كتبت إيناس رمضان
” عزيزة حلمي ” أو كما اشتهرت في الوسط الفني ” ماما عزيزة ” بحنانها المتدفق وصوتها الرخيم التي منحت أغنية ست الحبايب مذاقا آخر وأضافت لها الكثير رغم أنها غناء الرائعة فايزة أحمد وكلمات المبدع حسين السيد وتلحين موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب ولكن عند مشاهدة عزيزة حلمي في أداء دور الأم الطيبة ذات الملامح التي تشع بالرضا، الفرح والشجن في آن واحد مصاحبا للصوت الدافئ لفايزة أحمد تشعر حقا وكأنك بين أحضان ست الحبايب فمن منا لم يبكي تأثرا بتلك الأغنية.
الفنانة ” عزيزة حلمي ” ممثلة مصرية ولدت في مدينة الزقازيق بمحافظة الشرقية درست بالمعهد العالي للفنون المسرحية لكنها لم تكمل دراستها ويرجع الفضل لصديقتها فردوس محمد وزينب صدقي للدخول في مجال الفن والتمثيل رغم اعتراض والدها الذي ظل مقاطعا لها حتى وفاته.
قدمت أكثر من مائتي فيلما والتصقت بها أدوار الأم وأدتها ببراعة فائقة رغم أنها حرمت منها في الحياة بعد وفاة ابنها الوحيد وكانت سعيدة بذلك وقد صرحت في أحد البرامج أن دور الأم هو الأجمل سواء في التمثيل أو الواقع وأنه لا توجد أم مثل الأخرى.
وعلي الرغم من ذلك لا يعرف الكثيرون أن بداية الفنانة عزيزة حلمي كانت في فيلم “حياة وآلام السيد المسيح” حيث جسدت دور “السيدة مريم العذراء” وقد أدت دورها بإتقان وبراعة فقد وهبها المولى (عز وجل) ملامح بريئة وصوتا دافئا وهالة من النور والإيمان تحيطان بها فيجعلك تشعر بحالة من السكينة والاطمئنان وصدق لما تجسده تلك الفنانة القديرة .
فيلم حياة وآلام السيد المسيح هو أول فيلم عربي مصري تناول رحلة العائلة المقدسة وما تعرضت له من معاناة وآلام وهو إنتاج الشركة العربية للسينما عام 1938 رغم أن السينما المصرية كانت مازالت في بداية عامها الثاني عشر وقد حصل علي موافقة ” محمد مصطفى المراغي ” شيخ الأزهر آنذاك،
وكتب الحوار الأب “أنطوان عبيد” أما عميد الأدب العربي “طه حسين” هو من قام بمراجعته وكان عميدا لكلية الآداب في ذلك الوقت وقام بإخراج الفيلم ” محمد عبد الجواد”.
شارك عزيزة حلمي البطولة الفنان ” أحمد محمد مصطفى علام” وشهرته” أحمد علام” وجسد شخصية المسيح بصوته، وعدد من الفنانين منهم سميحة أيوب وسعد أردش وتوفيق الدقن واستيفان روستي وعبد السلام محمد.
وقد التزم كل القائمين على الفيلم بنص الكتاب المقدس مما جعله ينال إعجاب الكنائس والأقباط وقد تم عرضه في العديد من دور السينما المصرية في القاهرة و الأسكندرية.
وحضر عدد كبير من المثقفين والفنانين العرض الأول من بينهم المفكر عباس محمود العقاد والموسيقار محمد عبد الوهاب ومن الفنانين نجيب الريحاني و يوسف بك وهبي وعلي الكسار وأنور وجدي ومن الفنانات ماري منيب وليلى مراد وغيرهم.
فيلم حياة وآلام السيد المسيح يعد من أهم المحطات في تاريخ السينما المصرية ورغم ذلك سقط في طي النسيان.
رحلت الفنانة القديرة عزيزة حلمي في 18 إبريل عام 1994عن عمر يناهز 65 بعد أن أهدت السينما المصرية العديد من الأعمال الخالدة في الأذهان إلي الآن وكان آخر أعمالها الجزء الرابع من مسلسل القضاء في الإسلام وفيلمي خادمة ولكن واللعب مع الشيطان.
