحة الفساد ، أنشأ جهازاً خاصاً بالتحقيق فى قضايا الفساد ومكافحتة ، وإعطاء هذا الجهاز كافة الصلاحيات وايضا الحق فى الإطلاع على الحسابات والذمم المالية الخاصة بألمتهمين المشتبه بفسادهم، وينطبق ذالك على كل عائلة المتهمين بألفساد.
كما قام لى كوان بأعلان الإستقلال لدولة سنغافورا ، والحصول على الإعتراف الدولى بإستقلالها.
بألإضافة الى ذالك، قام لى كوان بتسليح وتقوية الجيش ،كما طلب المساعدة العسكرية من الدول المجاورة ، فى تنمية مهارت الجيش وقواتة المسلحة ، ذالك لتعزيز قدرات بلاده العسكرية والأمنية.
وفى مجال الإعلام تم منحه بالإستقلال الكامل ، وحرية الرأى والصلاحيات المتعلقة بألنقد والكتابة والنشر عن الحكومة وشخصياتها كاملة، بدون محاذير،ذالك نابع من قاعدة النزاهة والشفافية ، وبذالك يكون كوان لى قد نجح فى خلق بيئة جيدة محيطة داخل دولة مدنية بشكل حقيقى ، تتأخر فيها المصالح الشخصية لصالح المصلحة العامة ، وتتغلب النزعة الوطنية على النزعة العرقية ، والطائفية ، والدينة ، ويتساوى فيها الحاكم والمحكوم أمام المحاكم .
وقد جعل كوان لى من سنغافورا ارضاً خصبة للأستثمارات الأجنبية ، ومقصد دائم من اكبر واضخم الشركات العالمية ، الأمر الذى خلق الكثير من الفرص والمجالات المتسعة ، لأبداع المواطن السنغافورى ، وقد نقل هذا سنغافورا من جزيرة فقيرة فى الموارد الطبيعية ، الى احد النمورفى منطقة جنوب شرق اسيا ، واصبحت من اهم الدول التى يشار إليها عالمياً ، وتحتل المركز الحادى والأربعين بين دول العالم فى إجمالى الدخل القومى ، والمركز السابع فى دخل الفرد 62.5 الف دولار سنوياً، وإنخفاض البطالة الى 3.1 % طبقاً لأحصائيات 2015وبالإضافة الى إنشاء سوق عالمى داخل سنغافورا، التى أصبحت تتميز بمناخ استثمارى متطور، وبيئة سياسية وإجتماعية خالية من الفساد والمحسوبية .
واخيرا نجد من التجربة السنغافورية، قد اثبتت ان نهوض الدول وانتعاشها وتقدمها ،لا يعتمد فقط على ما تملكه الدولة من موارد ومصادر طبيعية، فكثير من الدول تمتلك تلك الثروات ومع ذالك تقف بعيدة وعاجزة وفاشلة بفضل حكامها، و بدل ان تكون من اقوى الدول إنتاجاً، نجدها من اكثر الدول استهلاكاً ، واستيراداً للسلع والمنتجات.
ونصل الى نتيجة تؤكد بأن الاستثمار الصحيح للنهوض بالدول، هو استثمار المواطن ، والقضاء على الفساد.